صحيفة المثقف

شذرات في الشخصيه العراقيه (11)

اياد الزهيريوكما ذكرنا في الحلقات السابقه من مواصفات سلوكيه، فرديه وأجتماعيه في أغلبها لا تخلو من سلبيه، ولكن المجتمع العراقي كغيره من المجتمعات يتواجد فيه الصالح والطالح،  لذى نتطرق اليوم الى ميزه متفرده به، وهي من جعلت له خصوصيه من بين المجتمعات الأخرى، حتى أنها أفردته حتى عن المجتمعات المجاوره له، سواء كانت عربيه أو غير عربيه، هذه الميزه تسمى بالفزعه (العونه)، وهي نوع من أنواع الأيثار، وهي تندرج تحت صفة الكرم، وكلنا يتذكر ومن على شاشات التلفاز, ان العراقي فاز ومن خلال أستبيان أجرته مراكز دراسات شاركت بها ونقلتها قنوات تلفزيونيه،  بينت أن الشعب العراقي من أكرم شعوب الأرض، وأن كنت أنا أتحفظ في بعض دوافعه لكن هذا لا يلغي هذه الصفه الكريمه وذات الجانب الأيثاري.هذه الصفه لم تكن صفه طارئه على المجتمع العراقي لأنها قيمه من قيم المجتمع العربي ,والمجتمع العرافي يمثل العرب فيه أكثر من ٨٠٪؜ من شعبه، كما ان عادات وقيم الأمم والشعوب لها علاقه قويه من تجاربها وطبيعة علاقاتها ونوعية أعمالها، فالمجتمع العراقي هو مجتمع زراعي، وهذا يتطلب عملاً جماعياً، ويحتاج الى التعاون والعمل الجماعي لإنجاز الأعمال وخاصه في وقت الحصاد، كما ان الكوارث الطبيعيه لعبت دور حاسم وكبير في عملية الفزعه وخاصه في أوقات فيضان دجله والفرات، حيث يتناهى الناس الى بعضهن لتلافي الأضرار الحاصلة ومساعدة من تضرر منهم، وهي عمليه تضامنيه، تكافليه يفرضها العقل والمنطق، وهذا يتطلب أيضاً نفوساً أريحيه وذات نفس أنساني .كذلك الشعب العراقي ذو أصول عشائريه، حيث تتعرض هذه العشائر الى غزوات من قبل العشائر الأخرى، أو من قبل قطاع الطرق، والفرد او العائله وحده لا يستطيع رد الأعتداء بمفرده، لذى تدخل الفزعه كعامل حاسم في معالجة هذا الهجوم من الأطراف الاخرى التي تنوي إيقاع الضرر بهم، كما أننا لا يمكن أن ننسى المنظومه القيميه العربيه التي ترفع من شأن الكريم، والاستجابة لطلب الاخرين بالفزعه له، وان عدم الأستجابه تعتبر عار وشنار على الفرد أو العشيره التي لا تستجيب لهذه الفزعه، حتى أن في المجتمع العراقي من يسمى مثلاً بأبو فاطمه، أو أبو فلانه ككنيه يكنى بها لأنه سريع الأستجابه عندما يفزعه أحد، وعدم التردد بالاستجابة للمساعده، وخاصه بالدفاع عن مظلوم او رد أعتداء، أو مساعدة محتاج أو نجدة مريض يحتاج مساعده، كما يمكننا الأشاره الى أن العراقيون تعرضوا في تاريخهم لكثير من الأمراض التي أودت بحياة الكثيرين مما تعرضت الكثير من نساءهم وأطفالهم للمأساة فتتدخل الفزعه سواء فرديه أوعشائريه في تقديم المساعده لهم.كما يمكننا أضافة العامل الديني في تكريس حالة التعاون والتكافل وأغاثة الملهوف، والتشجيع عليها، وأعتبارها قيمه أخلاقيه ودينيه كبرى، حتى أن نصوص الحديث النبوي يقول (خير الناس من نفع الناس) وكذلك الآيه القرآنيه (تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان)، فهنا اجتمعت العوامل الدينيه والاجتماعيه والبيئية على تكريس صفة الفزعه عند الفرد العراقي، كما لا يمكننا أن ننسى عامل البداوه الذي يلعب دوراً محورياً في تكريس قيم الفخر بأعتبارها قيمه عليا في منظومته القيميه والذي تتطلب منه أن يكون فزاعاً لجاره وحتى للغريب وان كان قاتل أخيه، وهذه صفه عربيه أصيله، وعلامه مميزه للعربي عن غيره.اليوم وبسبب كارثة الكورونا التي أصابت المجتمع العراقي، كان للفزعه دور كبير في توزيع السلات الغذائيه للفقراء وبكميات كبيره وبشكل واسع، ولم يقتصر على الناس العادين وأنما شملت الممارسه المؤسسات الدينيه، متمثله بمساهمة المرجعيه الدينيه، ومن خلال طلبة الحوزات العلميه، بأعتبار الفزعه قيمه أجتماعيه عامه تمارسها كل الطبقات الاجتماعيه وبكل صنوفهم وطبقاتهم.

 

أياد الزهيري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم