صحيفة المثقف

محسن كديور والقراءة المنسية للتشيع

1363  القراءة المنسيةإنه الشيخ الحوزوي والمفكر الإصلاحي الإيراني الذي درس العلوم الدينية في حوزة قُمَ بعد أن درس الهندسة الكهربائية والألكترونية في جامعة (شيراز).

درس في المدرسة الفيضية ومدرسة آية الله (الكلبانكياني) بفتح الكاف، ودرس أيضاً على يد آية الله (علي منتظري) الذي ترأس (مجلس قيادة الثورة الإسلامية) وشغل منصب نائب المُرشد الأعلى بعد ذلك، وفي عام ١٩٨٩ تم عزله من جميع مناصبه بعد أن اظهر معارضته لاستمرار الحرب العراقية - الإيرانية وانتقاده للنظام.

في الوقت ذاته كان يدرس العلوم الإسلامية في جامعة (تربيت مدرس) في قُمَ، فحصل على شهادة (الليسانس) في الإلهايات، ومن ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من ذات الجامعة (تربيت مدرس) في طهران عام 1999.

له كتابات مهمة في الفكر الإسلامي أهمها:

ـ الفكر السياسي في الإسلام بجزئين.

ـ نظريات الحكم في الفقه الشيعي.

ـ ثمن الحرية

ـ مناظرات التعددية الدينية (مشترك) مع (عبدالكريم سروش).

ـ مخاوف الحكومة الدينية.

ـ مصادر العلوم العقلية.

وهناك كتب ودراسات كثيرة أخرى.

من أهم أرائه:

ـ النظر للنبي على أنه رسول جاء "ليُتمم مكارم الأخلاق"، ولم تكن من مهماته الأساسية قيادة اللأمة وسياستها.

ـ النظر للتشيع على أنه مذهب خال من البعد الغيبي أو اللاهوتي.

ـ النظر للإمامة بوصفها كمال بشري وامتلاك لعلم الغيب ليست سوى نتاج التابعين للأئمة والعقائديين.

ـ النظر للأئمة على أنهم بشر مثلنا، ولكنهم قادرون على تحصين أنفسهم لامتلاكهم ناصية العلم والدراية بعلوم القرآن والشريعة، فهم "علماء أبرار".

ـ النظر للقرآن على أنه كتاب في في الإرشاد وتقويم الأخلاق وتنمية الروح، فالقرأن ليس كتاباً في التشريع بقدر ما هو كتاب في تقويم الأخلاق.

ـ النظر لمقولة "ولاية الفقيه" على أنها من نتاج التشيع المعاصر

في كتابه "القراءة المنسية" انشغل (كديور) في بيان خصائص الإمامة، ومميزات الأئمة في نظر الأئمة أنفسهم كا فهمها بعض علماء حوزة قُمَ في القرن الرابع الهجري.

ـ النظر للإسلام السياسي على أنه من انتاج فقهاء حالمين بمسك السلطة، ولا وجود لآية قرآنية تؤكد القول بمقبولية "الحاكمية" أو "ولاية الفقيه".

ـ النظر في مباني الإسلام على أنها مبان تُتيح للناس حرية المعتقد ومقبولية مقولة "حرية الرأي" و "الانتخاب".

كيف كانت نظرة الصف الأول من أصحاب الأئمة للأئمة وعقيدتهم فيهم؟.

هل كانوا ينظرون لهم كبشر عاديين كسائر البشر أم كأشخاص يمتلكون صفات خارقة فوق البشرية؟.

توصل (كديور) إلى أن بعض "ضروريات المذهب" تعرضت للتبدل والتغير عبر الزمن. فبعض ما صار يُعدَ في عصر ما من "ضروريات المذهب"، لم يكن في العصور السابقة من "ضروريات المذهب"، فليس كل ما يُعدَ اليوم من "ضروريات المذهب" هو من لوازم المذهب الحقيقية.

استعرض (كديور) آراء أهم علماء التشيع ومشايخه في قُمَ من الذين انتقدوا مقولة "التفوق البشري" عند الأئمة ومقولة "العصمة"، بل وامكانية صدور السهو عنهم، ولكن هذا لا يمنع من أن يكونوا أئمة "حافظون للشرع" و "علماء أبرار" كما كان يعتقد به أصحاب الأئمة، ولا يلزم من عدم الاعتقاد بعدم العصمة الاعتقاد بصدور المعصية والخطأ عنهم، بل معنى عدم الاعتقاد بعصمتهم هو عدم الاعتقاد بتمتعهم بطبيعة خاصة متميزة عن سائر البشر. بمعنى أن أغلب أصحاب الأئمة لم يكونوا يرون في مصدر علم الأئمة أي منبع مختلف عن مصدر العلماء الآخرين. بل كانوا يعتقدون أن الأئمة مثلهم مثل سائر العلماء، يُفتون استناداً إلى اجتهادهم وإعمالهم الرأي والعقل، وهذا معناه أن ليس للأئمة علم (اكتسابي) أو (علم لدني) رغم أنهم من أكثر الناس تهذيباً وطهارة من جهة بعدهم عن المعاصي.

في كتابه هذا "القراءة المنسية" يكشف (كديور) عن قراءة بعض علماء قُمَ الذين تبنوا القول ببشرية الأئمة وتبنيهم لمقولة أن الأئمة إنما هُمَ "علماء أبرار"، ومن أهمهم: ابن الغضائري البغدادي من علماء الشيعة في القرن الخامس الهجري، وابن الجُنيد الإسكافي في القرن الرابع الهجري، وابن قبة الرازي وآل نوبخت، وهؤلاء جميعاً ممن يؤيدون مقولة "بشرية الأئمة" وتبني القول أنهم "علماء أبرار".

 

ا. د. علي المرهج

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم