الرئيسية

الأثر الأدبي الأندلسي .. الشعراء المسلمون الجوالون

alhasan alkyriفي أحد كتبه الكلاسيكية، (Poesía juglaresca y juglares/ شعر الغزل والغزالين) يسجل رامون منييندث بيدال، وجود شعراء وشاعرات مسلمين جوالين على طول عرض الجغرافيا الإسبانية، في ارتباط، على وجه الخصوص، بالأنشطة الموسيقية . إن حضورهم يفسر، بدون شك، الظواهر التي رأينا منذ قليل. إنهم كانوا يربطون الشعر المقطعي الأندلسي الذي هو دائما موسيقي، بالشعر الغنائي ذي الطابع التقليدي القشتالي.

  سيكون من الصعب إثبات وجود منشدي " مآثر " و"الرومانثيرو " بما أنه، كما رأينا، لم توجد ملحمة في الأدب العربي وأنه بدهي أن تتم اتصالات بين عوالم أدبية متوازية.غير أنه وجد شعراء وشاعرات مسلمون جوالين، فيما يتعلق بالشعر القصصي القشتالي، كانوا في الأصل مسلمين متشبعين بالثقافتين معا.هكذا، فقط، يمكن تفسير " رومانثي" ابن الأحمرAbenámar الذي يعج بعناصر أدبية عربية حيث أشرنا إلى أحدها سابقا . إنه رومانثي ثغري أصيل ونتاج لانصهار ثقافتين اثنتين.

إن قيمته التاريخية لمشهودة، بحيث يبدو أنه يعكس لقاء الملك خوان الثاني في حملته ضد غرناطة سنة 1431م مع الأمير النصري ابن المولى الذي ذهب ليقدم خدماته إلى ملك قشتالة من أجل أن يساعده على تنحية الملك إيثكييردو  . هذا على الرغم من أننا نشكك في أن يكون اسم Abenámar أحد العناصر التاريخية، بالتحديد، وإنما هو من صلب الخيال الشعري؛ ذلك أنه يبدو، مثيرا للعجب، أن يسمى بابن الأحمر أمير نصري من جهة الأم، وبالتالي لم يكن  يسمى هكذا  Ibn Al Ahmar ولكن ابن المولى (Aben Almao)، في" الوقائع المسيحية" وأن ابن الأحمر تعطي في القشتالية Alamar بدون إسقاط أداة التعريف.

أيضا، يتوفر على قيمة طبوغرافية: إنه يصف غرناطة في القرن 15م، بمسجدها، وبحمرائها، وببلاطاتها القشانية، وبالخصوص، تلك التي ستختفي فيما بعد حيث كان يكتب الشاعر ابن زمرك قصائده الإيبيغرافية  .

لكنه أيضا، قصيدة تدخل في تناص عربي عميق. سنحلل الأمر من وجهة نظر الرومانثي هاته، مستعملين كما هو الشأن في حالة الأهازيج، الرواية الأصلية الأولى والمتمثلة في " مجموعة أغاني أمبيرس " المنشورة سنة 1550م:

ابن الأحمر، ابن الأحمر

مورو بلد المغاربة

يا لها من قصور تلك!

عالية ولامعة.

منذ العصر، الجاهلي ظل المفهوم الأدبي للقصور العربية مرتبطا بنقطتين: "كونها عالية ولامعة ". بحيث إنه منذ القصر الأسطوري لغمدان في أراضي ملكة سبأ حتى البلاطات القشانية لابن زمرك ظلت القصور توصف بعلوها تحت الشمس  . هذه القصيدة تعدد تعداد أصيلا الصروح التي تتراءى من على الأراضي المرتفعة:

الحمراء، كانت، سيدي

والآخر المسجد

والأخرى القصور القشانية

مشيدة بإتقان مدهش:

الأعرابي الذي أتقنها

كان يحصل على مئة دوبلا يوميا

لما انتهى منها

جعله الملك يقضي نحبه

لكي لا يبني مثلها

لملك أندلوثيا.

الأخرى هي غرناطة

غرناطة النبيلة.

هذه الأبيات الملغزة - من هو ملك أندلثيا ( الأندلس؟ )؛ إذن في تلك الفترة هو خوان الثاني نفسه أو ملك غرناطة - تنتسب إلى التقليد الأدبي العربي: يجب أن نعود القهقرى إلى أسطورة عربية جاهلية تتمثل في القصر الأسطوري"الجورنق" الموجود على حدود شبه الجزيرة العربية مع بلاد الرافدين . وحسب الطبري ( القرن 10م ):

"الذي بنى الجورنق كان رجلا يسمى " سينمار " ولما فرغ من بنائه انبهر الناس من جماله وإتقانه التام، فقال المهندس نتيجة ذلك : " لو عرفت أنكم ستعطونني الأجر الذي أرغب فيه لبنيت قصرا يدور تابعا سير الشمس، ولكان أحسن من هذا ". ولكي لا يفعل ذلك، قاموا برميه من على الجورنق" .

هذا الرومانثي ينتهي بحوار بين الملك خوان وغرناطة التي يطلب يدها للزواج فترفض:

هناك يتكلم الملك خوان،

اسمعوا جيدا ما يقوله

غرناطة، إن أردت،

سأتزوج بك،

سأعطيك عربونا ومهرا،

قرطبة وإشبيلية،

وخيريث دي لا فرونتيرا.

غرناطة، إن أردت، المزيد

لأعطيتك المزيد.

هكذا تكلمت غرناطة،

فكان يجيبها الملك الطيب.

أنت متزوج أيها الملك ضون خوان،

وأنا متزوجة ولست أرملة،

المسلم الذي يرعاني

يريد أن يذود عني جيدا.

من جديد يبدو التناص العربي بدهيا: المدينة التي يجب ضمها مقدمة في صورة خطيبة، وضمها كزواج، هو موضوع مبتذل. الملك المعتمد بن عباد يصف لنا فتح مدينة قرطبة بقوله:

طلبت قرطبة الجميلة للزواج

عندما رفضت من تقدم إليها

بالسيوف والرماح.

كم وقتا ظلت عارية!

لكن عندما تقدمت إليها أنا،

تدثرت بجلابيب وازينت بجواهر رائعة.

عرس ملكي! سنحتفل بالعرس في قصرك،

بينما الملوك الآخرون قابعون في موكب الخوف  .

 إن قصيدة الغرام المنظومة بالقشتالية، على الأقل في هذا الجانب، هي قصيدة عربية.من كان ينظمها، كان يعرف الأساطير الجاهلية ووصف القصور والدور وصور الشعر الغزلي العربي. إن هذه القصيدة أمسلمة أم صابئة كانت تظل ثغرية أي نتاج لثقافتين اثنتين.

 

ترجمة: ذ. لحسن الكيري

...............

  P. Benichou, Creación poética en el romancero tradicional, Madrid, 1968, pp. 60 - 63.

  M. j. Rubiera Mata, (Ibn Zamrak, su biógrafo Ibn AL – Ahmar y los poemas epigráficos de la alhambra), AL-Andalus, 42, (1977), pp. 447- 451.

  M. j. Rubiera Mata, LA arquitectura, op, cit, supra.

  M. j. Rubiera Mata, Ibidem, p; 35.

  M. j. Rubiera Mata, AL- Mu’tamid, op, cit, supra. 57.