أقلام ثقافية

العدالـــة في الصورة هي سر بقاء الأمم من أجل حياة أفضل

mohamad bounilذات يوم توعدت مع صديق لي على أن نلتقي، تواعدنا كعادتنا أن يكون ذلك في كفيتريا جميلة بفضائها وتتميز بنوعية خدماتها الرائعة، أخذنا مكانا لنا على طاولة في إحدى زواياها، بعد ذلك رن هاتف صديقي تكلم مع المتصل وأرشده على المكان الذي يتواجد به، بعد حين فترة من الزمن لم تكن بالطويلة، حضر ذلك الشخص، هو شاب في نهاية عقده الرابع، أخذ مكانه على الكرسي وبعد ذلك طلب قهوة من النادل، قام صديقي بتقديمي له وعلى نفس الوزن بتقديمه لي، فأخذ يقول لي "محمد أقدم لك صديقي هو أيضا يحمل إسم محمد مثلك"، وكعادته صديقي من دواعي التخفيف عن مرضه "السكري" كان يمازحني فقال عن صديقه " أحب أعرفك بصديقي محمد عايش في الماريكان ويخدم مع أوباما وكم من المرات يقول لي تعال تخدم معانا فأرفض ذلك مرارا وتكرار... لحظتها ينفجر الجميع بالضحك.... هههه، بالفعل هو عايش في أمريكا ولم يستقر على عمل واحد آخره سائق طاكسي، علما أن مستواه ليسانس في الرياضة.."

وبعد وقت ليس بالطويل أصبحنا محمد (المتحدث) ومحمد الآخر وكأننا نعرف بعضينا منذ عقود، وقتها طرحت هذا السؤال على محمد الآخر أقصد بذلك المغترب (إبتسامة) وكنت دائما أحتفظ بالإجابة عنه، وسبحان الله وكأن عليه ذلك الشخص أي محمد المغترب، كان يقرأ أم أفكاري، فقال لي " تفضل..." وصديقي هو الآخر جالس معنا، قلت حينها " ما هو سر بقاء أمريكا على حالها واقفة شامخة تدير العالم وشؤونها الداخلية بعقلانية وحكمة عالية بالرغم من كثرت الناس عندها ومن كل الأعراق والأجناس، وإنصهار المجتمعات فيها فشكلت نسيجا بشريا متماسكا، بالرغم من إختلاف مشاربها، شو هو السر في ذلك؟ أجابني بعبارة بسيطة " في أمريكا لو يقع إختلال في منظومتها الداخلية في قطاع حساس جدا وهو بمثابة جهاز عظيم لأمريكا ويعتبر شعارها في الحياة فيما بينها وفي أغلب الأحوال أو لنقل دائما ما تريد تصديره لباقي دول العالم كنموذج يحتذا به، قلت له: " شو هو يا أخي محمد؟ فأجابني: " أمريكا قائمة على جهاز - العدالة - " يواصل قائلا: " إذا ما أصاب هذا الجهاز العظيم خلل ما في بلاد العم سام، لتودع بذلك البلاد والعباد فيها..." خلاصة ليس الإقتصاد والسياسة وووو غيرها من القطاعات هي من تسوي الأمور بين ذلك المزيج الهائل من المجتمعات المنصهرة في ذلك الفضاء الواسع والشاسع من بلاد "أبراهام لينكولن" الرئيس السادس عشر لتلك البلاد أميركــا وأحد رموزها، إذ يعتبر قدوة في تلك البلاد فيقتدى به كشعار يفيض بروح المواطنة والإنسانية ...

تبقى العدالة في الأخير هي السيدة ومفتاح خير، لكل الناس بما فيهم المستثمرين سواء الأجانب أو من السكان الأصليين لتلك البلاد التي إستطاعت توحيد الشعوب عندها من خلال جهاز العدالة، هذا يذكرني بقول الرسول محمد صل الله عليه وسلم لـ جعفر إبن أبي طالب (إبنه عمه)، " إذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك عادل لا يظلم عنده أحدا..."، ولم يقل لهم إن إقتصاد الحبشة وباقي القطاعات فيها، هي على أحسن ما يرام فيجب التوجه إليها، بل ذكر "العدالة " وبس!

 

محمد بونيل - فنان مصور فوتوغرافي وكاتب مساهمات فنية

 

 

في المثقف اليوم