صحيفة المثقف

من يوسف اليوسف الى غسان كنفاني.. رعشة محبة

ناجي ظاهرتزود الكاتب الناقد الفلسطيني يوسف سامي اليوسف، بنوع متين من الثقافة والاطلاع، الامر الذي اهله للإدلاء بآراء مختلفة وغير مألوفة في الفن والثقافة الفلسطينيين خاصة، ورغم احترامه وتقديره الشديدين لهذه الثقافة واعلامها، فقد تعامل معها برؤية متعمقة بعيدة عن التقديس المُهلك والمدمر للثقافة، ويعتبر رايه في كتابات غسان كنفاني، مثلا، رايا مختلفا وجديرا بالاهتمام.

يوسف سامي اليوسف من مواليد قرية لوبية المهجرة عام 1938، نزح إلى لبنان عام 1948، وغادر إلى سورية سنة 1956، التحق بجامعة دمشق 1960 وتخرج فيها. عاش حياته في مخيم اليرموك، في بيت متواضع بناه "حجراً على حجر"، وعلى مراحل، وكان بيته وكانت مكتبته ملاذاً لأجيال من المبدعين الفلسطينيين والسوريين والعرب المقيمين في سورية، كما شهد الكثيرون من هؤلاء.

سجل كاتبنا سيرته الذاتية في ثلاثة اجزاء، صدر اثنان منها عن "دار كنعان"، في دمشق تحت عنوان" تلك الايام"(هذا العنوان بالمناسبة، هو ايضا عنوان احدى روايات الكاتب العربي المصري فتحي غانم)، ولا يعلم ما اذا صدر الجزء الثالث منها. يعود اليوسف في سيرته هذه الى اجداده الاول فيذكرهم بالاسم، الفصل والاصل، حتى يصل الى والده الذي عمل شرطيا في فترة الانتداب، ما قبل قيام اسرائيل، ويستعرض فيها حياته اولا بأول، كأنما هو يريد ان يقدم الى قرائه شهادة تؤكد قصة انتمائه الفلسطيني وكفاحه كانسان مناضل من اجل الوجود والحياة.

كتب اليوسف وصنف العديد من المؤلفات هي: مقالاتٌ في الشعر الجاهلي- دراسة- دمشق 1975والغزل العذري- دراسة – دمشق 1978. وبحوث في المعلقات- دراسة- دمشق 1978. والشعر العربي المعاصر- دراسة- دمشق 1980و، ما الشعر العظيم ،- دراسة- دمشق 1981 وكتاب عن غسان كنفاني بعنوان، رعشة المأساة ، - دراسة- عمان 1985 وكتاب عن الشخصية والقيمة والأسلوب- دمشق2000 . وكتاب في التاريخ بعنوان "حطين "- دراسة- دمشق، 1987وآخر بعنوان "فلسطين في التاريخ القديم، – دراسة- دمشق، 1989. وكتاب عن" الخيال والحرية" دمشق 2001 و" مقدّمة للنّفري"- دراسة في فكر وتصوف محمد بن عبد الجبار النفري- دمشق ، 1997. و"ابن الفارض" – دراسة ، دمشق، 1994. وترجم عن الإنجليزية: "الديانة الفرعونية"، و"مختارات من شعر اليوت"Eliot. أما سيرته الذاتية فقد صدر منها جزآن فيما نعلم عن دار كنعان في دمشق ولا يعلم ، كما سلف، ما اذا كان الجزء الثالث، صدر ام لا.

اتيح لي قراءة بعض من مؤلفاته هذه، لا سيما كتابيه "الخيال والحرية"، و"مختارات من اليوت" و"رعشة المأساة" وهذا الاخير يبحث في كتابات وروايات الكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني. يضمن اليوسف كتابه عن الخيال رؤية ادبية واعية وعميقة للأدب، وبإمكاننا اعتبار هذا الكتاب الفريد مدخلا جيدا ومرشدا لقراءة الادب وفهمه، ويلمس قارئ ترجمته لمختارات من شعر اليوت، تمكنه من اللغة الانجليزية وجديته في التعامل معها، اما كتابه عن رعشة المأساة، فانه يقيّم فيه التجربة التراجيدية التي عاشها غسان كنفاني معتبرا اياه نموذجا حيا للتجربة الفلسطينية التي تسببت فيها ظروف قاهرة.. جعلتها تختلف عن معظم التراجيديات في العالم. وهو يقرا كنفاني في كتابه هذا عنه قراءة متعمقة، ترى ما له وما عليه، ومما يقوله بجرأة غير معهود وقائمة، ان روايتي "عائد الى حيفا" و" رجال في الشمس" لا تعدوان كونهما قصتين قصيرتين ممطوطتين، او شيئا من هذا القبيل، وان احدا من نقاد كنفاني الكثيرين لم يتجرا على الادلاء بمثل هذا الراي الجدير بالنظر والمعاينة.

بعد وفاة يوسف سامي اليوسف عام 2013 مباشرة، توجهت الى عدد من الاصدقاء من مديري المؤسسات الثقافية التراثية طالبا ان ننظم ندوة تهدف الى التعريف به، او إحياء ذكراه.. فوعدوا.. ولم يفوا حتى الآن.. فهل اجدد الطلب؟

 

ناجي ظاهر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم