الرئيسية

الاغتراب في الوجودية الحديثة (4)

ali mohamadalyousifان هذا يقودنا الى وجودية كولن ولسون في اللامنتمي المحسّنة لوجودية (سارتر)، تلك الوجودية الممتزجة بصوفية ذاتية متفائلة مبالغا في خلاصها الفردي ايضاً.

ومن الخطأ برأينا كما فعلنا ويذهب الكثير في وجودية سارتر على تعميم نموذج اللامنتمي عند كولن ولسون الذي هو نموذج نمطي يتكرر بتمظهرات اغترابية لامنتمية مشخصنة بتعبيرات وملامح لا تختلف كثيرا كما هو الحال في الشخوص النمطية الاغترابية في فلسفة وادب سارتر ... اذ ان شخوص سارتر اغترابية وجودية (عيّنة) رغم لا واقعيتها كشخوص من دم ولحم تجد مئات الالوف نماذجا لها، فهي يجمعها وهم (وجودي واحد) . فلسفة سارتر الوجودية التي يطرحها في ادبه الفلسفي وفلسفته الادبية هي مشكلة المجموع (الانسان في كليته الوجودية الباحث عن الخلاص بطرق مختلفة , واتخذت اساليب متباينة فردية وكانت هذه معضلة فلسفة سارتر في الالتقاء مع الماركسية الى آماد ابعد لما كان للاخيرة من تأثير فلسفي – ايديولوجي عليه. اذ لاتحيد (الماركسية) كايديولوجية سياسية عن خطها الوحيد بان خلاص الاغتراب الوجودي للانسان هو في اعطاء قيمته المادية الانسانية المشدودة الراسخة بالمجتمع وهي على استعداد دائمي للتضحية بالفرد من اجل المجتمع...بينما تفرد (سارتر) وافترق عن مسار الماركسية في بحثه عن الخلاص الوجودي الاغترابي بالوسيلة الفلسفية التي تبحث عن خلاص المجموع في تأكيدها على خلاص الفرد .

كولن ولسون في وجودية اللامنتمي ظل اميناً لسارتر اكثر من اطئمنانه للماركسية. في اللامنتمي تحديداً اراد ولسون الخلاص الوجودي الاغترابي عن طريق (الاغتراب) بدون استعمال المصطلح بل استخدم تعبير (اللامنتمي) في تأكيده على ان الخلاص الفردي للانسان هو في تأمل الذات وفق تخارج الداخل مع الخارج وفي علاقة الذات – الفردية بالبنية الاجتماعية على وفق رؤية روحانية ممزوجة بصوفية متفائلة عميقة, وبمواصفات حدسية ادراكية صعبة ان لم تكن مستحيلة التحقق على مستوى التعميم الوجودي- الجمعي للانسان، أي لغير النخبة او الصفوة، وهذا اهم وجه اختلاف بين سارتر وكولن ولسون، كولن ولسون اختار النخبة الشهيرة وسارتر اختار الانسان الفرد كينونة اجتماعية.وان كانت نماذج سارتر على وعي وثقافة عالية ايضا.نماذج كولن ولسون نخبة تاريخية ونخبة ثقافية ونخبة فلسفية حصرا.

في نزوع كولن ولسون الروحاني التصوفي يستمد حيوية وجوديته في دأبه المتواصل على تمرين (ايقاظ) الارادة الواعية في اختياراتها وانتشالها دوماً من خدر السقوط في الانكفاء والاجترار والتأمل السلبي، الى مستوى يريد كولن ولسن ايصال متبني وجوديته الى مستوى مفاعلة الواقع اليومي الرتيب للحياة ومجاوزتها (ابداعيا) في استحضار نوع من الوجود الاصيل الحقيقي غير الزائف.

ان النماذج – ولا اقول كما فعلت مع سارتر النموذج- اللامنتمية الاغترابية لدى كولن ولسون لا يمكننا التحدث عنها بصفات مشتركة ودلالات دالة تجمع بينهما على الدوام... ونستطيع الجزم بصحة هذا الاستنتاج لان نماذجية كولن ولسون الوجودية نماذجية متفردة ومتمايزة جداً، ثقافياً، واجتماعياً، وطبقياً، تمتلك عمقاً فلسفيا فكريا نافذا منهم صفوة المجتمع فلاسفته ومفكريه، وادبائه وفنانيه.ورجال تاريخ.

