ثقافة صحية

في يوم الصحة العالمي: مرض السكر وتهديده المتزايد في العراق

في واحد من أهم اسباب الوفيات في العالم، سيحتل مرض السكري المرتبة السابعة في الترتيب بين أسباب الوفيات بحول العام 2030، منظمة الصحة العالمية وهي تحتفل باليوم العالمي للصحة الذي يوافق يوم السابع من نيسان من كل عام ؛ تشير الى أن عام 2012 كان قد شهد 1.5 مليون حالة وفاة بسبب المرض حدث 80% في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل .

في العراق تشير الاحصائيات الرسمية التي أصدرتها وزارة الصحة العراقية بموجب تقريرها السنوي لعام 2013 الى أن 2.9 % من الوفيات للعام كانت بسبب المرض، وإن هناك أكثر من 33 ألف حالة ترقد في المستشفيات  وهناك أكثر من 900 ألف مراجعة للعيادات الاستشارية والخارجية في كافة محافظات القطر مع وجود ما يزيد على الـ 520 ألف حالة مراجعة للمراكز الصحية لإصابات متنوعة بسبب مرض السكر، وبموجب تلك الارقام فمن المتوقع أن تكون لدينا، في ذلك العام على وجه التحديد، أكثر من 1.5 مليون إصابة بالمرض، من جانب آخر فالإحصائيات العالمية تشير الى أن العراق يحتل المرتبة التاسعة عربياً والـ 30 عالمياً بنسبة إصابات تصل الى10.2 % من سكانه .

مرض السكري يشكل اليوم تحدياً كبيراً أمام المؤسسات الصحية العراقية وهو بحق واحداً من أهم عوامل الاحباط النفسي فالـ 10.2% تشكل أكثر من 3.5 مليون مصاب بالمرض في العراق، إذاما علمنا ان الاحصاءآت أعلاه كانت لتقرير وزارة الصحة لعام 2013  أي قبل إحتلال الموصل والرمادي وصلاح الدين والتهديدات التي وصلت أسوار بغداد ورعب المفخخات والمشاهد المرعبة التي تخلفها في شوارع المدينة وغيرها من المحافظات العراقية وما شهده العراق من تسونامي رعب كبير دبَّ في الكثير من مناطق العراق وما تبعه من موجات نزوح جماعي وخروج الملايين من نطاق التغطية الصحية بعدما أحتلت المراكز الصحية والمستشفيات ومئآت الالاف من أبناء شعبنا اليوم تحت سلطة الارهاب للمجاميع التكفيرية كما في الموصل، فإذا كان يشق على المرضى في المناطق الآمنة الحصول على دوائهم ؛ كيف الحال بمن يرزح اليوم تحت وطأة الارهاب ؟

في دراسة أمريكية نشرت نتائجها حديثاَ كشفت أن النساء اللواتي يعانين من الضغط النفسي ما بعد الصدمة يواجهن خطراً مضاعفاً في الإصابة بالسكري من النوع الثاني بالمقارنة مع النساء اللواتي لا يعانين من هذه الاضطراب ولا أعتقد أن هناك ضغطاً نفسياً لدينا أكثر من ما حدث للنساء الإيزيديات وغيرهن من سبين أو عذبن حتى الموت ، لقد حلل الباحثون بيانات دراسة أجريت بين عامي 1989 و2011 على حوالي 50 ألف امرأة في الولايات المتحدة، ولاحظ هؤلاء وجود رابط قوي بين حدة الضغط النفسي ما بعد الصدمة ومستوى خطر الإصابة بالسكري وبحسب الإحصائيات، فإن امرأة من أصل تسع نساء ستعاني اضطرابات ما بعد الصدمة في خلال حياتها أي ضعف المستوى المسجل لدى الرجال ، السيدة زينب محمد مهدى، خبيرة التنمية البشرية، تقول أن الدراسات أثبتت أن الصدمات النفسية الحادة المفاجئة والعاطفية أيضاً تؤدى إلى الإصابة بمرض السكر.

فما تعرض له العراقيون والعراقيات من صدمات لا تعد ولاتحصى تشهد على ذلك الاحصاءآت التي تنشر بين الحين والاخر عن عدد ضحايا الارهاب شهرياً فاقم ذلك الازمة الاقتصادية التي يمر بها بلدنا، ناهيك عن المسببات الخطيرة الاخرى التي دفعت بتلك النسبة الى الارتفاع بعد عام 2003 بدخول آلاف الأنواع من الاغذية عالية السعرات رافقها ضعف الرقابة الصحية على تلك المنتجات وضعف التوعية بمدى خطورة البدانة وعدم وجود مساحات ترفيهية تتناسب وحجم الكثافة السكانية في مدن العراق .

خطورة المرض تكمن في تطوره السريع ليضرب مناطق عدة من الجسم كتلف في الأعصاب والأوعية الدموية في الجسم  و تصلب الشرايين وأمراض الكلى وإعتلال الشبكية وإرتفاع ضغط الدم  وغيرها من الامراض التي تعتبر من نواتج مرض السكر .

قد يتطلب الامر إنشاء مركز متخصص للسكر في العراق تحت مسمى "مجلس السكر في العراق " وعلى غرار "مجلس السرطان في العراق" وبكامل هيكلته الادارية ويكون لدينا رئيساً للمجلس وأعضاء قادرون على الانتقال بنا لواقع أفضل وتدعيم كل وسائل الوقاية من المرض بأنواعها .

نحن بحاجة الى زيادة مساحة الاهتمام بمرضى السكري والبدء بإجراءآت الكشف المبكر على طلاب المدارس الابتدائية كذلك التوعية بمخاطر المرض وطرق الوقاية منه مع إتخاذ كافة الاجراءآت الستراتيجية لتخليص أبناء شعبنا من درنة الارهاب لندفع بوطننا وأبناء شعبنا للعيش بكرامة، الاهتمام بالصحة النفسية اليوم واحدة من أهم عوامل السعادة التي يبحث عنها العالم لنجدها في إجرءآت حكومية متطورة تزيد من مناسيبها وتفتح أمام الشعوب أفق واضحاً للتطور والعيش برخاء .

لازلنا لا نفقه معنى للسعادة، ولا نحاول حتى أن نقدمها ولو بطرق بسيطة لأبناء شعبنا للتخفيف من التوتر النفسي الذي يشاهده الجميع واضحاً على وجوه ابنائنا بأستمرار تُظهره التصرفات غير الصحية في مواجهة واقع مؤلم تصعب معايشته لفترات طويلة دون إلحاق الاذى النفسي وما يلحق هذا الأذى من أمراض جسدية تحط من قدرته على العطاء وتزيد من إحباطه .

 

زاهر الزبيدي

 

في المثقف اليوم