صحيفة المثقف

ابتهاج عباس احمد: من كتاب العصر الوسيط: بيدرو لوبث دي ايالا

ينحدر دون بيرو لوبيث دي آيالا من احدى عائلات النبلاء التي سبق لها وان استفادت من الحروب الداخلية بين بيدرو الاول وانريكه الثاني . تولى بيرو لوبيث العديد من المناصب الدبلوماسية في السفارات، ومنها في الفاتكان وفي بلاط الملك الفرنسي – الذي تردد عليه ست مرات -، مما اتاح له فرصة اللقاء والتعرف على اكبر كُتاب تلك الفترة . وقع اسيرا في معركة الخوباروتا سنة 1385 وسجن في قلعة اوبيدوس، حيث بقي فيها مايقارب العامين والنصف، وهي الفترة التي كتب فيها الجزء الاكبر من عمله (مقفى القصر) . وفي سنة 1398 تم تعيينه مستشارا كبيرا لقشتاله من قبل الملك انريكه الثالث .

في بلاط الملكين كارلوس الخامس وكارلوس السادس، لا بد ان بيدرو لوبيث تعرف على ابرز الكُتاب الفرنسيين في عصره، امثال جريستين دي بيسان وجيان جرسون، وربما في واحدة من رحلاته الست الى فرنسا اقام علاقة مع خوان دي بيري الدوق الكبير المولع بالكتب . ومن جهة اخرى في اثناء اداء مهامه في الفاتيكان، قد التقى بالمعلم الكبير خوان فيرنانديث دي هيريديا، ناشر التيار الانساني ومترجم العديد من الكتب . وبعد عام 1400 عمل دون بيرو لوبيث دي آيالا مؤدبا لابناء قائد الاسطول البحري دون دييغو هورتادو دي ميندوثا وكان بينهم ابن اخيه انتيغو الذي سيصبح مستقبلا ماركيز سانتيانا .

لا يمكن التفكير بان المستشار آيالا قد كان منتميا الى التيار الانساني، فاعماله متأثرة بتقاليد العصر الوسيط الاكثر اصالة ولكنه بلا شك قد كان نقطة التمهيد والسند للذين جاءوا من بعده، فقد قدم وعرف بكتب لم تكن معروفة سابقا في اسبانيا، كما يشير ابن اخيه فيرنان دي غوميث، وهيأ مناخا من الاحترام للثقافة بين النبلاء في عائلته وبين بقية الانساب المهمة في قشتالة . وعدا مؤلفاته، ترجم آيالا العديد من الكتب الى الاسبانية منها: (أخلاقيات) لسان غريغوريو، و(عقود) لتيتو ليفيو، وبعض اعمال بوكاثيو، وبرهن على انه يعرف آخرين غيرهم من الكتاب الكلاسيكيين .

اما اهم مؤلفاته المستشار آيالا فهو بلا شك كتابه (مقفى القصر) والذي امضى جزءا كبيرا من حياته في تأليفه . في هذا الكتاب ينتقد المجتمع في عصره بما في ذلك رقابة الكنيسة والكثير من المؤسسات المدنية . بعد ذلك يتطرق آيالا الى مسألة الشقاق الغربي ويبرزها كنوع من الاحتجاج الكبير من قبله على الازمة الروحيه في العالم، وينتهي مستشهدا بالكثير من عبارات سان غريغوري في عمله (أخلاقيات) وكذلك بقصة النبي الصابر ايوب . وهو من خلال اسلوب محكم يدعو للعودة الى الاخلاقيات التي تم فقدها في السبيل الوحيد لاستعادة التوازن . وفي خلفية طروح كتابه هذا يمكن التعرف على كل المشكلات ومن شتى الصنوف التي كانت تعانيها قشتالة في النصف الثاني من القرن الرابع عشر والتي امتدت حتى اوائل القرن الخامس عشر .

ان استخدام المنهج التقليدي وصفة الاسلوب التعليمي – الاخلاقي في هذا الكتاب، انما يدل على انتماء المؤلف لطبيعة الجمالية القديمة . يجمه اجناسا مختلفة من كتاباته ومنها الشعر طبعا . وهو مثل آرثيبريسته دي هيتا، يوحد اشعاره على خيط شخصي، الا وهو استخدامه لضمير الشخص الاول المفرد، الا انه يختلف عن دي هيتا بكونه لا يترك مكانا للسخرية، بل على العكس من ذلك، حيث يغلب عليه طابع الجدية والثقة وروحيته المتشائمة . 

 

http://www.mcnbiografias.com/app-bio/do/show?key=lopez-de-ayala-pedro

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم