صحيفة المثقف

مفهوم التعايش السلمي في فكر النبي الأكرم

إن من المفاهيم التي ركّز عليه الشرع الحنيف، حتى عُدت مبدأً من مبادئه، فأولاها عناية ورعاية هو مفهوم التعايش السلمي، الذي كان من الآليات التي اعتمدها الإسلام في معالجة التنوع العقدي والإختلاف الديني الذي ألِفته البلاد الإسلامية، كنتيجة حتـــــــــمية لاحتضانها مختلف الرسالات، وذلك بعد أن صرّح القرآن بخاتمية الإسلام لسائر الشرائــع السماوية، واختتام الرسل (عليهم السلام) بسيد الكائنات محمد المصطفى(ص)، وأن الدين المرضّي عند الله إنما هو الإسلام، دون غيره من الأديان السماوية الأخرى.

 والواقع لقد كان للحضور المبارك والفعال لشخص المصطفى (ص) دورا مباشرا في تطبيق مفهوم التعايش السلمي على مستوى التنظير والتطبيق، وهو ماساعد ــ بطبيعة الحال ــ على تثبيت دعائم الأمن والإستقرار في أنحاء البلاد الإسلامية من جهة، والدعوة الى نشْر تعاليم الدين الحنيف من جهة أخرى.

 إن من يقف على شذرات تلكم المواقف الرحيمة والمعطيات العظيمة، التي عبّرت عــن الوجـه الوضّاء والمشرق لأبعاد الشخصية المحمدية، يلمس بوضوح النزعة الإنسانية التي انطوت عليها تلك الشخصية المباركة، كما يتجلى البعد العالمي للدين الإسلامي، وأنه دين لم يأتي لقوم دون قوم، ولم يختص بزمان معين أو مكان محدد.

 لذا وقع اختيارنا لهذا البحث لتبيان مطلبين: الأول: في مفهوم التعايش السلمي، والثاني: في مبدأ التعايش السلمي عند الرسول (ص)، ثم خاتمة البحث التي نعرض فيها 

مــــا توصل له من نتائج، ثم قائمة المصادر المعتمدة لدينا.

 بعد هذه الجولة مع أخلاق الرسول (ص) المعبرة عن أسمى نماذج التعايش الإنساني، من خلال الروايات والأحاديث المختلفة فقد وقف البحث عـــــلى النتائج الآتية:

أولا ـ أن الإسلام أول النظم التي حاربت التمييز القائم على أساس الجنس أو الدين أو القومية.

ثانيا ـ إن مفهوم التعايش السلمي لم يكن مفهوما بقدر ما كان مبدأ، تكفلت السيرة النبوية العطرة ببيان تنظيرا وتطبيقا.

ثالثا ـ إن مبدأ التعايش يمثل نظرية اجتماعية تعكس الجانب الإنساني للخطاب الديني.

رابعا ـ يكشف التعامل النبوي مع غير المسلمين من أهل الكتاب عن عالمية الشرع الحنيف، وأنه دين قادر على استيعاب الحياة بكل أفرادها.

خامسا ـ حدد الإسلام آلية التعامل مع أهل الذمة من خلال عقد أعل الذمة الذي يضمن لهم حرية العيش والدين، ونحو ذلك.

سادسا ـ لقد سار الفقهاء المعاصرين على هدي النبي (ص) والأئمة عليهم السلام، عبر الفتاوى الفقهية التي جسدت أبعاد التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم.

سابعا ـ إن العالم اليوم أحوج ما يكون الى استجلاء سيرة النبي (ص) واسكانه تلك المعاني الإنسانية، وتوظيفها باتجاه الحد من التطرف والإرهاب والغزو الذي بات العدو الأول للإسلام.

 

ابتهاج عباس احمد

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم