أقلام ثقافية

في أعمال الفنانة عائشة الزوالي

لوحات متعددة الألوان والأشكال ولكن يجمع بينها سحر الذات التونسية...

ماذا يقول اللون للذكرى ..هل يمضي الى طفولته أم يسحب شيئا من حكاية السنوات والأزمنة وهل يعود الى ما يمكث أمامه من حرقة القادم المفعمة بالأمل والبهجة العارمة .

هكذا عن للفنان الذاهب تجاه أمكنته بحلم الذات... هذه الذات التونسية التي تحمل هوية في طيات فنونها وفكرها وثقافتها في مواجهة الذوبان والعولمة الموحشة التي تهوي بفؤوسها على ما هو خصوصي وعميق ..

هي تعويذة الفنان عبر تلويناته وشغفه التشكيلي تأصيلا للذات وقتلا للرعب الكامن في الثقافة المتغولة والمتوحشة التي لا تقبل الثقافات الأخرى وفق نزعة ضد حقيقة الثقافة ذاتها باعتبارها السياج المنيع ضد ما هو استهداف للجميل والبديع والحسن ضمن هذا المنجز الانساني ..

هكذا نلج عوالم الفنانة التشكيلية عائشة الزوالي التي تسافر بنا في عوالمها الممتعة جماليا فهي الرسامة التي تمنح لوحاتها شيئا من وجدانها لنجد حيزا من سيرتها منذ طفولة أولى بين سحر اللون لنصل الى الآن والهنا لديها وهي المتشبعة بعطاء الجذور وأسرار الينابيع.

" المرأة والجرة " و" سيدي بوسعيد " و" المرأة بالسفساري " و" البورتريه الشخصي " وبورتريه السيد محسن رفيق الدرب " و" الأبناء " والأحفاد " والمزهرية " و" الطبيعة الميتة " و" الرسم الخطي " والمشاهد البدوية " من تقاليد اللباس والعادات بالساخل بين المهدية وسوسة ...و الى غير ذلك من اللوحات متعددة الألوان والأشكال ولكن يجمع بينها هذا السحر الزوالي حيث وراء هذا الابداع رحلة مع رجل نبيل متذوق للفن وهو الدكتور محسن الذي كان مشجعا للطفلة الرسامة والفنانة طيلة مسيرة ودرب وهي عائشة وبما يحمله الاسم من دلالات ثقافية عربية واسلامية ومن وجدانيات وشموخ ...

( الأقواس...الأبواب ....الحوانيت... الباعة... الرجال.... صخب الأطفال...... لكل هؤلاء و

 لأجلهم ..تلتحف المرأة بالدهشة... وبالبياض ..) ..

هذا ما علق بالذاكرة من قصيدة امرأة المدينة وأنا أجوب شوارع لوحات عائشة وهي متعددة...لوحات بالزيتي وهناك أعمال بالخط بالأبيض والأسود فيها الكثير من عناد الرسامة ودأبها وقناعتها بأهمية الفن التشكيلي..

منذ الخطى الأولى وبالمرحلة الثانوية كان الغرام بالرسم لدى عائشة وصولا الى فترة الجامعة نهاية الستينات وكان السفر الى أنقلترا  ومرحلة التدريس بالثانوي ثم كان التعلم وفترة الدروس عند الفنان جيرار ديماثشو  بين قرطاج والمرسى وسيدي بوسعيد ..و تعلمت عائشة الرسم الذي انضاف الى الموهبة التي سبقته ثم تواصل ذلك مع الفنان  الايطالي  جيرار كيتشوفاني  وتواصل معه التعلم والتقنية بالخصوص ..

نصل الى معرضها بقصر خير الدين ضمن معرض جيرار أي المعرض المشترك والثنائي في سنة 2010  ثم المعرض الشخصي سنة 2013  بفضاء المعارض بمتحف سيدي بوسعيد الهادي التركي حيث كان جيوفاني ضيفا بعدد من لوحاته المعروضة ..

النشاط الجماعي تعدد ضمن جمعيات مختلفة حيث ترى الفنانة عائشة العمل الجمعياتي بمثابة الحضن الثقافي للفنان والرسام فكانت الأنشطة ضمن جمعية الفنانات المغاربيات جمعية نوارس والاتحاد العربي للمرأة المتخصصة .

بعد ذلك تعددت معارض الرسامة عائشة الزوالي الفردية منها والجماعية وبخصوص الفن والرسم ترى عائشة أن الابداع التشكيلي مجال لابراز الذات المبدعة ولذلك هي تشجع الآخرين على تعاطي فنون الرسم لما فيها من تربية على الذوق والجماليات والسلوك والتفاصيل الحياة وهي ترسم كل ما يحيل الى الروح التونسية ومضاهر تجلياتها من مشاهد وعادات ولباس وفق رسالة ترسلها من أعمالها وتبثها عبر لوحاتها مفادها هذه الذات التونسية..

هذا تجوال رائق في أعمال فنية لرسامة تبزغ البسمة من محياها كطفلة تحتفي بحكاية الذات وفي يدها علبة تلوين... انها الطفولة الأخرى لدى رسامة من هنا التونسية والآن الأخضر.. اسمها بالأبيض والأسود عائشة وبالملون الزوالي... مرحى للألوان ترتدي كلماتها من بهجة الحالة التونسية ضمن عنوان بهي وأصيل..

 

  شمس الدين العوني

 

 

في المثقف اليوم