في حين بالامكان لا بل من الضروري عند تناولنا نموذج ابطال سارتر، كامو، بكيت، كافكا ان نتحدث مثلاً عن صفات نموذج اغترابي واحد...فكل هؤلاء الشخوص يلتقون بقواسم مشتركة عديدة مع مثيلاتها، ويتمايزون في جوانب عرضية هامشية ليست ذات اثر كبير ومهم في دراسة الشخصية، فهم يجمعهم التشابه بالمعاناة، ونوعية التساؤلات وبواعث قلقهم ورعبهم من المجهول، يحكمهم مسار واحد على اتساع الحرية التي يمتلكونها، واحد في اختيارهم فمثلا بطل رواية هنري باربوس (الجحيم) التي تجسد قدر الانسان التعيس يصفه المؤلف : (يجلس في غرفته وحيداً متأملاً وليس لدى هذا الرجل شيء من النبوغ.. لاغاية يحققها، لامشاعر ذات قيمة يمنحها: (يقول عن نفسه) : لا املك شيئا ولا استحق شيئا بالرغم من ذلك اشعر بحاجة الى تعويض)(1).

هذا النموذج اللامنتمي الاغترابي سلبيا في وجوده الذاتي ووجوده (الكلي) مع الموضوعات التي تحيطه هو في حقيقته يعي اغترابه السلبي جيدا ويرتضيه اسلوب حياة فهو الفعل الواجب والموقف الصائب الذي تمليه عليه (تفاهة الحياة اليومية) لذا فهو ينزلق اراديا عميقا في اغترابيته السلبية ويستمر عندما يجد ان ما يجري امامه في – مسرح الحياة- الذي يعاينه ويعايشه من ثقب الجدار في الغرفة انما يؤكد له اكثر ضياعه الانساني وضياع الانسان كوجود خارج غرفة الاحداث، وهاجسه الدائم احساسه السأم بوحدانية قاتلة وهو وسط زحمة الحياة، تفصح له النتيجة التي تقّض مضجعه وتؤرقه وتعمق الاغترابية عنده و يتاكد ان الحقيقة ايجاد نوع من السعادة او الامل الذي يتمسك الانسان به، غاية مستحيلة التحقيق في هذه الحياة. وحتى اشباع اللذات الحسية الغريزية والبيولوجية بكل تنوعاتها واشكالها لا تنقذه من قدره اليائس في النهاية الفاجعة التي تسعى اليه ويسعى اليها هو بنفسه.

النهاية في الاندثار في الابدية مع كامل تساؤلاته الوجودية وعلامات الاستفهام التي لم يلق لها جوابا واحدا يقنعه ... وبهذه النتيجة يكون الوجودي الاغترابي السلبي وصل هدفه النهائي المتحقق له اصلا حتى من دون ارادته، بان حياته التي عاشها هي اصلا لم تكن ولا كانت وجودا حقيقياً ... انما وجوداً اغترابيا زائفاً. في حياة لا معنى لها ولا دليل على انها الوجود الاصيل للانسان , وهو مانجده اكثر وضوحا ومجاهرة به لدى هيدجر وآخرين.

هناك امر مهم اعتقد كولن ولسون تنبّه له عندما استوعب جيدا الخواء الروحي وليس المادي فقط الذي يهد كيان وجودية سارتر ويصيبها بالهزال المريض المزمن...وهو نفس الخطأ الي وقع هو فيه في اللامنتمي ... وحاول تلافي اخطاءه تلك في كتبه الاخرى اللاحقة وخاصة (ما بعد اللامنتمي) حين اكد ولسون على الجانب الروحي في وجوديته وحاول صبغها بصبغة متفائلة ...

فالتوازن الروحي يعطي الوجود المادي للانسان عمقه وهيكليته في (الهدفية) او (الغائية) التي يتوخاها في النهاية والتي تشده الى المعنى الميتافيزيقي الذي يعطي النفس احياناً طبيعتها الساكنة ... والخلاص الروحي الذي يبحث عنه انسان كولن ولسون هو زاده الذي كان بأمكانه في حالة تحقيقه ان يعطيه املا لنهايته، ويمنحه توازنا في وجوده المادي.

وللتأكيد على الجانب الروحي المطلوب كما قلت نجد نماذج ولسون مثقفة وذكية جداً ولا ترضى بالسطحية في الحياة. نجد ان (باربوس) يصف بطله (انه يرى اعمق من اللازم وهو ما يجعله لامنتميا) وفي تعريف كولن ولسون لللامنتمي : (هو ذلك الشخص الذي لا يستطيع ان يقبل الحياة كما هي والذي لا يستطيع ان يعتبر وجوده او وجود أي فرد اخر ضروريا. انه يرى اعمق واكثر مما يجب وهكذا فالمشكلة تعبير ذاتي)(2).

في مقارنة لها صلة بموضوعنا وان كان يظاهرها الطرافة يقارن كولن ولسون : (ان الفرق بين الماركسي وبين اللامنتمي الرومانسي ان الاول يريد ان يهبط بالجنة على الارض بينما يريد الثاني ان يرتفع بالارض الى الجنة ويرى اللامنتمي ان الماركسي قليل الادراك لانه يريد ان يوجد في الارض)(3).

يمثل الماركسي هنا الاغترابي الايجابي بمعنى ان اغترابه عن المجتمع والمحيط ليس اغتراب (القطيعة اواللارجعة) لانتفاء الحاجة لصلاحها وسعادة الانسان كما يفهم القطيعة عنها الاغترابي اللامنتمي السلبي، لان وجود الماركسي – حسب اعتقاده الايديولوجي – هو وجوده الارضي الوجود الذي عليه ان يحقق فيه (حلمه) في جنته على الارض وليس في السماء ... فهي بنظره الحياة الوحيدة التي يتوجب عليه ان  يحياها بسعادة كلما امكنه ذلك، لذا فالماركسي في اغترابه أي لا انتمائيته للبنية الاجتماعية (الكلية) غير السوية غير العادلة انما هو انفصال مؤقت، اغتراب مؤقت يعود بعدها الى المجتمع في التأثير برؤاه الايديولوجية فيه وتغييره وتبديله انسانيا وهو فعلا لايؤمن بجنة السماء، ورغبته – أي الماركسي- نقل جنة السماء الى الارض انما يمارس حلم الممكن وطموح جيله الحاضر واجيال من بعده حسب تصوره وبذلك فانه يمارس ممكنه الوحيد لنشر بعض السعادة وان كانت حتما ناقصة ليست كافية، ونحن نحلل ونتكلم بلغة الاغتراب وليس بمفهوم الايديولوجيا، لازالة اغترابات الانسان في ظاهرات لا تنحصر (طبقيا) او (اجتماعيا) او (اقتصاديا) في كل الاحوال.

ان سعادة الماركسي الارضية يكتنفها (الوهم) لقصور ذات الانسان ان تمنح نفسها او يمنحها المجتمع سعادتها كاملة بأمتلاء مادي – روحي كاملين، ليس فقط لان (المادي) والروحي والسعادة كلها مفاهيم نسبية وحسب... بل وهو الاهم الحياة في تطور مستمر وحركة دائبة وهذا يعني استحداث الحياة لمشاكل اغترابية لكل مجتمع وفي كل عصر لا حصر لها ... كما ان قلة طموح الماركسي في ان لايجد حقيقة جنته على الارض لا يعني بالضرورة حتمية وصحة صواب توجه (اللامنتمي) المثالي – هنا نقصد التصوف اللاديني – في ان ينشد خلوده في السماء برومانسية حالمة، اشبه بـ (يوتوبيا) غير موجودة الا في ذهن لامنتمي كولن ولسون. وسقوط اللامنتمي في هذه الميتافيزيقية المثالية في تلمسه طريق الخلاص للوصول الى هدفه المستحيل لن يغير من وضعه شيئا على الارض، فهو يعيش وهم مزدوج فهو يحاول تأكيد خلاصه ووجوده بفردانية او بالاصح ذاتية غايتها النجاة وحده من خلال الانسياق وراء انانية جبرية ملزمة وليس من خلال ذاتية يحتويها المجموع بخاصية تفردها عنهم ومسؤولية التزامها بهم.

*******

مابين اللامنتمي الوجودي....وبين الاغترابي السوي الايجابي هل من اوجه اختلاف!؟ وهل من اوجه تشابه!؟ اللامنتمي يعتبر الحياة وجوديا (منفى) في عمقها الابدي وامتدادها الغامض اللامتناهي المجهول... ولا نقصد بذلك العمق السديمي للكون وانما الانسان كوجود متداخل في وجود الطبيعة ويتطلع في استفهام في البحث عن الحقيقة في ما وراء الطبيعة، ابعاد ثلاثة متداخلة والظواهر التي تصادفها في الحياة فقط يمكن تحديدها واعطاء مواصفتها (علميا) في التخصص الذي يتوائم مع مانبتغيه من تحقيق نتائج, فمن الظواهر ما يقتضيها المنهج الرياضي ومنها الفيزياوي واخرى الكيمياوي ... الخ.

لكن الظواهر التي تخص الانسان والطبيعة والكوني كوجود في ابعاده المتداخلة يكون الطابع العلمي في النظر اليها وتحليلها هو خدمة الانسان اكثر من عنايتها بالجانب الذي يتوخى (معرفة الانسان) وهو اختصاص النظرة الشمولية للانسان في بعده الفلسفي والفكري والادبي والفني الوجودي لدى سارتر او كولن ولسون، كما اشرت سابقا في علاقة الاغترابي بالتصوفي يفهم الحياة تبدأ بنقطة شروع على خط سديمي مستقيم لا ينتهي بنقطة... لان الذي يبدأ بنقطة وينتهي بنقطة يكون بالمنطق الرياضي الهندسي قد صنع بمساره دائرة، والدوران داخل دائرة يكون ديالكتيكياً فمعنى ذلك ان الدوران الدائري يكون بمسار حلزوني دائري، دائرة تقود الى دائرة اخرى فوقها وهكذ حتى يتم بلوغ (هدف) قد يكون (مرحلي) مؤقت او قد يكون دائميا – ودائميته هنا نسبية زمنية لانه محكوم بالحركة وكل محكوم بالحركة متغير وكل متغير متطور وهكذا الى ما لانهاية ...

فالحياة خاصة لدى الانسان الاغترابي السوي، الذي يطور الحياة ويتطور معها عندما تبدأ مسيرته التاريخية بنقطة شروع او بداية فأنها تضع لنفسها ولمسارها وتوجهها اهدافا محددة Aims كي لاتكون حركته سائبة النهاية. فالنملة مثلا في حركتها الدائبة المستمرة محكومة بنمط معين وتحقيق (هدف) منشود. وسعي الانسان لتحقيق الهدف تحكمه الارادة والعقل والمنفعة في حين يكون سعي الحيوان لتحقيق اهدافه تحكمه الغريزة وضرورة البقاء فقط.

ثم ان تحقيق الهدف الغريزي لدى الحيوان هو كما المحنا من عوامل التكيف الطبيعي البايولوجي والبقاء وخلق التوازن المطلوب في الطبيعة، ولهذا السبب – أي سبب عدم تدخل العقل لدى الحيوان في تحقيق اهدافه الغريزية – تكون معظم غرائز الحيوان المهمة بايولوجيا، كغريزة التكاثر الجنسي مثلا (موسمية) وقتية في حين هي ليست كذلك عند الانسان لان العقل يتدخل فيها ويحكمها ويتحكم بها الى جانب فاعلية عامل الغريزة البايولوجي...نعود الى موضوعنا – اهداف اللامنتمي- وحسب تسميتنا الاغترابي السلبي ميزتها تكمن في صعوبة تحققها ولكنها ليست مستحيلة، فاهداف وغايات اللامنتمي هي خارج السائد والمألوف عن رتابة الحياة لدى الانسان العادي المتكيف مع مجريات ومستلزمات العيش المغيب عن الوجود الحقيقي الاصيل... والانسان العادي ليس كاللامنتمي يسعى تحقيق نوع من الوجود الاصيل لذاته ولمجتمعه احيانا ... بل معظم اهدافه هي (انحطاطية) في اشباع خصائص انسانية متدنية قد لاتكون جوهرية لدى الانسان اللامنتمي, ولا يقتنع بها ولاتستأثر باهتمامه...بينما عند اشباعها لدى الانسان العادي يعتبرها اهدافا وخصائص ضرورية قد يتباهى بتحقيقها ... اهداف اللامنتمي - الاغترابي صعبة اضافة لما ذكرناه انها ازلية وتمثل حين اكتشافها سر الوجود لاسباب منها:-

1- وقوف معطيات العلم بتخصصاتها وانجازاتها العلمية – الحضارية الباهرة قاصرة عن اعطاء تفسير للوجود الانساني يحرره من القلق والخوف، والضياع بما يتوافق وقدرة انسان هذا العصر في الانسجام والتعايش الايجابي السوي، لان ازمة العصر بما لهذا التفسير لانقصد الخاطئ بكل المقاييس لكنه القاصر بالقياس لما يمتلكه من امكانات متاحة له الان، عقّدت (الامور) اكثر مما سهّلتها وهذا مستمد من طبيعة ازمة الحضارة المعاصرة الانسانية.

2- ان نزعة الانسان المسكون للاحاطة بشمولية الحقائق والاشياء والظواهر والالمام بمعرفة الكل دون الاكتفاء بالجزئيات والاجتزاءات ... تضع امامه اسئلة يعجز عصره وحضارته ان يقنعاه باجابتهما القاصرة امام المسائل وان كانت هي من نوع خاص معقد مصيري ... الا ان الكثيرين من النخبة والصفوة بات العجز الحضاري العصري عندها ان يعطي تحليلات تعيد للانسان توازنه مسألة لا تحتمل ولا تتقبل التأجيل الطويل او الابعاد غير المحدودة ...

ان في قول كولن ولسون : (اللامنتمي انسان يفكر على الطريقة الصينية) انما يؤكد تمرده للفردانية الذاتية التي استمات سارتر في تقديسها ويحرره من التعلق في سديم فردانية سلبية تصوفية ذاتية متأملة بخيال قاصر يهدر من الامكانات والطاقات غير المحددة للبشرية في (ايمانها) الوهمي بـ (عرضية الوجود) ولا معناه قبل استجماع تفكيره وعقله في ادراك ذلك الوجود بلسمات انسانية متفائلة اخلاقية تتناسب وحضارة العصر والانسان.

ان اللامنتمي في اغترابيته الوجودية السلبية يغتال وجوده الانساني الذاتي فيكون بذلك حقق اغتيال وجود الاخر وان لم يدخل في حسابه تصفيتهم جميعا.

ان في مقولة (ييتس): (لن نبدأ بالحياة مالم ندرك ان الحياة مأساة) مقولة تنطوي على تفاؤل عظيم من الخطأ توظيفها سلبا تشاؤميا للنظر الى حاضر الانسان ومستقبله.

الوجودية الحديثة بضمنها فلسفة كولن ولسون في اللامنتمي وفي ادب ومسرح اللامعقول انما جاهدت طويلا في البحث عن تفسير العالم في تجارب اشخاص عباقرة وفلاسفة مفكرين وادباء وفنانين على وفق اسطرة مفهوم ثابت واقف على رأسه بدلا من قدميه.

الوجود الانساني في تجربته المحدودة هي نقطة انطلاق تفسير العالم على ضوئها هي لا تغفل دور العبقرية البشرية في تفردها لكنها تعطيها وزنها ودورها المخصب للوجود الانساني الافضل وفي نشدانه الرقي.

سعت الوجودية الحديثة- وهي افكار فلسفية ابنة عصرها وزمانها ومكانها – الى تخليص الجسد من قلق الروح قبل التفكير بتخليص الروح من فوضوية الجسد.

 

علي محمد اليوسف /الموصل

ملتقانا مع ج5

............................

(1) اللامنتمي، كولن ولسون ص89.

(2) كلون ولسون، اللامنتمي ص91.

(3)  نفس المصدر السابق ، ص93.