الرئيسية

الجنس والثروة

ali mohamadalyousif1. مشاعية الجنس والتملك: منذ عصور الحضارة اليونانية القديمة نعثر على عبارة افلاطون، في دعوته الى مشاعية النساء والثروة، حتى لا يكون القتال من اجلهما و تنشب الحروب بسببهما.

من الواضح ان النساء والثروة كانت مسألة تحظى بأهتمام الفلاسفة اليونانيين الزاهدين بهما، في محاولتهم وضع قوانين وتعليمات دستورية ملزمة تنظّم حياة المجتمع وتنأى به عن المنازعات والاقتتال خاصة بين كل من أثينا وأسبارطة، كما حدث في حرب طروادة التي خلّدها هوميروس في الالياذة، وتسببت بها امرأة (هيلينا) زوجة ملك اسبارطة التي احبت (باريس) ابن ملك طروادة وهربت معه وكان ما وقع من حرب وسفك للدماء بسببها.

وفي تقصّينا معرفة صحة وصواب دعوة افلاطون لمشاعية الجنس والثروة في عصره، نجد انه كان من مميزات حضارة اليونان تقبّل مثل هذه الدعوة التي نعتبرها نحن الآن من مخلفات وارث المجتمعات البدائية الوحشية المتخلفة. في ان يكون جميع النساء وبلا استثناء زوجات مشتركات للرجال بحيث لا يكون لكل واحد منهم زوجة واحدة خاصة به، ولا لكل امرأة زوجا واحدا خاصا بها، ويكون الاطفال مشتركين بالنسب لا يعرف الولد اباه ولا يعرف الاب ابنه لذا كان الى مرحلة متقدمة من الحضارة الانسانية تؤصل الانساب بين القبائل البربرية على أمومة المرأة وانتساب المولود للأم لا للأب غير المعروف.

وبالعودة الى عصور البدائية الحجرية، وبالتحديد الى عصر الصيد والالتقاط، الذي يسبق عصر بداية صنع الانسان للحضارة في اكتشافه الزراعة والري وتخزين الحبوب وتدجين الحيوانات. نجد ان النساء والتملّك المشاعيين لم يكونا بنفس الاهمية في التجمعات البشرية البدائية المشاعية. ولم يكونا متكافئين كسبب مباشر باحتمال نشوب النزاعات بين الرجال والاقتتال على الاستئثار بهما. وانهما بالنتيجة كانتا عاملين في هدرهما اخلاقيات تلك التجمّعات المتنقلة، هذا في حال جاز افتراضنا ان انسان تلك المرحلة (الرجل) كان متواضعا مع غيره من الرجال على عرف اخلاقي في ابسط معانيه واشكاله ان جاز التعبير، عرف مشاعي ينظم امتلاك الرجال للنساء، علما ان الانسان المشاعي الوحشي البدائي لم يكن يعرف التواصل باللغة الشفاهية، ولا يعرف الكتابة التي هي من اختراع السومريون في بلاد ما يسمى ميزابوتوميا (ما بين التهرين)، بعد آلآف السنين من مغادرة عصر الصيد المشاعي، كما ان المرجح ايضا عدم معرفة الانسان البدائي لادنى قيمة اخلاقية ابتدعها الانسان في مراحل تاريخية حضارية لا حقة نشأت مع ظهور الاديان السماوية والوثنية، ولم يكن هناك ماهو اخلاقي في الحياة البدائية الاولى.

اذن المرأة والتملّك المشاعي لم يكونا عاملي استثارة للمنازعات والاقتتال بين الرجال. وان الدراسات الانثروبولوجية (علم دراسة الانسان) التي تعتمد التنقيبات الاثرية في اطلاق فرضياتها التخمينية، تذهب ان الانسان البدائي لم يكن يعرف معنى اقتران الرجل بأمراة واحدة معينة لا غيرها، ولا المرأة تعرف معنى اقترانها برجل واحد دون غيره ايضا. لا في صيغة تملّك الرجل ولا في صيغة اتفاق تعاقدي بين الرجال والنساء عموما. واكثر ترجيحا ان المرأة والرجل كلاهما لم يكونا مدركين ان الجماع الجنسي هو وسيلة التكاثر وحفظ النوع الا في مراحل تاريخية متقدمة من ممارسة الجنس والانجاب بشكل عفوي ناتج عن ممارسة الجنس.

اما الثروة فانها تشكل مرتبة ثانوية بالأهمية على اعتبار انها ملكية متواضعة جدا حتى في مقاييس تلك الازمنة، وليست ملكية استغلالية مجحفة تستحق التنازع عليها.

فهي ملكية بسيطة لا تتعدى الطعام وادوات الصيد والكهف والجلود وما تجود به الطبيعة . فهي لا تشكل عامل احتراب وتصفية بين الرجال، والثروة الطبيعية لبساطتها صعبة التملك الانفرادي الاناني لتكون عامل فتنة قتالية الا في مراحل متقدمة جدا على مجاوزة العصور الحجرية الكهفية المتوحشة، حين اصبح التملّك قيمة استغلالية في امتلاك الاراضي الزراعية الشاسعة وامتلاك قطعان الحيوانات الداجنة ووسائل الانتاج الاخرى والاستئثار بها دون الاخرين.

ويمكن القول ان المشاعية الجنسية والتملك كانتا سببا مهما في بقاء الجنس البشري الذي كان يتهدده الانقراض من قبل الوحوش الكاسرة المفترسة من جهة، وقسوة الطبيعة التي لا ترحم من جهة اخرى، كانت المرأة ملكا مشاعا لكل الرجال في الحفاظ على الانجاب والتكاثر وتوّحيد الرجال ضد الاخطارالمحدقة بالانسان كنوع. لقد كان الانسان البدائي يحرص على عدم فقدان اشخاص من نوعه في ظروف معيشية صعبة كان فيها الانسان البدائي يقتات الجيف والحيوانات النافقة في ندرة وقلة الحيوانات التي كان يصطادها بصعوبة، كما نشأت في مرحلة لاحقة قبائل أكلة لحوم البشر. فرجل تلك العصور لم يكن يعرف اهمية ان يمتلك هو دون غيره لافي الجنس ولا في التملّك الطبيعي.ثم من العسير جدا اعتبار الانسان البدائي مجردا من عاطفة الحب والاناسة الاجتماعية مع غيره من البشر، فهو يأنس بتلك العلاقة الاجتماعية مع غيره من نوعه ويتأنسن بهذه الرابطة ككائن نوعي اجتماعي بالطبيعة والفطرة. وفي غير ذلك محال ان لايكون انقراض الانسان حاله حال انقراض الماموث والديناصورات.

اذا تقدمنا مراحل طويلة من عمر وعصور البشرية البدائية، وبعد معرفة الانسان للعائلة والقبيلة، ووضعنا رحالنا في عصور ماقبل التاريخ عند السومريين والاكديين والبابليين والاشوريين. نجد ان مشاعية الجنس قد اخذت صيغة البغي والدعارة المنظّمة لدى السومريين ابتداءا، فقد كانت المرأة الراهبة في المعبد والمرأة في المجتمع كلتاهما يمارسان الدعارة كتعبير اخلاقي وطقسي مقدس من قبل الكهنة ورعايتهم له، وتعتبر تلك الرعاية الوثنية المقدسة للدعارة بمثابة ميثاق ديني اخلاقي متواضع عليه ووجوب ممارسته مجتمعيا. وقدسيته تنسحب ايضا على دلالة الخصب الطبيعي في تجدد الحياة والنماء المستمر المبارك حسب معتقداتهم. وان اول بيت للدعارة في التاريخ البشري كان من ابتداع السومريين واطلقوا عليه اسم (ميثقديم).methikdeam

اذن كان الكهنة الوثنيون ينظّمون تلك الاباحية الجنسية بالقداسة التي ابتدعوها ولم تكن في معايير عصرهم تشي باي نوع من التسفيل الاخلاقي والعمل المشين اجتماعيا، خاصة في تزكيتهم تلك الدعارة كهنوتيا وثنيا، اذ وصل الحد الى الألهة عشتار البغي التي كانت تمارس الجنس مع عبد اسود تختاره كل مرة لتروي ظمأها الجنسي بعد اذن الملك زوجها في قضاء حاجتها مع العبد الذي يصارلاحقا الى حرقه حيا في طقس وثني، وانتقام سادي غامض.كما ان راهبات المعبد كنّ يمارسن البغاء مع الزوار الاجانب ايضا.

2. المشاعية في المفهوم العصري:

في المجتمعات الرأسمالية تقلصّت الى ابعد الحدود ليس مشاعية الثروة و المال فحسب، بل و حتى مشاعية توزيعها الاشتراكي العادل من اجل رخاء الناس كل الناس .

وباتت هذه التطلعات الاشتراكية من (يوتوبيات) عصور الانقراض التي عفا عليها الزمن و تجاوزها التاريخ، ليحل محلها في الاولية الاباحية الجنسية و انحلال الاسرة

وانحدار الاخلاقيات الجنسية الى مراتب حيوانية . علما انه لا توجد مشاعية جنسية حيوانية الا في فترة محدودة هي موسم التكاثر، وممارسة الحيوان للجنس عنده ليس بافضل منها لذّته بالاكل فقط ، بعكس الانسان الذي يجد متعة الجنس افضل من متعته بالاكل، لذا تعتبر مشاعية الجنس عند الحيوان حتى و ان لم يدرك ذلك أعلى مرتبة في نظامها الطبيعي من اباحية الجنس الآدمية المبتدعة في المجتمعات الغربية الرأسمالية ، بأسم ممارسة حرية الجنس كحق مكتسب في الاباحية وفي ازالة حواجز التحريم الجنسي نهائيا في زنا المحارم والديوثية وغيرها من انواع الجنس الشاذ والجنسانية.

كما ان المجتمعات التي نادت قبل قرن من الآن باشتراكية الثروة تراجعت لديها اباحية الجنس، و بقيت تلك المجتمعات متمسكة بأهمية بقاء الأسرة و تنظيم الجنس بالزواج، علما انها لا تعترف باخلاق الدين مصدرا لذلك، و انما تعتمد على اخلاق الانسان المتحضر وسناتي عليها لا حقا.

السؤال الذي تتناسل عنه عشرات الاجوبة الجاهزة، هو لماذا انحلّت الاسرة في المجتمعات الغربية ولم يحصل ذلك مع الشعوب الشرقية؟ هل بسبب حصانة الدين وحده ام مؤثرات اخرى؟

هل تتحمل المرأة مسؤولية انحلال اخلاقيات الجنس في الغرب، وما دور الرجل بذلك؟

هل لعبت المرأة دورا تخريبيا، شأنها شأن الثروة المتراكمة في جيوب حفنة من الاغنياء المليارديرية والمليونيرية، وفي مؤسسات احتكارية عملاقة؟.

هل المرأة والثروة متلازمتان كسبب انحلال الاسرة اجتماعيا، وصولا الى تدمير اخلاقيات المجتمع المتواضع عليها ؟

ولماذا نقصر اخلاقيات الدين في قيمومتها والوصاية على اخلاقيات المجتمع في تماسكه الاسري؟ وكيف يمكننا الاحتكام في تقييمنا اخلاقيات المجتمع مع الاقرار بادانة ان النساء والثروة سببا التدمير الاسري والاخلاقي الاجتماعي؟

واذا سحبنا النقد الاخلاقي الينا، ألم يكن في مجتمعاتنا قيل وبعد الاسلام خروقات جنسية فاضحة ودامغة تبدا بخليفة المسلمين والامير والسلطان والقائد الذي يملك كذا عدد من المحظيات والجواري والغلمان وما ملكت ايمانه ممن لا ينالون حظوة الجماع والنكاح معه مرة كل عام؟ ما عدا الزوجات الاربعة اللواتي يجري عليهن تدوير حكم الطلاق للهروب من فضيحة المخالفة الشرعية، في سحب الدين غطاءا للمستور في ظهور الالتزام بتعاليم الشرع والدين ان الزوجات الاربع كاف لا اكثر.اليس في هذا مشاعية جنسية انثوية في مضاجعة كذا عدد من النساء لرجل واحد يتشدق بالذكورية المالكة والمتسلطة على الانثى وهوعبد شهوته التي يعجز من اشباعها؟

3. الاباحية الجنسية بين النظامين الراسمالي والاشتراكي:

هل كان من المفروض ان النظام الاشتراكي الشيوعي مقدرا له بعد ان ينجز بنجاح توزيع الثروة توزيعا اشتراكيا منصفا عادلا، ان يرافقه انحدار مغاير في الوصول الى نوع من الاباحية الجنسية تقوّض الاسرة واخلاقيات المجتمع كما حصل في مجتمعات النظام الراسمالي حتى من غير توزيع عادل للثروة.

بما يتعلق بهذا التساؤل قبل الدخول في تفاصيل، أشير الى معلومة لست متأكدا من صحتها، انه على خلاف المتداول عن مشاعية الجنس في النظام الاشتراكي الشيوعي، ان ماركس انكر المشاعية الجنسية واستهجنها من منطلق تقويضها البناء الاسري وتماسك العائلة والمجتمع، وبذلك وضع حدا فاصلا بين مشاعية الثروة التي يسعى النظام الشيوعي في مراحل متطورة من تطبيق النظام الشيوعي ضرورة الوصول لها وبلوغها كحتمية تاريخية مهمة، وبين مشاعية الجنس التي تستهدف نظام الاسرة بمقتل يتوجب الاحتراز منها وعدم الانغماس بها.وليس مؤكدا عندي ايضا ان كان فريدريك انجلز قد ذهب في مؤلفه الشهير(اصل العائلة) نفس المنحى ام لا؟ حول مشاعية الثروة ومشاعية الجنس.

ولتوضيح هذه المسألة الهامة على قدر المامي المتواضع بادبيات الفكر الماركسي اجازف بتحليلي واقول ان النظام الشيوعي بحسب اهتدائه بالنظرية الماركسية ومنهج المادية التاريخية، اعتبر الشيوعية آخر مراحل تطور الامبريالية الراسمالية يعقب افولها وانهيارها الحتمي، وبعدها سيمضي النظام الشيوعي الى مراحل متطورة من تعزيز الاشتراكية وتطويرها قبل وصولها الى حتمية تطورية تاريخية معقدة جدا تشي بانحلال الدولة، ليتولى الشعب ادارة شؤونه بنفسه وربما بمساعدة مؤسسات بديلة لا تمثل الدولة بمفهومها الحديث.لكن سوف لن يبقى هيمنة لسلطة ومؤسسات دولة فاقدة لمبرر وجودها اصلا في تمثيلها مصالح طبقة، وقتها سينعدم اي تملك فردي لتحل محله مشاعية مالية وامتلاك شعبي مباشر للثروة. لكن الاهم من كل ذلك ان هذه المراحل النظرية الافتراضية لن تشهدها اجيال عمرية محصورة بمئة سنة من الحياة على ابعد التقديرات المستقبلية في توقع اطالة معدل عمر الانسان ليشهد مراحل من الحياة تحتاج كذا الف عام..في تطور النظام الشيوعي ووصوله مراتب عليا في التطور الذي سيشهد انحلال الدولة. وهو ما لايتاح لاحد اليوم الجزم بان هذه الافتراضات النظرية ستحصل ام لا؟

لكن الآن اصبح من الموجبات الاقرار ان النظام الشيوعي الاشتراكي كان يتهدده التفكيك الاسري قبل الغرب الراسمالي ليس في مشاعية الجنس وحده، ولكن في مشاعية تردي الاوضاع المعاشية التي شهدها النظام الاشتراكي قبل انهيار مركزيته في تفكك الاتحاد السوفييتي القديم بداية التسعينيات.الذي كان بالضرورة يترتب عليه انهيار المنظومة الاخلاقية المجتمعية وهو مالم يحصل.

في المقابل بقي النظام الراسمالي في متاجرته بالاباحية الجنسية كواحدة من حقوق الانسان التي يغيض بها النظم الاشتراكية، وتكدس المال الاحتكاري الاستغلالي بطبقة ثرية متخمة ومجموع يعيش ضياعه في الاباحية الجنسية وانحلال النظام الاسري في تفشي الاستهلاك الجنسي غير المقّيد باية موانع او محرمات تضفي عليه نوع من الانسانوية الاخلاقية التي اعتادتها العصور البشرية.

واجد ان هناك استدراك لا بد من التلميح له حول تجربة النظام الاشتراكي مع اخلاقيات الجنس والتماسك الاسري، بان المجتمعات الصينية والنظام الذي يعيل ويقود اكثر من مليار ونصف المليار في حياة يشبع فيها الفرد والمجتمع جميع حاجاته الاساسية في حياة كريمة في التامين الغذائي والصحي والتعليم ومستلزمات الحياة الاخرى، من ضمنها توفير الكرامة الاخلاقية الجنسية في منحيين، الاول منحى عدم التفريط بالبناء الاسري ماديا وجنسيا، والمنحى الثاني عدم هدر اخلاقيات المجتمع بنوع من الاسفاف الجنسي المبتذل التي تتمشدق به الراسمالية المتغوّلة اقتصاديا والمنخورة اخلاقيا وجنسيا في ما لابراء منه الا في انحلال الراسمالية ومغادرتها مسرح التاريخ المعاصر.

4. العاملان الاقتصادي والديني في البناء الاسري:

اصبح من المتعذر جواز ربط الاباحية الجنسية التي يشهدها العالم على مستوى الفرد ومستوى الجماعة من غير ما ربط ذلك بفلسفة النظام السياسي الكلّية. وان الربط الاباحي الجنسي بحرية الفرد الشخصية وحقوق الانسان انما هو لعبة استغفالية يعمد لها النظام الراسمالي للتستر على نهجه الاستغلالي اللاانساني المقيت المدان.

النظامان الاشتراكي والراسمالي يفترقان في تفسيرهما المختلف حول انحلال الاسرة وتدهور اخلاقيات المجتمع في شيوع الاباحية الجنسية، واهمية ربطهما بفلسفة النظامين كلا على حدة، فالاباحية التي يصورها الغرب واحدة من الحريات الشخصية وحقوق الانسان لا يلغي الطابع الاستلابي المقيت للمجتمع الغربي اقتصاديا وسياسيا واخلاقيا. وهذا لا يلغي تاشير حقيقة البناء الاسري في المجتمعات الاشتراكية والتمسك بالاخلاقيات العامة، وكانه قد اعدم امامه فرص الحياة في حقوق الانسان وممارسة الحرية الشخصية المتداخلة مع الحرية العامة المكفولة في النظام الاشتراكي.

من بين عشرات الاجوبة الجاهزة في معالجة اشكالية تفكك الاسرة وتفشي الاباحية الجنسية يبرز العامل الديني المنقذ من الضلال على حد تعبير الغزالي، على انه حامي الاخلاق في الماضي وسندها في حاضرها وامانها في مستقبلها وفي هذا تعميم غير منصف، بدليل انه يلغي التعددية الدينية وفلسفتها الدينية المميزة المتفردة، ويلغي ايضا رابطة ووصاية ايديولوجيا النظم السياسية على الدين وتبعيته لها، فنظرة المسيحية للاباحية الجنسية هي غيرها نظرة الاسلام او البوذية وهكذا.

لا اعرف بالضبط اين قرات معلومة تفيد ان من مجموع سبعة مليارات نسمة تستوطن الارض عام 2017 من بينهم ست مليارات انسان يؤمنون بالدين ووجود الخالق الله، ولكنهم لايؤمنون باخلاقيات الدين تقود الحياة، وان المليار الباقي واعتقد انا اكثرمن ملياري انسان يتوزعون بين ملحد وغير مؤمن لا يؤمنون ايضا باخلاقيات الدين تقود الحياة .

وهنا يبرز امامنا النفاق البشري ازاء مهمة الدين في اصلاح اخلاقيات المجتمع والحفاظ على مستقبلها.عندما نجد الخرق الجنسي- الديني ياخذ صفة التطرف في استهدافه معاقل المقدسات الدينية في تحد سافر لسلطة ايديولوجيا الدين.ومثاله التطرف الجنسي الشاذ الذي لا يتوقف عند الزنا بالمحارم والديوثية، يعطينا مؤشرا واضحا انه لا العامل الاقتصادي وراء المشكلة ولا رغبة الدين معالجتها، فهي حرية جنسية وحق من حقوق الانسان الذي يلجم الجميع كما تذهب له المجتمعات الغربية.

5.تسليع الجنس؟:

تسليع جسد المرأة وارتهانه بالمتعة واللذة لا يحيلنا الى سبب معيشي او اقتصادي، يتخفّى وراءه الدافع الغريزي غير المعلن في الرغبة الشديدة تكسير المتواضعات الاخلاقية التي كانت سائدة بصرف النظر عن كونها مستمدة من خلفية دينية او مستمدة من اعراف مجتمعية سائدة، هذا ما تشهده المجتمعات الغربية.

واذا اجرينا مقارنة بسيطة بين دخل الاسرة في مجتمعاتنا الشرقية وتحديدا العربية الاسلامية، نجدها اوطأ كثيرا عنها في معظم بلدان العالم –باستثناء دول الخليج العربية – ونجد المفارقة في تسليع الجنس غربيا لا يقوم على دعامة دخل الفرد او الاسرة والذي كثيرا مايأخذ مقوماته من اشباع حاجات الانسان الضرورية المؤمنة للجميع تقريبا لكن بمستويات متفاوتة، مع ذلك نجد الممارسات الاختراقية الجنسية المتطرفة بشذوذها واستباحة كل الاخلاقيات الطبيعية ذات المصدر الديني او المجتمعي على السواء وعبور جميع حواجز المنع والمحرمات الجنسية هي سيدة الجنس.وهنا ينتفي ان يكون لمستوى دخل الاسرة اي دور في الموضوع في تفشي الاباحية الجنسية في الغرب.

اما في مجتمعاتنا الشرقية العربية الاسلامية يكون انحدار كسر المحظورات الاخلاقية في ممارسة الدعارة والبغاء مبعثه في الغالب العوز المعيشي والحاجة لتوفير مستلزمات الحياة الصعبة، لكنه يبقى محصورا في نطاق ضيّق اجتماعيا بعيدا عن التاثير المباشر العام الذي يجعل من السقوط في الانحراف الجنسي بديلا لاخلاق المجتمع المتعارف على حمايتها بشكل عام .وهي بهذا تكون مختلفة جدا عن الاباحية الجنسية المتداولة اجتماعيا عن مؤثرات واسباب المعيشة، وتكتسب مشروعيتها الزائفة في التمرير على انها حق لحرية الجنس المكفولة كحق من حقوق الانسان فيما يجسده الواقع الغربي ان الاباحية الجنسية هي الاخلاق الجنسية ان لم تكن المرتكز الوحيد لها.

على عكس ما نجده في مجتمعاتنا الشرقية ان الجنس مرتكز المحافظة على الاخلاقيات المجتمعية الطبيعية في بقاء الاسرة، وان العوز والحاجة رغم اهميتها في الحياة الصعبة، لكنما نجد ان الهاجس الذي ينتظم السلوك العام هو الحفاظ على تماسك الاسرة من الانحلال الذي هو عماد بقاء المجتمع كيان موحد غير ممزق تسوده اخلاقيات الطبيعة السوية في الزواج والانجاب الاسري.

 

علي محمد اليوسف / الموصل