أقلام ثقافية

يحيى السماوي في: حديقة من زهور الكلمات.. راكب أمواج ينزف قلمه زبداً على ثغور المدن

intwan alkazziتفيء يراعة يحيى السماوي الى مائدة الضوء، تولمُ للأقباس رقصة القناديل، وتسرجُ للسطور حروفاً اوقدت لليل مشاعل الغجر.

هو الكاتب اللمّاح، ينازل القصيدة في كلَّ فصولها، هو البليغ الجوّاد يغدق على المعاني أبهى مواسمها، وهو السنبلة التي تغادر بيدراً لتحلّ في الف بيدر.

يحيى السماوي، يخرج ولا يقفلُ الأبواب، خلفه العصافير تطرّزُ الأقواس، تعانق القبابَ وتشمخ كالمآذن تعانق السماء.

ليس للضفَّة انهارٌ،  ليس للوردة أمطار، وليس لليل أقمار، بل هي «حديقة من زهور الكلمات»، جمعها يحيى السماوي باقاتٍ من نعاس الياسمين، من خجل الاقحوان، من عبير الآس ومن تواضع البنفسج، فبات قميصُه معصرة عطرٍ يدلفُ به الى سكون الهمسات ، تروده غزالة الأقلامِ التي ترعى من سطور يحيى السماوي عشبَ الهزيعِ  الأخير.

لا زمنُ الطواغيت، ولا المجاهدون الزور ولا المحاريث الضائعة استطاعت ان تُغيّر الريقَ في محبرته، ولا الغيومُ الدامعة رذاذاً اسود طوّعتْ مقاليعَ صخره، ولا الرياح التي تذرُّ الجراح غيّرت بوصلة مواجده، بل بقي القبطانَ الواعي والفارسَ المقدام والشاعر الذي يبني للقصيدة أاسوارها الحصينة.

مملكته وديعة  من الخالق ، ترودُها طيور الأهوار وتزيّنها جنائن بابل وتثقل اغصانها قوافي السماوة.

يرسم لفراشاتها قُبلاً عى شفاه الريح، ينسج لها اثواباً من أكمام الغمامات، وعلى رموش الغسَق تتدلّى أراجيحُ اسحاره.

يهربُ السماوي من زمنِ النعوش والحرائق، من ساسة «المنطقة الخضراء»، من التوابيتِ المحملّة برماد الظالمين، يتوكأ على عكّازِ الرجاء ويطلقُ سراح مُقلتيه حيث الحبيبة حوريةً ترسم الشفاه لامرأةٍ صحا الشاعرُعلى مفاتنها وبات أسيرَ عشقها ينحت لها تمثالاً من القبلات.

يحيى السماوي في «حديقة من زهور الكلمات»، ساحراً كما عرفتك، ملهماً كما عهدتك، لم تترك للوقت الضائع مساحةً في قاموسِك، وبين الشعر والنثر تبقى  راكبَ أمواج أتعب المعاني وما زال قلمُه ينزف زبداً على ثغور المدن.

 

أنـطـوان الـقـزي

رئيس تحرير صحيفة التلغراف الأسترالية

 

في المثقف اليوم