أقلام ثقافية

في اليوم الوطني للشعر.. مفدي زكريا شاعر (القضية)

fatimaalzahraa bolaarasجميل أن نحتفي بالشعر والأدب جميل أن نربط احتفاءنا بأسماء كبيرة كان لها باع طويل في ميادينه الواسعة ولكن الأجمل أن يكون احتفاءنا مثمرا واحتفالنا مزدهرا فيه عمق وفيه حكمة وفيه تطوير وليس كما نرى مجرد ملء فراغ وتنظير

ارتبط يوم الشعر في الجزائر بذكرى وفاة الشاعر الكبير مفدي زكريا (الغني عن التعريف) فهو كاتب نشيدنا الوطني وكاتب إلياذتنا وصانع مجدنا الشعري إن صح هذا التعبير

نعم كانت ثورتنا كبيرة لأن الظلم كان كبيرا وكانت تضحياتنا كبيرة لأن الهدف  كان نبيلا وكان (مفدي زكريا) هو نبي الشعر الذي أرسل مع الثورة مجاهدا وشاعرا ومن الثائرين فعرفناه يذكر بالثورة وتذكر به كوجه منير يعبر عن اتحاد كل طبقات الشعب الجزائري والتحامه حول قضيته الأولى والأهم :قضية الحياة ؟؟

نحن ثرنا فحياة أو ممات*1

وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر

فاشهدوا فاشهدوا فاشهدوا

نعم من اليوم الأول رفع مفدي زكريا اللواء لواء الجهاد وأمسك مفدي ريشته و نقعها في دواته بل (دمه) ليكتب فصول الأسطورة أسطورة الحياة؟؟

أسطورة الشعب الذي انبثق من رماده بتصميمه وعناده

كان الزمن طويلا والحفير عميقا والطريق شاقا لكنه كان مثمرا وتوج بالنصر المبين.

وكان مفدي زكريا يمثل هذا الزمن الذي طال وأحس بذلك الحفير العميق الذي نخر فؤاده كما نخر أمته وسار في الطريق الشاق روحه على راحته وأشعاره تلهب وجدانه يواكب فيكتب يجاهد فيسجن يصرخ فيكمم فمه لينطق قلمه وتعذب روحه ليضئ قلبه ويحرق فؤاده فينثررماده بين الجبال الشامخات الشاهقات

هو شاعرنا ورائدنا وأميرنا وصفينا الذي سجل (حياتنا) التي انطفأت وعزتنا التي قُبرت ولا تكفي الكلمات لتخليد اسم من خلد اسم الجزائر لولا أن اسم الجزائر سيظل خالدا بين الأمم بكلماته التي حفرها في القلوب وحروفه التي بذرها في الربوع 

الجزائر   مطلع الكائنات*2

الجزائر أرض المعجزات

الجزائر وجه الله الضاحك القسمات

الجزائر التي نبضت وخفق قلبها يوم تغنى بها شاعرنا الكبير

وهكذا كان مفدي زكريا كأبطال الإلياذة عملاقا وخالدا  بلهبه المقدس وإلياذته المباركة. ولمع في سماء الشعر  نجما وحيدا متفردا ساطعا لا يطال ولا ينال لا لأنه فيلسوف يتقن التلاعب بالالفاظ والتنابز بالأضداد وتحقير الأنداد بل لأنه آمن بقضية أمة وتيقن من أن حقها في الحياة هو حق مقدس فاختار طريق( اللهب المقدس*)

مفدي زكريا الذي آمن بجلالة نوفمبر

نوفمبرجل جلالك فينا* 3

ألست الذي بث فينا اليقينا

هذا المفدي (الكبير) لم نقرا عن ألقابه ولا عن جوائزه ولا عن شهرته لكننا قرأنا عن وطنيته وجهاده قبل وبعد وأثناء معركة( الحياة)

لم يكن  وراء شاعرنا إعلام قوي  لكن كان معه قلب مخلص وفي لا يهاب الردى

لم يكن له لقب (عميد) ولا (أمير) ولا (لواء) ولا.......كلمات خواء

كان هو كذلك عميدا على الأدب بفكره المستنير

أميرا على البحور بحرفه المتقد

لواء على القصور بسيفه الممتشق

يكتب عن الجزائر فينصهر فيها ويذوب

يكتب عن حجرها فيكون حجرا

يكتب عن شجرها فيتماهى غصنا مثقلا بثمار الحب

يكتب عن ماضيها فيفتخر

يكتب عن حاضرها فيفتخر

وعن مستقبلها فيأمل لا يختصر

لهذا كان مفدي زكريا (شاعرا) بحب ولم يكتب عن الهوى

شاعرا بعشق ولم يكتب عن الغرام

شاعرا دون منازع لأنه لم ينازع سوى الظلم ولم يقارع سوى الموت فكانت له الحياة وكانت له الريادة وكان له الوفاء.

وسيظل مفدي زكريا مثل بن مهيدي* ومثل عميروش* ومثل البركة*4  ومثل الكثيرين من أوفياء الجزائر الذين لم يعيشوا إلا من أجلها ولم يموتوا إلا في سبيلها

سيذكر مفدي زكريا مع الشهداء لأنه كتب بدمه مأساة زبانا

وسيذكر مع المجاهدين لأنه أدرك أعباء الجهاد الأكبر وابتلي بما ابتلي به المخلصون والصادقون.

وسيذكر مع الشعراء لأنه رائدهم وكبيرهم الذي صدح  بشعر:

 شغل الورى وملا الدنا*5

تسابيحه من حنايا الجزائر

 

فاطمة الزهراء بولعراس

..............

توضيح

*1  مقطع من النشيد الوطني الجزائري

*2 من الإلياذة

+3  من الإلياذة

*4 من شهداء الجزائر وابطالها

*5 لازمة الإلياذة

 

 

 

في المثقف اليوم