صحيفة المثقف

نساء القصور على مرّ العصور (2): كليوباترا

راغدة شريف مجد الأب أو افتخار الأب وسروره، هي الملكة كليوباترا التي عينت وهي في الرابعة عشرة من عمرها نائب لوالدها فأصبحت ملكة مصر في الثامنة عشرة بمشاركة أخيها بطليموس الثالث عشر ويبدأ الخلاف بينهم ليتمكن من عزلها. لم تستسلم لواقعها وقد امتلكت من الذكاء والدهاء الكثير. لتخرج من بساط يفتح في القصر بزي حورية البحر أمام يوليوس قيصر القائد الروماني العظيم وقد وقع في غرامها واستكان في محراب جمالها وقوة شخصيتها وثقافتها ومهارة إقناعها. حاول الإصلاح بينها وبين زوجها بطليموس ولكن كانت النتيجة موت بطليموس غرقا بعد هزيمته. من هي كليوباترا هذه المرأة التي شغلت شغاف قلوب القياصرة والقادة حتى أن شعب مصر أحبها لما شهدت تلك الفترة من رخاء وسلام وهي مصر مستودع القمح للامبراطورية الرومانية. يتبادر للأذهان هل الجمال الساحر هو سلاحها الفتاك فنقرا أنه ظهر على قطعة من الفضة صورة كليوباترا بأنف طويل وذقن مدبب وشفتان رقيقتان. لو كانت هذه صفاتها الخارجية ماسمات تلك المرأة التي لازالت عالقة في أذهان البشرية ملحمة في الذكاء والسيطرة على عروش القلوب وعروش الإمبراطورية.

بحسب دراسة لقسم العلوم الإنسانية في الجامعة الفيدرالية البرازيلية، فهناك سمات ثمانية للمرأة الساحرة للرجال ومن هذه السمات :السمة الأولى  المرأة المتميزة القادرة على شد الانتباه بلبقاتها وتنظيمها لذاتها .السمة الثانية: المرأة القادرة على ملأ  حياة الرجل و التي  يشعرُ الرجل أنّه بدونها لا يستطيع العيش .السمة الثالثة: المرأة الصعبة التي تحترم نفسها وتطلب من الجميع احترامها فبحسب الدراسة ٧٠ بالمائة من الرجال لا يحبون المرأة السهلة التي تستسلم بسهولة للرجل وترضخ له.

السمة الرابعة: المرأة السعيدة مع ذاتها فهي قادرة على إسعاد الأخرين .

السمة الخامسة :المرأة الذكية صاحبة الذوق الرّفيع والذي يشعر الرجل معها بالفخر وهو بجانبها.

السمة السادسة : المرأة الخالية من العقد النفسية كالغيرة الشديدة أو التي تُشعر الرجل بأنه مقيد الحرية

السمة السابعة: المرأة المتجددة القادرة على إثارة اهتمام الرجل طوال الوقت.

السمة الثامنة: المرأة الصديق القادرة على بذل المساعدة للرجل دون أن يطلب مساعدتها ..

فهل اجتمع في  شخصية كليوباترا واحدة من هذه السمات ام السمات جميعا  ظهرت في شخصيتها ..

كانت كليوباترا ابنة لبطليموس الثاني عشر من زوجة مصرية هي ابنة كبير كهنة بتاح منف بحسب كثير من المؤرخين ..كانت كليوباترا الابنة المدللة والمقربة من أبيها ورفقائه في رحلة المنفي خارج مصر حتي عاد له عرشه وبالتالي فنحن أمام مراحل تشكيل السمة الأولى  وملامح المرأة المتميزة ...كما كانت كليوباترا تحمل ثلاث ثقافات اغريقية ومصرية ورومانية مما جعلها مثالاً حقيقيا للسمة الخامسة حيث المرأة التي يفتخر بها الرجال كما جعل أبيها يعهد إليها إلى جانب أخيها بعرش مصر بمباركة رومانية .

بعد وفاة القيصر حبّ جديد يطرق قلب كليوباترا إنه القائد  انطونيو فيقتنع القائد الروماني الشهير بالإقامة معها بالاسكندرية مما يؤجج الصراع داخل روما خشية تحول عاصمة الدولة من روما إلى الاسكندرية!!.. وتعلن الدولة الرومانية الحرب بقيادة اوكتافيوس علي انطونيو وكليوباترا والتي بادرت بالوقوف إلى جانب حبيبها وهي السمة الثامنة لتدور الدائرة عليهما وينتحر انطونيو فيما تحمل كليوباترا كأسيرة إلى اوكتافيوس.. وهذا الحبّ العظيم هو الذي حرك قرائح الشعراء والأدباء ويعتقد أن هذه القصة هي التي دفعت شكسبير ليكتب رائعته روميو وجوليت في مشهد درامي مؤثر حزين يظهر كليوباترا بصرخاتها المدوية وهي تضمّ حبيبها الذي انتحر عندما سمع شائعة موتها.. وهنا يتحدث المؤرخون عن انتحار كليوباترا بالكوبرا غير أنّ دراسة مثيرة قام بها أكاديميون من جامعة مانشستر البريطانية وصفت فرضية موت كليوباترا بسم الكوبرا بالمستحيلة من حيث استحالة اختباء ثعبان بهذا الحجم الكبير داخل سلة تين !كما انه ليس بالقاتل الفوري كما تدعي القصة.. والأرجح أنها انتحرت بعقار قاتل بعد هزيمتها وظهور ملكة مصر أسيرة حرب ذليلة وليس بسبب الحب كما يشاع.   القصة روتها آلاف الألسن ودونتها الكثير الكثير من الأقلام وما يهمنا العبرة في هذه القصة التي تروي أحداث الأمم الماضية لعل الأحفاد تتعلم من تجارب الأجداد والجدات.

 

استاذه راغدة شفيق محمود الباحثة السورية في علوم اللغة

د. محمد فتحي عبد العال كاتب وباحث مصري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم