الرئيسية

اعلان حالة الطواريء بالعراق.. دعوة مشبوهة

ali mohamadalyousifيزمع رئيس محلس النواب العراقي حسب تسريبات اعلامية مصدرها صحيفة الحياة اللندنية ، طرح قانون ادارة العراق بخطة طواريء،  تكمل وتتزامن مع  تمرير تأجيل انتخابات 2018  لسنة  واحدة مجهولة ومشبوهة النتائج لما بعدها.وان هناك دول داعمة(ومموّلة) لهذا المشروع المريب  في التدخل  بالمشهد السياسي العراقي المأزوم والمعقٌد بامتياز.

هذه السيناريو المشبوه هو عملية التفاف غير وطنية ولا نظيفة العواقب ولا صادقة  النوايا هدفها ابقاء العراق في دوامة الفساد والمحاصصة والعمالة الاجنبية وتدوير الابقاء على نفس الوجوه السياسية التي يرغب العراقيون الخلاص منها بأي شكل او طريقة وهم اعضاء مجلس النواب ومجلس الرئاسة ووزراء في الحكومة التي ستنتهي مشروعية بقائهم قريبا بحكم الدستور في نهاية الفصل الانتخابي الحالي.

واود الاشارة اني كنت قبل عام من الآن ، طرحت مسودة ورقة اصلاح سياسي نشرها موقع  صحيفة المثقف واخذتها عنه مواقع اخرى،  تقع في (45) مادة اصلاحية،  طالبت فيها اعلان حالة الطواريء بالعراق لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد او التقليص حسب ظروف البلد،  وكنت في حينها اتحسّب  عواقب المأزق الذي توقعته لمثل هذه الاجواء السياسية والفوضى السائدة حاليا قبل اجراء الانتخابات القادمة، وان ماطرحته حول حاجة العراق لمرحلة طواريء انتقالية هي غيرها التي يقصدها ويروّج لها رئيس مجلس النواب ومن يسانده ويرعاه من احزاب سياسية فاسدة ومحاصصة  بين السنة والشيعة والكرد بالداخل ومؤسسات ودول تمويل بالخارج.وهي دعوة حق يراد بها باطل الآن من قبل رئيس مجلس النواب،  وفي هذه الظروف العصيبة،  وان هذا المشروع يبدأ في  اول نتيجة مطلوبة منه  هوتمديد بقاء مجلس نواب تنتهي دستورية بقائه نهاية الفصل التشريعي الحالي الذي لم يتبق له اكثر من اشهر قليلة.

ان مارغبت  الدعوة له من اصلاحات تضمنتها الورقة قبل عام لا يمكن تنفيذها بغير دخول العراق في مرحلة طواريء انتقالية،  لكن ليس بالتوقيت والصيغة التي يحاول رئيس مجلس النواب تمريرها.  وكانت فقرات الورقة تهدف اصلاحا جذريا شاملا ومتكاملا لجميع اوضاع العراق بدءا من اصلاح ومراجعة الدستور وليس انتهاءا باصلاح العملية السياسية من المحاصصة والفساد والتقسيم وبقايا داعش وتوفير الحياة الكريمة للشعب العراقي واعادة الاعمار،  وتجنيب البلاد الدخول في فراغ دستوري وسياسي يكون مسرحا نموذجيا لمغامرات انقلابية عسكرية تدعمها امريكا ودول اقليمية يهمها تبديل الوضع العراقي الى اسوأ مما هوعليه وبأي وسيلة متاحة امامهم .

وكان مقترح حالة الطواريء في حينها كما اردته يمثل المخرج الوحيد للتخلص من زمرة فاسدة حكمت العراق منذ 2003 وتقوده اليوم الى مهاوي السقوط الذي لا نهوض بعده بعد تقسيم العراق. لكن ما طرحته في غير هذه الظروف وغير هذه الاهداف المعلنة ايضا وغير هذه الآلية المراد تطبيقها وغير هذه الوجوه الفاسدة الحاكمة التي لا تصلح ان تكون اداة تغيير واصلاح وهي سبب البلاء.

وان مايحاول رئيس مجلس النواب الترويج له في اعلان خطة ادارة العراق في ظل تعطيل الانتخابات واعلان حالة الطواريء هي ليست من صلاحياته الدستورية اصلا،  وان اول من يجب مغادرة المشهد السياسي في حال اعلان حالة طواريء هو مجلس النواب قبل غيره بحكم الدستور.بعكس ما يرغبه رئيس المجلس التمديد لعام او اكثر لمجلس نواب يفقد الشرعية الدستورية بعد شهرين او اقل من الآن.لذا يكون المنطلق المبدئي لتفويت الفرصة على هذه المشاريع المشبوهة هو في الاصرار على وجوب تنفيذ الانتخابات في وقتها المحدد مهما كانت الصعوبات والنتائج وتشكيل حكومة اغلبية سياسية.

ماهو الحل وكيف ومتى؟

انه من الامور التي باتت صعبة المعالجة ومفزعة في الوضع السياسي العراقي المعقّد جدا الذي يتهدده دخول البلاد في فوضى تنذر بكوارث جسيمة في بلد يتوزعه ثالوث مرعب وكابوس ليس سهلا الخلاص منه يتألف من اولا طغمة سياسية حاكمة فاسدة متسلطة لا يهمها سوى مصالحها وترفض التنازل عن كراسي الحكم وامتيازاتها وتحنيب البلد المزيد من الكوارث، وثانيا خطر عودة احتلال القوات الامريكية للعراق واحياء صفحات تقسيم العراق، وثالثا عدم امكانية ولا بمستطاع الشعب التغيير لا بالانتخابات ولا بوسائل التظاهرات.

ان الامور التي تطبع الواقع السياسي لا يجهلها ابسط مواطن ولا تحتاج التاكيد عليها،  منها مسالة الشد والجذب في لعبة اجراء الانتخابات ورغبة التأجيل المشبوهة النوايا،  وهو مايضع الشارع العراقي بين المطرقة والسندان انه في كلتا الحالتين اجراء او تأجيل الانتخابات فان النتيجة لا تصب في مصلحة الشعب العراقي الخاسر في نيل حقوقه في الامن وتامين الخدمات والعيش الكريم.وان الانتخابات القادمة لا تخرج نتائجها عن تدوير وجوه سياسية كالحة تتوزعها العمالة والفساد والمحاصصة،  وجوه استنفدت اي مبرر مشروع لبقائها في سدة المسؤولية والحكم. زمرة حرامية آخر اهتماماتها تحقيق مصالح الشعب العراقي،   وفي هذه مصيبة الشعب العراقي انه اذا ساهم بالانتخابات فهو يساهم في بقاء طغمة الفساد والمحاصصة واذا لم يشارك  بالانتخابات فان بقاء زمرة الفساد والمحاصصة لا تتزحزح ايضا وستبقى بالتزوير او وسائل التمديد.

من نتائج تاجيل الانتخابات

ان من اولويات نتائج تأجيل الانتخابات هو في حال تم ذلك تحت اي تخريج  غير دستوري طبعا من قبل الحكومة او المحكمة الاتحادية،  فالشعب العراقي  يطالب باسم الدستور اقالة وحل مؤسسات الدولة لانتهاء مدتها الانتخابية القانونية، وهي مجلس النواب ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء لان هذه المجالس جاءت ثمرة انتخابات 2014.ولا يحق لها تقاضي رواتب من الدولة  في حال تأجيل الانتخابات لمدة عام وتحاسب قانونا بخلاف ذلك.وربما يكون هناك تخريج لابقاء حكومة تصريف اعمال بزعامة العبادي لتلافي الوقوع في فراغ حكومي لاخلاص من قبولها.

ومن نتائج تأجيل الانتخابات هو تدوير ورقة السياسيين السنّة المحترقة في المناطق الغربية الذين افلسوا من اصوات الشارع السنّي لهم على ما اقترفوه بحق مدنهم التي استباحها داعش بتواطؤ وتعاون منهم معه، واليوم يطالبون بعودة النازحين والمهجرين واعادة الاعمار قبل اجراء الانتخابات. لعل بهذه الوسيلة  المتاحة حاليا تجري محاولة تزوير الانتخابات كما في السابق،  وليسوا بحاجة اليوم لأكثر من تأجيل الانتخابات والتمديد لبقائهم مع نوابهم لسنة او اقل يعقبها اعوام من التمديد غير الدستوري وهكذا تبقى الوجوه نفس الوجوه.

في حال تأجيل الانتخابات ستنحل الرئاسات الثلاث تلقائيا وسيكون من المتعذر حتى الابقاء على حكومة تصريف اعمال لا يوجد من يمدّد لها صلاحية بقائها وممارسة اعمالها وفق الدستور،   وفي ظل عدم اقرار الموازنة وقانون الانتخابات.

لتحنب العديد من المحاذير الخطيرة لا بد من اجراء الانتحابات في موعدها القادم المحدد دستوريا،  وهو أهون الشرّين واختيار المضطر، لكن المشكلة الكبيرة ان البيت الشيعي الذي اخذ على مسؤوليته انجاز تواجد داعش في العراق بنجاح كبير ، هل  بمقدوره اليوم المضي باجراء الانتخابات وتشكيل حكومة اغلبية سياسية حتى في حال مقاطعة السنة والكرد، وابقائهم كمعارضة؟لا اعتقد ذلك لان الكثيرين من النواب والمسؤولين الشيعة متورطين بفساد ينهي مستقبلهم السياسي في حال اتمام ونجاح اجراء الانتخابات وهم يروجون لتأجيل الانتخابات القادمة لخلط الاوراق مع غيرهم من الفاسدين الفوضويين.وان كل توافق مع الاطراف الثلاثة شيعة وسنة وكرد سيبقي المحاصصة على النموذج اللبناني وربما اسوأ.

 

علي محمد اليوسف/الموصل