صحيفة المثقف

حلول المجانين!!

صادق السامرائيعندما يتعطل العقل وتضيق آفاق الحالات وتقبض على الوجود عواصف دكناء دهماء، يكون من الاصلح التحاور مع المجانين وإستبيان رأيهم وما هي مقترحاتهم، ووجدتها فرصو مواتية لأتحاور مع جمع من المجانين جمعتي بهم الصدف التي هي خير من ألف ميعادٍ وميعاد.

- مرحبا أيها العباقرة الألباء!!

قال أحدهم:

- أ تهزأ منا؟

قلت: لا، ولكن الحيلة أعيتني ووجدت أن عندكم الخبر اليقين.

قال آخر: وماذا ينهكك ويعييك؟

قلت: واقع الحال ومرارة المآل!!

قالوا: أفصح عما تريد؟

قلت: العراق دمه يُراق!!

قالوا: وما الجديد؟

قلت: آلا تتابعون الأحداث وتنظرون الأخبار؟

قالوا: نحن نعيش في قلب المأساة!!

قلت: وكيف ترونها؟!

قالوا: لعبة حامية وميادين دامية وإنهيارات آتية!!

قلت: وماذا بعد؟

قالوا: النجاة في مَن أحالوا الجيش على التقاعد!!

قلت: ومَن هؤلاء؟

قالوا: ألا تعرفهم!!

وقهقهوا جميعهم وأنا في حيرتي بينهم، وأضاف واحد منهم وقد أمسك بلحيته

-إنهم أدرى بالحلول، وعندهم الحل المبين!!

قلت: كيف؟

قال: يعيدون إحتلال البلاد ويفرضون حكما عسكريا وحالة طوارئ وأحكام عرفية، ويجردون أثناءها الفئات من السلاح، ويلغون الأحزاب، ويعطلون العمل بالدستور، ويزيحون الذين يسمون أنفسهم برلمانيين، ويقبضون على النفط من عنقه.

قلت: وماذا بعد؟

قال آخر: يكتبوا دستورا وطنيا جديدا مثل دستورهم الذي يحكومون به بلدانهم.

ونادى آخر: وتُقام إنتخابات حرة وبإشراف دولي.

وصرخ غيره قائلا: الجيش الجيش، بناء جيش قوي، بدون الجيش لا دولة ولا حكومة لها دور وقيمة.

ونهض آخر وكأنه يريد أن يقدم خطبة فقال: المصيبة في العمائم، فعليها أن تعود إلى مواضعها وتترك الخبز لخبازته، أصبحوا " حمص بالجدر يركص" وضحك مَن ضحك وأسكته آخرون، لكنه ختم، بقوله أن العمائم بيت الداء!!

وضحك صاحبه وصاح: أعمه وجلّب بشباك الكاظم، شيحلها!!

وطغى الهرج والمرج، واقترب مني أحدهم وهو يقول: يمعود صايرة خبصة، ماكو حكومة، شليلة وراسها ضايع، تكدر تكلي منو يحكم؟!!

وعجبت من رؤاهم وحلولهم، ووجدتهم أبلغ حكمة من البرلمانين والسياسيين، والمعممين، والمثقفين، فما كانوا يثرثرون، وإنما بالعقل ينطقون، وبإرادة الحياة يتكلمون.

فهل لنا أن نستمع لرؤية المجانين، فلربما فيها الصلاح الأمين؟!!

وإنّ الجنون فنون وظنون!!

 

د. صادق السامرائي

9\12\2019

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم