الرئيسية

طارق الكناني: حجاب سندريلا وحذاؤها

tariq alkinaniلعل من المثير أن تتكرر رواية سندريلا في أكثر من نموذج وهي مما خلفها لنا الأدب الغربي وقد ارتبطت هذه الرواية وبطلتها كلها بحذاء بلوري ومهما يكن فالحذاء يبقى حذاء، فقد رأينا هذه القصة -مشاهدةً - وبكل نماذجها، تتغير كل الحوارات ولكن يبقى الحذاء هو العامل المشترك في كل النسخ، لا أعرف لماذا يعطيني هذا الاختيار لهذا الجزء من الجسم انطباعا حسنا عن مدى فاعلية المرأة لدى هذه الأمم حيث يجلس الأمير عند قدميها ليلبسها حذائها في كل مرة .

لو قُيِّض لكتاب القصة العربية كتابة قصة سندريلا، ترى ما هو الجزء الذي سيختاره الكاتب ليكون رمزا في الرواية وثابتا على مدى تاريخ القصة، وفي اعتقادي المتواضع وطبعا بعد إذن الروائيين فأنا أعتقد جازما بأنهم سيختارون الحجاب وسيكون علامتها المميزة، فهذه العملية بديهية ولا تحتاج إلى نقاش وسيتفنن هذا الكاتب أو ذاك (أقصد ممن كتبوا للطبقة الحاكمة) في نوعية حجاب هذه البنت ومقدار تمسكها به واختياره حسب النوعية الداعشية أو الزينبية أو المريمية ولا أعرف مسميات أخرى لهذا الحجاب فهناك مقانع ومعاصم وكفوف وبوشي وإزار وخمار وعباءة وجُبَّه وغيرها ...وأعتقد جازما أن الكاتب سوف لن يضيره إذا ترك هذه البنت ستحضر أمام الأمير حافية القدمين أم بقدميها خف مقطوع وهذه لا تعد مشكلة بالنسبة لنا فالحفاة لا يمثلون خطرا على الشريعة ولا على الحالة الإيمانية والثياب المهلهلة لا تخدش بشخصية الإنسان فالزهد مطلوب من الرعية حتى يحكم الحاكم في بحبوحة ويعيش مرتاح ليحسن إدارة شؤون الرعية ويوفر لبناته وزوجاته وحريمه وعشيقاته حياة هانئة لكي لا ينغصن عليه حياته فيصبح عصبيا ويسيء معاملة الرعية فهو من هذا المنطلق سوف يكتب روايته كما كتبها صاحب كتاب ألف ليلة وليلة .

الحمد لله نحن أمة لا تضيع إيمانها ومبادئها فالحجاب يعلو فوق كل شيء فلتكن نساء الدار يشتركن كلهن بثوب واحد ولكن من المهم جدا أن يكون لكل منهن حجاب فمن الممكن أن تخرج الأميرة المستقبلية بنت الفلاح لتقابل الأمير بثوبها الممزق وقد بدى من خلال الشقوق الموجودة في الثوب جزء من وركها أو صدرها الكاعب الذي يجعل لعاب الأمير يسيل لهذا المنظر ولكن من غير الممكن أن تظهر شعرة واحدة من شعرها الذي قد يكون مملوءاً بالحشرات...

يبقى هاجس الحذاء يشغل الكتّاب الأجانب ففي كل مرة تفقده سندريلا يجدون ألف حل وحل للأمير كي يعثر على أميرته تارة من خلال مروره على كل بنات الممكلة لغرض قياس الحذاء على أرجلهن، ولم تتمنع بنات المملكة في رفع الثوب عن سيقانهن والسماح للأمير بقياس الحذاء وكلهن أمل أن يكون الحذاء على مقاس أرجلهن، والحق يقال كان الله في عون الأمير الذي لا أعرف كم سيقاسى من الآم الوجد عند النظر إلى تلك السيقان المرمرية والتي لم تطأها شمس تموز أو سموم الصيف ...ولكني أتساءل كيف سيضع الكاتب العربي طريقة مثلى لتجربة الحجاب على رؤوس الصبايا وهناك من يقرأ عليهن ليل نهار أحاديث ليلة الإسراء والمعراج وكيف سيعلقها الله من رموشها في النار لو أظهرت شعرة واحدة من رأسها .

هب أنه تمكن من استحصال فتوى بهذا الخصوص كما تم استحصال (فتوى جهاد النكاح الكفائي) وقبلت الصبايا بالكشف عن شعورهن لحضرة الأمير حتى يجرب حجاب الأميرة أو الداعشية عليهن، ترى ماذا سيجد في تلك الغابات التي صارت شعثاء غبراء لعدم الحاجة للاهتمام بها فهي لم تعد مظهر جمالي لدى المرأة العربية بل استحدث أهل الفتوى بأن الشَعَر أصبح مثيرا للرغبة فمنعوا ظهوره، فأنا وفي مثل هذه الحالة سوف لا أستبعد أن الأمير سيجد مخلوقات شتى تفوق حجم القُمَّل وتقل قليلا عن حجم الجراد في هذه المناطق التي تحتوي على الشعر ....ولا أستثني مكانا من الجسد المغطى.