صحيفة المثقف

التفسير السوسيولوجي لحروب الجيل الرابع (6)

محمود محمد علينعود مرة أخري للحديث التفسير السوسيولوجي لحروب الجيل الرابع في هذا المقال الخامس ؛ حيث نكمل كلامنا عن الطبيعة السياسية لحروب الجيل الرابع، وفي هذا يمكن القول: إن أهم خصائص حروب الجيل الرابع عدم التناظر أو اللاتماثل بين الأطراف المتقاتلة في إطارها، بمعني وجود تباين شاسع في القدرات والمنطلقات والأهداف بين الأطراف، فهي حروب بين جيوش وجماعات مقاتلة من غير الدول . هذه الجماعات المقاتلة قد تكون عابرة للقوميات، والأغلب ألا تكون ذات انتماءات قومية أصلاً؛ فهي لا تُعرف نفسها من خلال" الانتماء لدولة معينة، ولكن بكونها جزءاً من تكوينات تقوم علي أساس فكري أو ايديولوجي معين يوظف أساليب جماعات التمرد وحروب العصابات" .

ومن المعتاد أن تضم هذه الجماعات المقاتلة تكوينات من المتطوعين المدنيين ممن يحملون جنسية الدولة الخصم نفسها، كما أن "المقاتلين هنا لا يلتزمون بزي رسمي، ويصعب تمييزهم في كثير من الأحيان من المدنيين، كما يصعب تمييزهم عن بعضهم البعض من حيث الهرمية، وبشكل عام لا توجد قيادات ثابتة لهذه التكوينات المقاتلة، وإنما هناك سيولة ومرونة كبيرة تعوق الخصم عن استهداف رموز هذه الجماعات " .

وتستخدم هذه الجماعات وسائل غير تقليدية في القتال، ولا تلتزم في إطاره بالاتفاقيات أو الأعراف المعمول بها بين الدول والجيوش المتحاربة؛ إذ تعمد إلي استخدام كافة أشكال الضغط علي الخصم، من خلال ضرب أهدافه السياسية والاقتصادية والهجوم المباشر علي رموزه الثقافية (علي اعتبار أن الثقافة هي الوقود الحقيقي الذي يغذى هذا النوع من الحروب)، كما قد تستهدف المدنيين (لإرغامهم علي ممارسة ضغط علي حكوماتهم لوقف القتال)، وذلك علي امتداد المجتمع الذي يصبح بأكمله ساحة للمعارك.

وتتميز الجماعات المهاجمة في إطار هذه الحرب بأنها ليست ذات كثافة عددية، ولكنها تكتيكية وسريعة، الأمر الذي يضمن لها القدرة علي المناورة والتحرك بسهولة وسرعة علي الأرض، كما يحرم خصومها من الاستفادة من زيادتهم العددية وقدرتهم علي الحشد .ولا تعتمد هذه الجماعات عن أي دعم (إمداد وتموين) مركزي، وإنما علي الإمدادات اللوجستية التي يمكنها حملها حتي ساحة المعارك .

أيضاً ستضمن هذا النوع من الحروب استخداماً واسعاً لأساليب الحرب النفسية والتلاعب الإعلامي والتدخل المعلوماتي، لتوجيه الرأي العام في اتجاهات بعينها، ولهذا افترض البعض أن شاشة التلفاز قد تكون أكثر تأثيراً من الوحدات المدرعة في إطار هذا النوع من الحروب .

ومن ناحية المدي الزمني تعد حروب هذا الجيل طويلة المدي، ومن ثم لا يمكن حسمها من خلال ضربات استباقية أو مركزة، لعدم وجود مراكز لقوة الخصم. وإذا كان الاستراتيجي الشهير " كلاوزفيتز" قد "افترض أن الطرف المهاجم عليه ان يرد باستهداف مراكز قوة الخصم، لإخراجه عن توازنه وكسر شوكته، فإن المشكلة في حروب الجيل الرابع أنها مصممة بحيث تحرم الطرف المهاجم من أن يجد مركزاً يستهدفه بضرباته المضادة" .

