صحيفة المثقف

مِن دُرَرِ القِيَمِ الإسْلامِيَّةِ.. العَدْلُ

بليغ حمدي اسماعيللم يفطن المستشرقون ومنهم المستخربون أيضا ما للإسلام الحنيف ومنتوجه الحضاري من قيمة إنسانية وجمالية وجدانية فضلا عن كونه دينا خصبا لم تسبر بعد أغواره حتى أوقاتنا الراهنة رغم آلاف الكتابات عنه وعن تلك النصوص المتشظية في تأويل قرآنه بغير انطفاء . فالإسلام هو دين الفطرة الإنسانية، والمنطق السليم، وهو عقيدة خالدة بمبادئها السامية والإنسانية، وهو دين مثالي في جوانبه المتعددة ؛ الروحية والأخلاقية، وفي آدابه ومعاملاته وأحكامه، وهو دين يكرس نفسه لتكوين شخصية إسلامية متكاملة . ولعل انتشار الإسلام بسرعة البرق في شتى بقاع اليابس كان نتيجة لما يتضمنه من مبادئ مثالية وقيم تتسم بالشمولية والتكامل، لقد انتشر الإسلام لما تمتع به من يسر وتسامح، وإيثار، ولما كفله للمسلم من عدالة ومساواة ورحمة مطلقة .

ولقد انتشر الإسلام الحنيف بمبادئه السامية لا بقوة السيف كما يزعم أعداء الإسلام، لقد انتشر ولا يزال ينتشر في كل أرجاء الأرض بآرائه المنطقية التي تتفق مع العقل، وصلاحية هذه الآراء والمبادئ لكل زمان ومكان، وملاءمتها لطبيعة النفس البشرية .

ويرجع أيضاً سبب هذا الانشار السريع والجميل للإسلام في العالم كله لما اتصف به رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم ) من خلق قويم، ومن إيمان شديد بما يدعو إليه، واجتهاده المستدام في نشر دعوة الحق دونما كلل أو تعب، وبما تمتع به الرسول r من ثبات عظيم وصبر لا نهاية له على ما كان يلاقيه من أذى المشركين.

يَقُول الله تعالي في كتابه العزيز: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ {7}}" (سورة آل عمران) .

والقرآن الكريم ؛ هو النَّص اللُّغوي المعجز ذي البيان والفصَاحة، وربما يبدو الاهتمام بدراسة بعض المظاهر اللغوية بالقرآن الكريم في هذه الأحايين غريباً في هذا العصر الذي نعيشه، أي في ظل مناخ عالمي مادي استطاع أن يقهر ويقمع الجوانب الروحية في حياتنا، بل وعمد إلى منع وقمع أية محاولة لمعالجة القرآن الكريم بالفهم والتأويل تحت دعاوى العلمانية والتيارات والفلسفات الإلحادية المعاصرة، وكذلك معالجة النصوص الدينية لكبار أئمتنا في تاريخنا الإسلامي الرشيق، وقد سعت المادية جاهدة في إجهاض حركة تناول تراثنا الديني لصالح أغراض استعمارية خفية.

ولقد منح الإسلام الإنسان حقوقاً منذ أربعة عشر قرنا قبل أن تنادي المنظمات والهيئات الدولية اليوم بها، فلقد منحه حق حرية العقيدة، وحق التعليم والتعلم، وحق الحياة الكريمة، وحق الأخوة والمساواة، وكما منحه هذه الحقوق وأكثر ألزمه بالعدل والإحسان والصدق والأمانة وحمل المسئولية الاجتماعية، ونهاه عن الظلم والاستبداد والكذب وخيانة الأمانة .

ولعل ثبات مصادر القيم الإسلامية هو الذي ضمن لها قدراً هائلاً من الاستقرار والديمومة والاستمرارية بغير خلل مهما تباينت ظروف المجتمعات وتوافدت مستجدات مدنية جديدة على الأسرة . وثبات المصدر أيضاً حفظ للقيم عالميتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان بحكم أن القرآن الكريم والسنة والنبوية صالحان لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة بإذن الله تعالى .

ولقد انفردت القيم الإسلامية بسمات أخرى غير الاستقرار والثبات والديمومة من أنها حفظت استقرار الأسرة ومن ثم المجتمع، من هذه السمات تمتعها بالجانب والطابع الاجتماعي، مثل حب الخير والتعاون والمشاركة ورعاية الصغير والعطف عليه واحترام الكبير وتقديم المشورة وإسداء النصيحة،فمثل هذه القيم وغيرها ضرورة اجتماعية لأي تواجد عمراني بشري بين الأفراد، ومثل هذه القيم نراها غريبة على المجتمعات الغربية التي أعلت من قيمها المادية وأغفلت عن قصد الجوانب الاجتماعية الي تحمل في طياتها ملامح إنسانية محضة.

وما تنفرد به القيم الإسلامية أنها تقدم لأول مرة للفرد عن طريق الأسرة وهي ما تكسبها صفة السلطة الحاكمة لأنها مشتقة من مقاصد الشريعة الإسلامية الثابتة والواضحة ومقدمة عن طريق كيان اجتماعي راسخ يتمتع بسمة الاحترام المطلق .فسرعان ما تتحول هذه القيم من مجرد مبادئ مثالية تقدم من خلال قصة أو موقف مخصص أو استثمار لحادث طارئ على الأسرة إلى إلزام مطلق يسعى المرء بعد ذلك في اتباعه حينما يخرج من كنف الأسرة النواة الأولى إلى مؤسسات المجتمع بصفة عامة لاسيما وأنها مستقاة من سلطة الدين نفسها.

وقد أقر الإسلام مبدأ العدل بين الناس، وهذا من أسرار عظمته، يقول تعالى :  وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (سورة الحجرات : 9 )، أي اعدلوا، ويقول الله تعالى أيضاً في محكم التنزيل :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ   (سورة المائدة : 8 )،  وقال رسول الله r: " اتقوا الظلم، فإنه ظلمات يوم القيامة " . ولقد أمر المسلمون بمراعاة قواعد العدل حتى مع ألد وأفجر أعدائهم، فلم يبح له تجاوزها في معاملتهم، يقول تعالى : وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ  (سورة البقرة :190) . وما على أن الإسلام يريد من العدل مؤداه المطلق بقوله تكليفه الآخذين به أن يقوموا بحقه حتى حيال من يمتد سلطانهم عليه من غير المسلمين، وممن ملكت أيمانهم حتى من الحيوانات العجم أيضاً، وهنا يتجلى من سمو التعاليم والقيم الإسلامية مظهر وملمح راق لا تملك الأمم قاطبة له نظيراً حتى وقتنا الراهن.

وفضيلة العدل من صفات الله تعالى لأنه منزه عن الظلم، يقول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) (سورة النساء ـ 40)، وقال عز وجل : وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (سورة الكهف ـ 49) .

فعدل الإسلام وحده هو الذي يتساوى أمامه الغني والفقير، والذليل والشريف والوضيع، ويتعادل أمام قانون الإسلام المالك والمملوك،ويتجلى في عدل الإسلام المثل الأعلى للعدالة حينما تتساوى حقوق وواجبات المسلم والكافر، والعربي والأعجمي، والأبيض والأسود  بل إن الإسلام وحده هو الذي أقر العدل في التعامل مع الحيوانات من باب الرفق بها، قال رسول الله r: " دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" .

والإسلام نادى بإقامة العدالة المطلقة، والمسلم القويم يعتقد تمام الاعتقاد بأن الله تعالى هو العدل، بل أحكم العادلين، يقول تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً  (سورة النساء : 40 )، والإسلام أمر المسلمين بإقرار العدل والعدالة في قوله تعالى :  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً  (سورة النساء : 58 ) . وكم أهاب القرآن بنا أن نعدل فيما بيننا، وحتم علينا أن نأخذ بالعدل وقيمه ومبادئه حتى مع أعدائنا، ولعلك تجد في القرآن الكريم ما في العدل من نفع لديننا ولدنيانا .

والعدالة في الإسلام تعد مرادفاً للمساواة، ولعل من أسمى مبادئ تلك المساواة التي قد اشترعها للناس جميعاً، فالكل في الإسلام سواء، لا فرق بين أبيض أو أسود، ولا غني ولا فقير، بل إن الإسلام أقر قاعدة مفادها أن أفضل الناس أقربهم إلى التقوى، يقول تعالى : لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً  (سورة النساء :123، 124)، وقوله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير  (سورة الحجرات : 13) .

ويؤكد الرسول r هذه المساواة المطلقة بين الناس جميعاً في قوله : " الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " . والرسول r كان أعدل الناس وأشجعهم في إقامة العدالة وتحقيقها، ولقد اعترف بلك أعداؤه قبل أصحابه وأتباعه، وكيف لا وكان لقبه قبل البعثة الصادق الأمين، وعنه قال الربيع بن خيثم : " كان يتحاكم إلى رسول الله r في الجاهلية قبل الإسلام" . وعن الحسن : كان رسول الله r  لا يأخذ أحداً بقرف (أي بذنب) أحد، ولا يصدق أحداً على أحد، أي لا يسمع وشاية الواشين" .

وقد أمر الله ـ تعالى ـ رسوله r أن يلتزم العدل في كل أقواله وأعماله، يقول تعالى :   فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ  (سورة الشورى : 15)، بل إن الله تعالى قد أمر رسوله بالتزام العدل في الأحكام حتى مع غير المسلمين، فقد قال تعالى:  سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (سورة المائدة : 42) .

وكما أمر الله تعالى رسوله الحبيب محمداًr، بالعدل أمر الناس جميعاً بذلك، لأن كل خطاب للرسول r هو خطاب لأمته إلا في الخصوصيات المروطة بصفة النبوة، فلقد أمرنا الله ـ تبارك وتعالى ـ بالعدل في القول،يقول تعالى : وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ  (سورة الأنعام : 152)، وأمرنا بالعدل في كتابة الديون بقوله تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً   (سورة البقرة :282) .

وأمرنا الله ـ عز وجل ـ أيضا بالتزام العدل عند الإصلاح بين الناس، يقول تعالى :  وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ     (سورة الحجرات : 9) .

والقرآن الكريم حينما يحثنا ويأمرنا بالتزام العدل واتباعه في القول والفعل والسلوك وكافة مظاهر الحياة، فهو بدوره أيضاً يأمرنا باجتناب الظلم الذي هو أحط الرذائل، والظلم كما يقول الراغب الأصفهاني : " وضع الشئ في غير موضعه المختص به، إما بزيادة أو نقصان، وإما بعدول عن وقته أو مكانه، والظلم يقال في مجاوزة الحق ويقال فيما يكثر وفيما يقل من التجاوز، ولهذا يستعمل في الذنب الكبير وفي الذنب الصغير" . والمتدبر في آي الذكر الحكيم يدرك تحريم الظلم وعاقبته الشديدة، يقول تعالى : فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ    (سورة الأنعام ـ 45)، ويقول تعالى :  وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً   (سورة الكهف ـ 59) .

ولقد حرص النبي r على الترغيب في العدل والترهيب من الظلم، ولقد أمر أتباعه بتحري العدل ونهاهم عن الظلم، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن جابر (رضي الله عنه) أن رسول الله r قال : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم" 0(صحيح مسلم ).

وعن أبي أمامه (رضي الله عنه) أن رسول الله r قال : " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة" (رواه مسلم) .ونختتم حديثنا عن العدل في الإسلام بوصية الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) للأشتر النخعي الذي ولاه على مصر بقوله : " أنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى على رعيتك، فإنك إن لم تفعل تكن ظالماً، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه، ومن خاصمه الله أبطل حجته، وليس شئ أدعى إلى تغيير النعمة وتعجيل النقمة من الظلم فإن الله تعالى يسمع دعوة المظلومين، وهو للظالمين بالمرصاد" .

 

الدكتور بليغ حمدي إسماعيل

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم