أقلام ثقافية

الشعر من الجواهري الى سركون بولص

wadea shamekh2يا له من كائن عجيب  المسمى شعراً، فهو ماء ينزل من السماء  مطرا، ثلج من اعالي الجبال، بئر من اعماق الأرض، اعصار، جنون .

الشعر لا أب له ولا وارثين، له وحده السمو والبقاء وهو يرتدي العطر من بساتين  الشعراء وأرواحهم .. فمن يريد ان يرتدي جبة الشاعر عليه ان يكون طفلاً ومجنوناً، رائياً  وحكواتيا معاً.

عامٌ  بعد عشقٍ  يرسخ الصالون الثقافي طقسا جماليا سنويا، وها نحن نطل عليكم في مهرجان سادس  للجواهري  بحلّة سركون بولص.. فسلاما على العراق..

من الجواهري الذي نزع عمامة التقوى في مظانها  وارتدى عرقجينة مثيرة  الى فتى كركوك  الذهبي، نرسل الشعر والجمال زاجلاً  للجدل لا للتبعية، فاذا كان الجواهري شاهداً على حياة عراقية  تمتد الى قرن من الزمان عاش  الملكية  يصول ويجول في أروقة الديوان الملكي، وله فورة الشاعر المعارض في صحف حمراء، وكان جمهورياً  أيضا شهد سقوط  أربعة  من رؤسائها، حتى  صار الأمر الى دكتاثورها الأرعن – صدام حسين-، فشيع الجواهري العراق الى غير رجعة مستقراً بروحه في مقبرة غرباء دمشق، وكان حفيده صنوه الفتى الكركوكي العراقي  جلجامش الأشوري الصانع الكبير الذي  شهد العراق  شهراً ولم يصمه، ورأى هلاله فافطر على عسل الشعر، كان سركون نافراً  لاحظَ له  مع الملوك والاباطرة، وله مع اللغة  خيار شعري طويل، والجماعة  قدر يتخطى الأجيال وصوتٌ  عميقٌ  للأسئلة من منابعها، اختار اللغة العربية وهو الاشوري المدجج بتاريخ لغة ماثلة الرسوخ في التاريخ الجمعي لقومه، ولكنها اختارها وعاءً  مع فتية من أهل الصفوة في كركرك  وشكلوا تيارا حداثيا في مسار الشعر العراقي الحديث، وصاروا  أشهر من شعر على سارية سميت  ب" جماعة كركوك " .. لونها الشعر ولغتها العراق  ولا بيان لها سوى الابداع، وسركون ابنها الوسيم  صار أحد أعلامها.

 تفرد سركون بهوسه بالشعر حتى الجنون، نافراً من واقع اليوم، راكباً موجة الهجرة الى مدينة " أين "  ماشيا الى بيروت قبلة الشعر والابداع عام 1966 حتى عاش الحياة " في الأكربول" معتنقا شرارة الشعر في " الأول  والتالي " وحمل " الفانوس في ليل الذئاب" حتى  نام في مركب نوح، و"لدغ العقرب في البستان"،  وكان شاهدا على "عظمة  اخرى لكلب القبيلة"،وله لسان ترجمان عذب زرع فيه بساتين من جواهر الكلام الى اللغة العربية، ولعل ديوانه في اللغة الانكليزية  " شاحذ السكاكين " مع مقدمة للشاعر الكبير أدونيس يشكل  الدليل الأكيد على مكانة سركون في خارطة الشعر العربي والعالمي ..سركون وسيم الشعر احتفت به كبريات المجلات العربية والمحافل الشعرية والمواقع الثقافية والعواصم المدنية، أخلص للشعر حتى المنتهى، ركب قطارالشعر  وقوارب المخاطرة في عالم الابداع فابدع حتى الموت الذي قطفه بأذرع  الخبيث السرطان  في  برلين ..ونحن  احفادهم " الجواهري في  نزوعه للرحيل عموديا  وسركون في حفره العميق  في متاهات الروح الانسانية والوجودية  ليرسمها نصوصا  وقلائد شاخصة في جيد الشعر العربي  الحداثوي " سلاما لروحيهما  ووفاء منا نفتتح مهرجان الجواهري  السادس  مطرزا بعطر سركون بولص   ومخضبا بقوافي الجواهري الكبير .. "

 

وديع شامخ

 كلمتي في مهرجان الجواهري السادس  - دورة سركون بولص.

 

 

في المثقف اليوم