ولقد أطلقت علي حروب الجيل الرابع عدة مسميات نذكر منها: إنها الحرب حرب المخابرات حرب الذكاء والدهاء والمكر والخديعة حرب الخداع والمؤثرات والدسائس، حرب استنزاف الطرف الآخر، وإفقاره، وإهانته، وتحقيره، وجعله شحاذاً يستجدي الآخرين بعد أن كان غنياً عن العوز والحاجة، حرب تدمير الكبرياء وتدمير الكرامة، وتدمير الإرادة، حرب تحويل الفاعلين إلي مفعول بهم وجعله مغلوباً علي نفسه، حرب التفتيت والانقسام التي يمكن إدارتها من الخارج ومن الداخل، حرب الانقسام علي درجة تجزئة المجزأ، وتقسيم المقسم، حرب إرباك وإزالة الدولة، حرب الكراهية السوداء والحقد الأسود الدفين، حرب إثارة النعرات واستخدام الحيلة والخديعة بأساليب مختلفة ومتطورة لبث الفرقة وروح الانقسام، واستخدام كافة صور الإرباك والطغيان والاستبداد والظلم بكافة أشكاله وطرقه وأساليبه . حرب المخابرات !! حرب استخدام المعلومات والبيانات التي تم جمعها وإعدادها وتحليلها طوال سنوات طويلة عن الطرف الآخر، واستخدامها لإحداث المعرفة لدي متخذي القرار، واستغلال الحاكم الظالم من تغييب دور الدولة، ومن أجل إنهاء سيطرة الدولة، واستخدام المنظمات المتعددة للتقسيم وتغييب الإرادة.. إرادة التنمية الآملة فيها، وجعل الهاجس الأمني، هو كل شئ، حيث الهلع والرعب من كل شئ .حرب التوجس، والخيانة، والشك، وعدم اليقين من أي شئ، بل استسهال الانقلاب علي كل شئ .حرب استخدام الدولة بكامل مؤسساتها،خطورة حروب تدمير الدولة ذاتيا، حروب استخدام أبناء الوطن الواحد لتدمير هذا الوطن، استخدام الخونة والجواسيس والعملاء. "استخدام علم المخابرات بأبشع صوره، مع تغييب جميع أجهزة الأمن، أجهزة حماية الدولة، وإشغال هذه الأجهزة عن متابعة الخونة والجواسيس والعملاء، وترك الميدان أمامهم مفتوحا وهو ما يحتاج إلي فهمه وعلمه والتحذير منه .

حرب تستخدم فيها الكلمات أقوي من الرصاص، وتستخدم فيها الأكاذيب أقوي من المدافع، وتستخدم فيها المؤامرات أقوي من البوارج والطائرات، وتستخدم فيها الدسائس أقوي من أسلحة الدمار الشامل . حرب استخدام كافة القوي المتصاعدة التى أمكن تجنيدها، واستخدام المصالح والمكاسب الشخصية من أجل إحكام الصراع الذي يدمر البلاد، ويوجد الحقد والحقد المتبادل بين الطرفين، حرب الانقسام والتفتيت والتشتيت وضياع الحقوق - ضياع حق الحياة الآمنة – ضياع ما أحدثته البشرية من إنجازات وحضارة – حرب الدمار الشامل لكل شئ حيث لا يتبقي شئ- حرب تدمير الجهاز المصرفي وتدمير عقل وقلب الأمة – حرب المكر والدهاء – حرب تدمير العقول والخبرات – حرب تدمير الولاء والانتماء –حرب تدمير النظم وتدمير الوعي الإدراكي الشامل لدي قطاعات البنك المعنية، وجعل البنك غير مترابط فاقد الإدراك بأهمية التمويل المصرفي، والذي تحول إلي عجز مصرفي، وتحولت القدرة التمويلية إلي فاقد تمويلي، وغابت القدرة التمويلية إلي فاقد تمويلي، وغابت عن رؤية البنك الفرص الاستثمارية في مشروعات متكاملة .

إنها حرب التجنيد والزرع من أجل تدمير الطرف الآخر والسيطرة علي مقدراته وإلحاق أقصي وأشد الأذى به، وجعل شعبه يقتتل وجعل شعبه يقاتل بعضه بعضاً قتالاً ليس من أجل الحياة، بل سلب هذه الحياة . إنها حرب الاصطياد .. اصطياد من لديه استعداد للخيانة، وتعهده بالتدريب والإعداد، حرب التجنيد والزرع للخونة والمغفلين والمصدقين لدعاوي الحرية وسط الاستبعاد.. والديمقراطية وسط الاستبداد .. حرب امتلاك الإرادة وسط طغيان السلطة.. إنها حرب ضد كل ما يحبه البشر ضد الحقد الأسود الدفين الذي تم زرعه وإيجاده بدهاء ومكر وخبث في وسطهم .

كما توصف حروب الجيل الرابع كذلك بأنها حرب تأجيج الثورات تحت شعار الاستبداد والفساد؛ لقد أدي طغيان الاستبداد والتطاحن والحقد والضغائن ونشر الفساد المنظم واستخدام الرشوة والتزوير والجهل والتزوير والتزييف وإشاعة العطالة والبطالة والفاقد في ربوع الاقتصاد إلي سيادة أوضاع شديدة القسوة .. أدت إلي اشتياق الأفراد لنسيم الحرية والديمقراطية وامتلاك الإرادة.. امتلاك الوعي الإدراكي الشامل بحرية الإنسان، والعمل في إطار تجسيد إرادة التنمية الشاملة وصنع المستقبل واقتسام العائد .. الحلم باقتصاد السعادة. إن هذا قد وضع للثورة معايير، وأوجد لها نظام، وأوجد مقاييس .. فعلاقات الارتباط القوية ما بين أوضاع الإرباك المصنوعة لإيجاد وتنمية أوضاع الفوضى العامرة، وزيادة الحنق والضيق في العديد من الدول التي أدت إلي الثورة . فقد هانت اعتبارات فقد الحياة علي اعتبارات الحياه في حجم من الذل والمهانة ومحاولات كسر الإنسانية .. إن هذا الطغيان قد أدي إلي انتشار الثورة .. انتشار قوة الإرادة الشعبية علي قوة الاستبداد المدعم بالسلاح .. فإرادة السلطة الفاحشة عمياء عن أن تنظر إلي الشعب.. سوي نظرة السلب والنهب والسرقة.. واستخدام أسلحة القتل والاعتقال لمن يجرؤ علي مجرد الحديث العابر. إن هذا هو البداية الحقيقية للثورة.. إن الثورة ليست عملاً منظماً .. بل عمل فوضوي شديد القوة .. كفيضان مدمر لا يقف أمامه شئ .. لكن بعد أن يمكن من قتل من كانوا في السلطة يعيد تنظيم نفسه، ويعيد توازنات أفكاره وقواه.. وعندئذ تبدأ الثورة تحت شعار ضد الظلم وضد الطغيان وضد الاستبداد والوقوع في فخ الإفساد والفساد بأشكاله وطرقه وأدواته المختلفة .

وتستخدم حروب الجيل الرابع الدعاية ضد الخصم بالإضافة إلي استخدام وسائل أخري لها طابع النشاط الحزبي أو الاقتصادي أو السياسي علي النحو الذي يكون مكملاً لنشاط الدعاية وإذا أخذنا في ذلك أن الحرب النفسية هي لون من النشاط الدعائي الذي استجد بعد الحرب الكونية الثانية. وتوجه الحرب النفسية لشل معنويات العدو وتقليل عزيمته علي القتال وإلقاء الرعب في قلبه ودفعه إلي الاستسلام .والحرب النفسية حرب شاملة توجه إلي القوات المسلحة وتمتد إلي الجبهة الداخلية، إلي الشعب كله عسكريين ومدنيين، وهي حرب متصلة ومستمرة في زمن الحرب والسلم علي السواء ..إنها تشن قبل الحرب الفعلية لتحطيم معنويات العدو، وتتغلغل الحرب النفسية في جميع شؤون ونواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

وتقوم حروب الجيل الرابع علي الهجوم والدفاع في وقت واحد وتستخدم أوسع نطاق الحرب الخاطفة ؛ فحروب الجيل الرابع هي تحطيم قوة الجيش وانهزامه عن طريق نفسه، وإن الحرب النفسية أقل كلفة من الحرب المادية، وباستطاعة أي جيش أن ينتصر بواسطة الحرب النفسية بأقل عدد، فهي وسيلة لإضعاف معنويات الأعداد العسكريين والمدنيين وتقوية معنويات القوات الضاربة والجبهة الداخلية .

وتعد حروب الجيل الرابع من أخطر أنواع الحروب لأنها تستهدف في الإنسان عقله وتفكيره وقلبه لكي تحطم روحه المعنوية وتقضي علي إرادة القتال والمواجهة لديه تقوده نحو الهزيمة كما أن الحرب النفسية هي أخطر الحروب التي تواجه الحركات الثورية والإصلاحية في كل زمان ومكان فهي تحاول أن تصيب الأفكار والتعاليم الناهضة وتحول بينها وبين الوصول إلي العقول والرسوخ في القلب وهي تعمل علي بذر بذور الفرقة والانقسام بين أبناء الشعب أو المجتمع الواحد وتضع العقبات أمام مسيرة التقدم والتطور وتعمل في الظلام وتطعن من الخلف .

كما تلجأ حروب الجيل الرابع إلي تشويش الأفكار وخلق الأقاويل والإشاعات المغرضة ونشر الإرهاب وإتباع وسائل الترغيب والترهيب مما يجعل هذه الحرب أشد خطورة من حرب المواجهة العسكرية في ميادين القتال .كما تفعل إسرائيل الآن في الشارع الفلسطيني من حرب نفسية تعتمد علي بث الإشاعات التي يقف وراءها الطابور الخامس وخفافيش الظلام بهدف خلق البلبلة في المجتمع الواحد وشق الصف الوطني ووضع العقبات أمام مسيرة البناء والتقدم الاجتماعي مستخدمة كل ما تستطيع من أدوات كعمليات غسيل للدماغ ودعايات وإشاعات وغيرها من أدوات الحرب النفسية.

وتوجه الحرب النفسية لشل معنويات العدو وتقليل عزيمته علي القتال وإلقاء الرعب في قلبه ودفعه إلي الاستسلام والحرب النفسية حرب شاملة توجه إلي القوات المسلحة وتمتد علي الجبهة الداخلية، إلي الشعب كله عسكريين ومدنيين، وهي حرب متصلة ومستمرة في زمن الحرب والسلم علي السواء .

وتدخل حروب الجيل الرابع ضمن ما يُطلق عليه " نظرية الحرب بلا قتال"، حيث لكل جيش في العالم مصدران للقوة معنوي ومادي، والمصدر المعنوي أهم بكثير من المصدر المادي لإحراز النصر بتوجيه ضربات نفسية قوية إلي معنويات العدو لأنها مصدر القوة لديه وأفضل سلاح لتوجيه الضربات النفسية للعدو هي الحرب النفسية التي تستهدف عقل وتفكير قلب المقاتل بهدف تحطيم معنوياته والقضاء علي رغبته وقدرته علي القتال لأن الشخصية هي ميدان الحرب النفسية، لأن الحرب المادية ليست العامل الوحيد ولا الأول في كسب الحرب .

لذلك تعد حروب الجيل الرابع هي عبارة عن "استراتيجية تم وضعها خصيصاً لإفشال الدول، ويتم تنفيذها ببطء عبر العمل على إنهاك الدول المستهدفة، والنخر فيها من الداخل إلى أن تتآكل وتصاب بالعجز، وينتهي بها الأمر إلى الركوع والخضوع لإرادة وهيمنة الدولة المستهدفة".

لذلك حرب الجيل الرابع يعرفها الخبراء، بأن من ضمن أهدافها،" إشعال الفوضى في الدولة المستهدفة، لتتحول إلى دولة فاشلة، يسهل زعزعة استقرارها، وإن حرب الجيل الرابع لا يمكن إشعالها إلا باستخدام وكلاء محليين، ويكون ذلك إما بترتيبات للتعاون مع قوى خارجية، سواء عن وعي بما تريده هذه القوى، أو أن تكون المنظمة الإرهابية جاهلة بالهدف الحقيقي للجهات الأجنبية، وغافلة عن أن ما تفعله، يخدم في النهاية هدفاً استراتيجياً أعم وأشمل، وأن هذه المنظمات مجرد أدوات للتنفيذ".

كذلك توصف حروب الجيل الرابع بأنها تمثل حرب اللاعنف وهي حرب يراد بها إسقاط الأنظمة بلا سلاح مباشر عبر المظاهرات، والإضرابات، والاعتصامات، والعصيان المدني، وتعطيل سير الحياة اليومية، وإقامة حكومة بديلة، ومحاصرة المقرات السيادية للدولة واحتلالها سلمياً، هي "حرب سياسية محضة ليس فيها جانب عسكري، حرب نجحت في أوروبا الشرقية، وابتدأت في النجاح في الدول العربية التي قامت فيها ثورات، لكن الأنظمة الدكتاتورية استطاعت تحويل وجهة هذه الحروب إلى الجيل الرابع (حروب الإرهاب والحروب الأهلية) " .

ويعد الإعلام أهم أسلحة حروب الجيل الرابع على الإطلاق، وذلك باستخدام أجهزة الإعلام التقليدية مثل قناة الجزيرة أو تجنيد الإعلاميين أنفسهم لقيادة الرأي العام والتأثير عليه وغيرها من القنوات وأجهزة الإعلام الجديدة، مثل "مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تشتيت الرأي العام، وتوجيهه والسيطرة عليه، والتجسس عليه ولاكتشاف من يمكن تجنيدهم كعملاء من خلال أفكارهم التي يطرحونها على مواقع التواصل، وقد تم تجنيد العديد من منظمات المجتمع المدني، والمعارضة، والعمليات الاستخبارية، لتشمل جميع الأدوات التي من شأنها زيادة النفوذ الأمريكي في أي بلد، لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وسياسات البنتاجون" .

ولذلك تستخدم وسائل الاتصال المختلفة كإحدى أدوات حروب الجيل الرابع وما تلاه من أجيال، وتعمل الدول المُحاربة على تجنيد أكبر عدد من إعلاميي وصحفيي الدول المستهدفة، وممن يمتلكون القدرة على التأثير في الجمهور وصناع القرار،وأصبح صناعة الخبر وبث الشائعات والفتن وتضخيم أحداث بعينها في مقابل تجاهل خبر آخر أمراً يسيراً، "ويستغل الإعلام في التأثير على مواطني الدولة المستهدفة وكسب تعاطفهم مقابل التنفير من الحرب والنظام الحاكم، الأمر الذي من شأنه زعزعة أركان الدولة وجعل الإعلام أداة أكثر فتكاً من الجيوش العسكرية" .

وازدادت الأهمية التي تلعبها شبكات التواصل الاجتماعي في هذا الصدد، لتميزها بسهولة الاستخدام وسرعة الانتشار ومساهمتها في نشر الأفكار عالمياً، وتوفير مادة معلوماتية – كتابة، أو صوتاً، أو صورة، أو فيديو – والتي قد تكون مغلوطة ومفبركة لتوجيه الأذهان، نحو قضية ما وكسب التعاطف، لصالح طرف بعينه، استغلت ولازالت تستغل الولايات المتحدة الأمريكية سيطرتها على الإنترنت وجميع وسائل التكنولوجيا الحديثة في "إحكام قبضتها على العالم ومحاصرة من يعارض مصالحها، فأهم وأغلب محركات البحث، وشبكات التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الالكترونية، ومشغلات الهواتف الذكية أمريكية الجنسية.

من كل ما تقدم يمكن القول بأن موضوع حروب الجيل الرابع يثير من الجدل والأسئلة أكثر مما يؤدي إلي اتفاق أو توافق أو يوفر إجابات، حيث يصعب الفصل بين أجيال الحروب المختلفة لأنها لا تأتي بصورة متعاقبة؛ بمعني أن الجيل الجديد من الحروب لا يكون إذن حتماً بانتهاء الجيل السابق فكل جيل من الحروب جاء ليعالج سلبيات الجيل السابق والاستفادة من دروسه وخبراته؛ حيث "يمثل الجيل الرابع من الحروب نوعيه جديدة وصوره مختلفة عن أجيال الحروب المتعارف عليها، إلا أنها لا تلغي وجود الحروب التقليدية واستمرار الحروب غير المتماثلة بأشكالها وأبعادها المختلفة" .... وللحديث بقية!

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم