أقلام ثقافية

المعلم والعلم.. محاورة مع بروفسور m

akeel alabodصاحبي قال لي ذات يوم ان العلم اقصى انواع التدين، سألته للتوضيح فاجاب بطريقة هادئة: أني اكاد ان اموت، اختنق احيانا لكي استأنف رحلتي مع الكتب والكلمات، وصولا الى الفكرة.

 احيانا اشعر بالملل والعجز، أصدقائي يسافرون مع عوائلهم، أومع أقربائهم في العطل الى ولايات امريكا  وكندا، يذهبون لمشاهدة Niagara Falls، او Grand Canyon، او Las vagus اما أنا، فلا امتلك الا هذه الكتب التي ابحث فيها، والمراسلات الخاصة بيني وبين أساتذتي، وهم يسألون عن هذا المقطع اوذاك.

الأسبوع يمر، والشهر، والسنة بسرعة فائقة دون ان اشعر،  فالانشغال بالبحث يتطلب جهدا يكاد ان يجعلني حبيس الضغط، ، لان الفشل  في بحث الموضوع الفلاني معناه عدم القدرة على النجاح، وهذا يقتضي استبدالي بشخص اخر، وانا لا اريد ان افقد موقعي،  هذا الذي اعتبره اثمن رأسمال حصلت عليه بعد رحلة من الدراسة والشقاء استغرقت طوال وجودي في هذا البلد الذي تفضل علي بتكملة دراستي ابتداء من البكالوريوس، فالماجستير، والتقديم على الدكتوراه، بعد ان حرمت من حقي التعليمي في العراق إبان فترة سبعينية مضت.

توقف صاحبي عن الكلام متطلعا الى الزاوية البعيدة من ستاربوكس مكتبته المفضلة، وراح يتطلع الى رف اخر من رفوف المكتبة الخاصة ب Eastern Religions، وبعدها انصرف معي الى احتساء قهوته الستاربوكسية، سألته عن سبب اختياره هذا المكان، لم يجب، ثم أردف قائلا حين سألته عن كيفية قضاء وقت الفراغ:

هل تعلم ان الفراغ بالنسبة لي هو كتابة كل ما يدور بذهني من موضوعات، وظواهر سياسية، ادبية، ثقافية، اوعلمية، وإرسالها في وقت متاخر بعد منتصف الليل الى موقع المثقف الذي يعد واحدا من انسب المواقع التي أدركتها مُذ بداية تجربتي مع المواقع الالكترونية.

اخيراً وبعد ان تنفس الصعداء، أعاد متصنعا ابتسامته صاحبي الذي قال في نهاية الكلام العمل مع الكتب اقل وجعا للرأس من رؤية هؤلاء الذين يسرقون ويمتصون دم بلدهم، اقصد ثرواته، مثلهم مثل هذا الذي كنّا نسميه قرادا.

وهو نوع من انواع الحشرات التي تمتص دم الحيوان.

اذن دعني يا صديقي هكذا حتى الموت، دعني لان أكون مقاتلا، وذلك، اي قتالي يرتبط موضوعه مع مقولة القلم،  وهي "نُون والقلم وما يسطرون"، وهذه الآية مرتبطة مع "ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا" .

لذلك سؤالي، ختم صاحبي محاضرته معي بهذه الديباجة:

لماذا لا توجد سورة السيف في القران، لماذا توجد سورة القلم، ولماذا قال ربك في احدى آيات سُوَر، البقرة "ومن يؤت الحكمة فقد .." ، ولماذا قال جبرائيل لسيدنا محمد ص "اقرأ"  اذن العلم، هو اقصى انواع التدين، فبه نحافظ على اواصر محبتنا مع باقي الثقافات، والأديان والحضارات، وبه يحترم الانسان حياة أخيه الانسان،  ولهذا تراني مستميتا لأداء مسؤوليتي الاخلاقية تجاه ذلك.

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم