صحيفة المثقف

الثورات والعُنف

علي المرهجرافق العنف كل الثورات القديمة منها والحديثة من دون الحاجة لوجود مُندسين لأن فعل الثورة فعل يُحركه الحس الجمعي المؤسس على مطالب حقيقية، فلا مقبولية للفعل الثوري إن لم يكن لأصحابه وجماهيره مطالب حقيقية تمنح ثورتهم شرعيتها.

مع ذلك فالحس الجمعي يُحرك الأفراد المشاركين في الثورة ليغيب في كثير من الأحيان العقل الفردي لصالح الفعل الثوري الذي رغم أنه تأسس على رؤية عقلانية لتصحيح مسار العملية السياسية بسبب تقصير قادتها في الإيفاء بوعودهم التي قطعوها للجمهور، فأفسدوا وأمعنوا في فسادهم المالي والإداري.

أقول رغم وجود مبررات عقلية وواقعية وأسباب حقيقية لخروج الثائرين، إلا أن كل فرد فيهم لحظة الحدث (الثورة) إنما يتحرك لا وفق تحليل عقلي لكل أفعاله وسط الجمع، لأن حركية الثورة وفاعليتها وديمومة جذوتها إنما تتم على أساس اندماج الروح الفردي بالروح الجماعي، لتكون العاطفة والوجدان والتحفيز الجماهيري (الهياج الثوري) عواملاً أساسية تُفعّل الطاقة المكنونة في قلوب وعقول الثوار.

إذن، هل يُرافق العنف الفعل الثوري؟ أظن أن الجواب واضح وهو إمكانية وقوعه أمر من قبيل تحصيل الحاصل من دون الحاجة لوجود (مُندس) وإن وجدّ، وهذا أمر طبيعي ويحصل في كل الثورات، وربما يكون المُندس أحيانًا من رجالات السلطة الت خرج عن طاعتها الثوار، مع إمكانية أن يكون من خارج طرفي الصراع (الثوار) و(السلطة)، وفي حال مثل حالنا سسكون من اليسير على كل دولة أو جماعة لها مصالح في إدامة الخراب في العراق واضعافه التدخل.

لو عُدنا لقراءة التاريخ وما حصل في جُلّ الثورات في كل بقاع المعمورة لعرفنا أن الممارسات العنفية بين طرفي النزاع أيام الثورة هو أمر عادي، وقد حدث في الثورة الفرنسية والروسية والأمريكية..ومن ثم ثورة يوليو في مصر، وثورة ١٤ تموز في العراق....إلخ

وليس ببعيد عنا ما حدث في الثورتين المصريتين المعاصرتين، وما حدث في تونس وليبيا واليمن والسودان مؤخراً..

ولو اعتبرنا الحركات الاحتجاجية بأنها ثورة أو تمهيد للثورة بالقياس لكل هذه الثورات التي ذكرناها فهي الأقل عنفاً ودموية إذا أخذنا بعين الاعتبار تأكيد السلطة على وجود جهات خارجية تدعم بعض المُندسين.

 

ا. د. علي المرهج

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم