صحيفة المثقف

السرد الصوفي

رحيم الساعديان النص السردي هو نقل الأحداث باستعمال اللغة أو التصوير أو غيرها من وسائل التعبير، على ان يشتمل على سلسلة احداث متسلسلة زمنيا ومنطقيا، وان توجد تغييرات جوهرية في الاحداث الجارية مع وجود الهدف ووحدة الموضوع .

ولا اظنها مصطلحات تفتقر الى قيمة وجودية، فهي أحد اهم أدوات المشتغلين بالجانب المعرفي الروحي، والسرد امتداد مهيب، يتوزع على جوانب حياتية عديدة، فيمكن وفق ذلك توزيعه على:

1- سرد ديني كالذي نعرفه في قصص القران والتورتة والانجيل وعلامته انه مكثف موجه يحمل أكثر من غاية وهدف وهو يرتبط بميتافيزيقيات مختلفة التنوعات.

2- والسرد الميتافيزيقي وهو خارطة معرفية تتشح أحيانا بالرموز والتداخلات المعرفية والأخلاقية والدينية 3-  ولا يمكننا استثناء سرديات الاساطير .

4- الحكايات الفلسفية التي وردت على صفحات منظومة الفلسفة اليونانية مثل بارمنيدس او غالب الفلاسفة الطبيعيين او افلاطون وغيرهم.

5- وبإمكاننا الحديث عن سرد نفسي او ادبي او فني او شعبي او سرد تخيلي، وما نحن بصدده هو مصطلح السرد الصوفي الذي يعني المرويات والحكايات التي ينسجها نساجو الفكر الصوفي او الاشراقي او العرفاني او الروحاني بشكل عام.

وقد تكون بصورتين الأولى هي شخصية السارد والأخرى بصيغة الغائب او يمكن الإشارة الى كونهما ثنائية الانا والهو او الانت والانا او (النحنو) و(الهم )وهكذا.

والحوار الداخلي للنص السردي لا يبتعد عن وصفه بالمونولوج أو حديث النفس أو النّجوى هو حوار يوجد في الروايات، ويكون قائما ما بين الشخصية وذاتها أي ضميرها. بمعنى آخر هو الحوار مع النفس، اما الحديث بصيغة الغائب فهو طريقة أخرى تحتاج الى تحليل وفهم لسلوك السارد الصوفي.

وتتوزع حكايات السرد الصوفي الى:

1- نماذج سردية قصيرة يمكن وصفها بالواقعية فهي مرويات لبطولات وكرامات.

2- نماذج لقصة متكاملة مركبة وتمزج الجانب المعرفي بالديني والميتافيزيقي.

3- نماذج سرديات تتصل بالجانب النفسي.

4- أخرى بالجانب العقائدي كما في الملاحم الهندية او الايزيدية

وما يميز هذا السرد سيما الوصف السريع المرتبط بالحكمة، انه يحمل الكثير من الذاتية فنلاحظ ان اخراج الحكاية (الكرامة لدى الصوفي او العارف) تكون من الظلمات الى نور الاعلام، واساس طرحها انها تمثيل تبجيلا من نوع يرتبط بالأخرة او بقوة الشخص الذي يرنو الى وجود اخر يختلف عن وجوده الحالي، والتاريخ الإسلامي يعج بهذه الصور التي تبرز أحيانا بشكل غير دقيق وتمجد من لا علاقة لهم بالتصوف او من لم تقع على شخصه القصة المروية.

وغالب القص الصوفي يشير الى نوع من القبض الروحي والنفسي كما يرد في تجربة الغزالي، وبعضها كانت بشكل دراماتيكي كما مع بشر الحافي او الفضيل بن عياض، او الى عزلة مطولة ترتبط بالمعرفة وهو ما حدث مع صدر الدين الشيرازي.

وربما يمكن القول ان السرد الصوفي اتسم بالذاتية بشكل لا جدال فيه وهي ذاتية قد ترتبط بالمعرفة او بالعقيدة او بالانا التي لم تفارق القاص او المقصوص عنه في السرديات الروحية، الا انها تخص الانا التي تنسخ وجودها الدنيوي الذي تحاول حرقه لتسلط ذلك الحريق على درب اخر، قد يمثل نوعا من اللذة او المغامرة او الاغتراب او هو ليس الا المختلف والمغاير للمجتمع الذي يبدو ضئيل الوجود والقيمة لذا يهرب منه الروحاني الى عالم اكثر قوة ويستخدم القص والسرد لتقوية اليته تحوله.

 

د. رحيم الساعدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم