كتب واصدارات

راشد الأحمد: هكذا قتل إبراهيم اليوسف آباءنا!

940-ahmadلا يمكن وصف أيّ عمل أدبي بالحالة الكاملة حتّى إذا ما وصل إلى أعلى تجلياته أو أبهى صوره، والشّعر وهنا نقصد النثر ، يصل إلى مرحلة التكامل البنيوي عندما يتوفّر في العمل الذّات الحقيقيّة ،"اَستعيدُ أَبي " هي مجموعة نثرية حديثة ،يوليو 2016صادرة عن دار : أوراق للنشر والتوزيع ،للشاعر "إبراهيم اليوسف " موزعة على 173 صفحة من القطع المتوسط ،منطوي على إحدى عشرة قصيدة متنوعة ..

يُطلُّ فيها "اليوسف " بلغته الإيحائيّة الممزوجة بين الفصاحة المحترفة والبساطة المحكيّة؛ بإيقاعٍ شعري، يتناغم بين فقرات النصوص بالتّماهي والاختزال الرياضيّ والتكثيف في الحبك الشعريّ، بتخيلات ممزوجة في حالات متداخلة ورؤى وقضايا مصيرية يُسقطها بأسلوبٍ سياسيٍّ أدبي، بعد أن يلبس نصوصه الضّمير الإنسانيّ، فهو هنا لا يطلب استرجاع حساب على التويتر أو الفايس بوك، ولا ينقل وجع العشق المعروف في النثر .

"اليوسف " ينقل لنا رائحة الدّم بكرياته الحمراء، وناقلات الجنود، والشّبيحة، والتّكفيريين بوجع صوت عصافير الدوريّ، وأسماء أطفال الحي، ينقل صور الحرب والعمالة بطريقتهِ المموّهة في بعض نصوصه كما هنا:

(واحداً واحداً سقطوا ..من أغصان شجرة القلب ..وكنت تداري مصائرهم ..بذؤبات الرَّجاء ..ترمقهم بعيونك في مزاد عارٍ ..في العراء ..أنت ربّيتهم ..على حكمتك الورديّة ..أنت ربَّيتهم على صور القصيدة).

940-ahmadالقارئ لديوان "اَستعيدُ أَبي" سيستمتع بالنصوص وصورها ذات الدلالة العميقة، وإن كانت ثقيلة نوعاً ما، وسيندهش في بعض الوقفات، ويطرح على نفسة أسئلةً غامضة لا يجد أجوبة لها حتى عند "اليوسف " نفسه، فهو لا يتحدّث عن أبيه، بل عن آباء أطفال السورييّن، عن أصابع ركام الوهم وهبوب الهزيمة والخديعة، واستحالة ندم الذئب الذي يأكل الفريسة، ويترك الأبناء ينظرون إلى ما تبقى من أشلاء آبائهم بمشاهد قاسية، بعضها على شكل أنقاض، وأخرى على شكل رائحة الـ "تي إن تي" ألواح نصوص "اليوسف" انزياحيّة تنتهك الحالة الإنسانيّة المنبثقة من ألم الشعب والذات المنبثق من طفل ينظر إلى ما تبقى من صورة أبيه.

يلعب "اليوسف " في بعض نصوصه على حالات الخيانة والهدنة التي قتل بها الشعب، المحارق ،المجازر ،الإبادة العرقية، وهدير الطائرات، وتارةً ينقلنا إلى الأسير في سجون العدو الغاشم، معتمداً على سياقه اللغوي وبراعته في تشكّل الفكرة بأقل كميةٍ من الكلمات وحرف الجر والجزم، وكأنّه يُقدّم لنا مادّة محرّرة مدقّقة بعناية فائقة دون الخروج عن خصائص اللغة  التي بات دارجاً في السوق الأدبي، الجمل هنا جزلة والعبارت معمولة عليها، والكلمات مختارة بعناية فائقة، عنوانات نصوص"اليوسف " هي أسماء مدن كرديّة، ولكن ينقل  لنا صورة الحرب والمأساة السوريّة والتخازل الدولي، وكأنّه يقدم أدلة دامغة لمنظمات حقوق الإنسان، واليونسيف، والأمم المتحدة، ويبصق في وجه جميع المتخاذلين بطريقةٍ محترمة ومحترفة.

"إبراهيم اليوسف " من مواليد مدينة القامشليّ، مقيم في ألمانيا مدينة "إيسن "،كرديّ الهويّة ،يحمل درجة البكلوريوس في اللغة العربيّة، وهو كاتب وناقد وصحفي عضومكتب تنفيذي في رابطة الكتاب السورييّن عضو مؤسّس في رابطة الصحفييّن السورييّن رئيس مجلس أمناء منظمة حقوق الإنسان في سوريا- حالياً عضو فيدرالية حقوق الإنسان- المسؤول الإعلامي عضو أمانة عامة في المجلس الوطني السوري حتى 2012" استقلت" دكتوراة فخرية من جامعة يريفان في مجال حقوق الإنسان كاتب في جريدة الزمان اللندنية كاتب زاوية من العام 2001-2005. نقد أدبي ومراجعات ومتابعات أدبية محررفي جريدة الخليج2009-2015 عضو هيئة تحريرفي مجلة"أوراق" رئيس تحريرها صادق جلال العظم عضوهيئة تحريرجريدة"القلم الجديد" بعض الإصدارات :

1- للعشق للقبرّات والمسافة 1986 (شعر) .

2- هكذا تصل القصيدة 1988 (شعر) .

3- عويل رسول الممالك1992 (شعر) .

4- الإدكارات 1995 (شعر) .

5- الرسيس 2000 (شعر) .اتحاد الكتاب العرب في سوريا

6- شجرة الكينا بخير 2004 (مجموعة قصصية) .

7-ساعة دمشق-نصوص-دارأوراق-القاهرة-2016 صدر

8- أستعيد أبي- شعر-دار أوراق- القاهرة-2016-صدر

9-مدائح البياض-2016- بيروت- صدر

10- مزامير السبع العجاف- شعر-مخطوط جاهز

-استعادة قابيل- صدر-القاهرة2016

و كتب سيرويّة ونقديّة متعدّدة  بالإضافة إلى العديد من االمخطوطات الأخرى القصصية- الروائية- الشعرية- النقدية.

 

كاتب صحفيّ وناقد سوريّ

مقيم في النرويج.

 

 

في المثقف اليوم