صحيفة المثقف

في حوار مع الكاتب والأديب سمير الفيل:

1499 سمير الفيل* أنصت لحكايات الناس وأرصد أحزانهم وأفراحهم وأكتب عن السري، الذي لا يكاد يرى .

* مهمة الكاتب أن يتأمل الحياة، ويؤمن أن لها قانونها الحاكم رغم أنها تبدو من بعيد عبثية.

* كنت دائما منحازا للبسطاء، ومنهم أستقي مادة نصوصي القصصية، كما أنحاز للفكر المستنير، وأرفض الرأسمالية المتوحشة.

* أعتقد أنه لكي تتقدم بلادنا فلابد من اقصاء الخرافة، وإطلاق سراح الخيال.


- لانه كاتب متعدد المواهب، لديه حدس قوي بفكرة عنفوان النص، وقدرته على تغيير الواقع والارتقاء ببنيته الجمالية والفكرية. بدأ شاعرا إبان حرب الاستنزاف (1969 ـ 1970) ثم طرق باب الرواية في عمل عمدة في مجاله هو" رجال وشظايا" 1974، بعدها ألقى بثقله في مجال القصة القصيرة فأنجز 18 مجموعة قصصية، حاز على جائزة الدولة التشجيعية عن مجموعته" جبل النرجس " 2016. أسس مجموعة" أدباء ضد التلوث " وحين قام نائب في دائرته الانتخابية باتهام نجيب محفوظ بأنه يخدش الحياء العام برواياته، أسس مع مجموعة من أدباء مدينته دمياط قافلة " في حب نجيب محفوظ " كما أسس مؤخرا مع زملاء له " مختبر السرديات". يؤمن سمير الفيل أن العمل الثقافي لا ينعزل في الغرف المغلقة لذا يعتبر المقهى مكانا للفعل الثقافي، وقد شارك 2011 في جمع التراث اللامادي لحوض البحر المتوسط لصالح منظمة اليونسكو. كان لنا معه هذا اللقاء للتنقيب عن قضايا فكرية وأدبية نثيرها معه لأول مرة، وقد اتسمت إجاباته بالصراحة والإبانة والوضوح في البداية سألته:

.

* تجربتك الأدبية متنوعة وثرية ما بين الشعر، والرواية، والقصة، والمسرح، النقد، أيهما وجد الأديب سمير الفيل نفسه فيها؟

ـ كانت بدايتي مع شعر العامية في أجواء حرب الاستنزاف حين قدمني شيخ أدباء دمياط في مقهى شعبي لإلقاء قصدة " أنا والناس" بعدها التقيت عبدالرحمن الأبنودي الذي حضر مع ابراهيم رجب بعوده ليقدما ثلاث أمسيات في فارسكور ودمياط وكفر البطيخ. في قرية كفر البطيخ قدمني الأبنودي فالقيت ثاني قصائدي واستمعنا لأغنية " يا بيوت السويس " بعود الملحن. لا أستطيع التعبير عن شعوري الوطني حين تجرأت على قول الشعر في حضرة الكبار، لكن يبدو أنها كانت مرحلة استقطبت اهتمام الناس لكي يكون الفن في خدمة المجتمع . أذكر أنه في نفس العام عقد المؤتمر الاول للأدباء الشبان بالزقازيق، وفيه حصلت على شهادة تقدير وعمري 18 سنة.

القصة القصيرة جاءت بعد ذلك فقد حصدت ثلاثة جوائز أولى على مستوى مصر بدءا من سنة 1974 عن قصص:" في البدء كانت طيبة"، و" العصا والخوذة" و" كيف يحارب الجندي بلا خوذة؟ ".. وقد عرفت وقتها بأديب الحرب . تقدمت خطوة بكتابة واحدة من أوائل روايات حرب أكتوبر هي " رجل وشظايا" عن مسار العمليات في جبهة القناة، وقد أخذت معلوماتي عن صديقي الشاعر مصطفى العايدي الذي حارب في الأنساق الأولى للعابرين، وهو ما زال حي يرزق .

أجد نفسي بعد هذه المسيرة أقرب ما أكون لدائرة القصة القصيرة، فأنا أنصت لحكايات الناس وأرصد أحزانهم وأفراحهم وأكتب عن الجواني، الداخلي، السري، الذي لا يكاد يرى.

* لكل كاتب قضية يحاول الوصول بها إلي وجدان وعقل القارئ فما هي قضيتك الأولى؟

ـ مرة كنت أسير في شوارع مدينتي دمياط إلى جوار الروائي الكبير صبري موسى، وسالته بخفة ونزق عن مطلبه من الحياة. نظر إلى مليا وقال في عبارات قصيرة: تختلف المتطلبات مع كل مرحلة من مراحل حياة الإنسان.

سأستفيد من مقولته فأقول: بالنسية لي أرى أن القضية المحورية التي سيطرت على تفكيري في بداياتي هي " الحرية"، وقد وجدتها قضية مهمة ليشعر الفرد بقيمة الحياة.

في مرحلة تالية وبعد اقترابي من سنوات الشباب صارت قضيتي الأولى هي " العدل الاجتماعي "، وأعتقد إنها قضية ملحة في نصوصي القصصية التي أعالج فيها قضايا الناس وهم يبحثون عن لقمة الخبز في مسار مواز للبحث عن الحب وتقدير الآخر.

في المرحلة التي أعيشها الآن أبحث بصبر ودأب عن طمأنينة النفس وعن اليقين في مسارات الحياة التي تخفي عنا متاعبها حتى بت قادرا على التسامح مع أخطاء الآخرين، أيضا التسامح مع ذاتي فأنا شخص كثير الأخطاء ولدي هاجس أن الإنسان " خلق في كبد" وعليه أن ينتشل نفسه من المكائد والرزايا وقلة الزاد.

* ما هي المقومات التي تساعد علي نجاح الكاتب في ظل هيمنة وسائل التواصل علي حياة الجميع؟

ـ في كل وقت هناك عناصر تحفز على نجاح الكاتب في مسيرته ـ أنا عن نفسي غير مقتنع تماما بما قدمته حتى لحظتنا الراهنة ـ ومن مقدمات الكتابة الناجحة أن تتسلح بالصدق الفني، وأن تنحاز للإنسان في كل تطلعاته المرتقبة ليحصل على قطعة خبر وزجاجة دواء وسقف يمنع عن المطر والانواء. من الضروري أن يكون لدى الكاتب قدرة على الوعي بحقائق الأشياء، وأن يتضمن النص الأدبي الذي يشتغل عليه خطابا ما، بالإضافة إلى أن يفهم ـ إن كان قاصا أو روائيا ـ طبيعة الشخصيات التي يتعامل معها، في ذات الإطار عليه أن يسير مع الأحداث ولا يلوي عنق نصه ليمضي في طريق يفترضه. بمعنى آخر، أن عليه مسئولية التحرر من الضجة الإعلامية التي تحيط به وأن ينزع إلى الاستقلالية وأن يتأمل الحياة، ويؤمن أن لها قانونها الحاكم رغم أنها تبدو من بعيد عبثية إن لم نقل عدمية.

* كيف يري الأديب "سمير الفيل " الحركة الثقافية في مصر والوطن العربي؟

ـ هذا سؤال صعب ومركب . لكن دعني أحاول الإجابة عنه. لن يكون لدينا أدبا حقيقا وأصيلا إلا برفع الرقابة عن قلم الكاتب، لا أقصد فقط الرقابة المرتبطة بالسلطة بل ان هناك رقابة أصعب يقوم بها المجتمع المحافظ تارة وبعض رجال الدين تارة أخرى، ناهيك عن الرقابة الداخلية والأخيرة تسلب الكاتب حريته وتجعل أفقه التخيلي في غاية المحدودية. أنا شخصيا أكتب وأنا مسور بتلك الظلال القاسية، مرة أنجو، ومرة أقع في حبائل سوء الظن.

مبدئيا يمكننا القول أن الحروب والصراعات والقلاقل همشت دور الثقافة، وقللت من تأثير الأدب، وستمضى سنوات طويلة قبل أن يتم رأب الصدع، لكنني أتوقع أن تنهض المركز الثقافية المؤثرة لتنشيط دورها التنويري وهي: القاهرة، بيروت، بغداد، دمشق، تونس، وإلى حد ما عواصم الخليج الثقافية: الدوحة، أبوظبي، الرياض، الكويت، المنامة.

أحب أن أشير إلى أهمية مشاريع الترجمة وخاصة في القاهرة" المركز القومي للترجمة " وأيضا في عواصم المغرب العربي، والخرطوم. لدينا كوادر بشرية متميزة تحتاج فقط لإعادة ترتيب الأولويات مع وضع خطط ثقافية ممكنة التنفيذ .

* يقول البعض بأن الحركة الثقافية الآن أصبحت خارج سيطرة مؤسسات الدولة من حيث الاتجاهات والنشر ما مدي صحة تلك الرؤية؟

ـ سأتحدث عن تجربتي في مصر، وهي التي أعلم تفصيلاتها، ما زال دولاب العمل في الهيئة العامة للكتاب وفي هيئة قصور الثقافة متوازنة حيث تصدر كتبا رخيصة وفي متناول يد الجميع ويحصل الكاتب على مكافأة مجزية وعدد مناسب من كتابه الصادر . إلى جانبها بعض الدور المرموقة التي تنشر الكتب المهمة في أزمنة قياسية ولكنك مطالب بالدفع، وستتحمل " الفاتورة " كاملة. هناك أيضا النشر في دور" تحت بير السلم" حيث الفوضى والعشوائية واختلاط المفاهيم. كل هذا يحدث في سوق واحد، وأتصور أنني زرت في أوقات متقاربة، معارض الكتب في الشارقة والقاهرة ودمشق، فوجدت نهضة حقيقية في مجال النشر لكن المواطن العادي لن يترك الرغيف ويذهب ليشتري الكتاب، ناهيك عن " غول" القنوات الفضائية الذي يسرق الوقت مثلما يسرق العمر.

* بالأمس كانت القاهرة "مصر "تقود حركة الثقافة في المنطقة العربية وتراجعت الآن لصالح مناطق أخري، فما أسباب ذلك من وجهة نظرك؟

ـ لست معك في هذا التصور، فلو أنك زرت معرض الكتاب الأخير في القاهرة لفطنت لوجود حركة نشر هائلة، تواكبها أنشطة حية لكتاب قادمين من كل انحاء الوطن العربي. أعرف خالد الجبور من فلسطين عن طريق شبكة الأنترنت، تعرفت عليه وجها لوجه في المعرض الأخير كما التقيت أدباء من السعودية والكويت وسوريا . ربما نشطت بعض المراكز غير التقليدية كدبي والشارقة والرياض وجدة والمنامة والدوحة وهذا بسبب الرصيد النفطي الذي يدعم الثقافة ويجعل من الممكن شراء كتب في ظل وجود دخل مرتفع.

* شهدت المنطقة العربية تغيرات سياسية عديدة كيف رصدها الكاتب "سمير الفيل "؟

ـ رصدت تلك التحولات في مجموعاتي القصصية الأخيرة، وهي على التوالي: " الأستاذ مراد"، " أتوبيس خط 77" و" حذاء بنفسجي بشرائط ذهبية" . التحولات التي حدثت في المنطقة لم تؤد إلى ارتقاء الفكر و السلوك بل ظهرت تشققات وانقسامات وتشظي في هذا الواقع الذي ينزع عن المواطن العادي قدرته على اتخاذ القرار.

لقد انتهيت منذ عامين من إنجاز روايتين عن أحداث ثورة 25 يناير 2011، الروايتان، هما " نظارة ميدان" و" ابتسامة يناير الحزينة" ولسبب مادي لم أتمكن من طباعة العملين على نفقتي، ولسبب رقابي لم توافق دور النشر الحكومية على النشر وأنا متفهم الظروف والضغوط . لكنني قمت بتشريح المجتمع المصري من خلال الأحداث التي وقعت، ثم أنني انحزت كليا للثورة التي يبطش بها كثير من المسئولين الحاليين باعتبارها عملا ممجوجا وغير مبرر.

* عاصرت انتفاضة المصريين في 17 ’18 يناير 1977 وكذلك أحداث 25 يناير 2011 كيف قارنت بينهما، وما هو موقفك من كل منهما؟

ـ كان صديقي الكاتب المسرحي المرحوم محمد الشربيني موجودا بالعاصمة المصرية، وجاء في يناير 77 ليصرخ: " الجنرالات في كل مكان والدبابات في الشوارع" . كانت حركة احتجاجات جاءت بعد زمن الانفتاح وتم قمعها ولكنها أيضا كشفت عن الخطأ الاستراتيجي للسادات حين سمح بالعمل السياسي للجماعات الإسلامية فسقط هو نفسه يوم العرض العسكري في اكتوبر 1981 ووقعت أحداث دامية في أسيوط. كانت " ثورة للجياع" وتم احتوائها بسرعة عبر التخلي عن القرارات الاقتصادية.

أما حركة الناس في 25 يناير 2011 فقد كانت لأسباب أخرى وهي التي تجلت في الشعار المرفوع" عيش. حرية. عدالة اجتماعية" وأحسب أن الثورة تم تفريغها من مضمونها خاصة بعد السنة التي حكمت فيها جماعة الإخوان المسلمين، فلم يتمكنوا من تسيير الأمور لقلة خبرتهم، ولأن رجل الدولة غير رجل الزاوية في جامع فقير.

أنا منحاز لثورة يناير وقد شاركت فيها لكنني أمتلك من الشجاعة ما يجعلني أقول أنها وقعت في أخطاء جسيمة منها عدم وجود أهداف محددة وغياب القائد، مما أدى لعدم تحقيق جل أهدافها. فهل قام الشباب بالثورة من أجل تنحية مبارك فقط، فيما ظلت بقية السياسات قائمة مع إصلاحات طفيفة؟!

* لكل مفكر أو مبدع أيدلوجية معينة تسيطر عليه إلى أي أيدلوجية ينتمي فكرك؟

ـ لا تسيطر علي أي أيديولوجيات. كنت دائما منحازا للبسطاء، ومنهم أستقي مادة القص ثم لكوني اقتصاديا قريبا منهم. أنحاز للفكر المستنير، لليسار بوجه عام، وأرفض الرأسمالية المتوحشة، وأعتقد أنه لكي تتقدم بلادنا فلابد من اقصاء الخرافة وفصل الدين عن الدولة، واعطاء البحث العلمي ميزانيات معتبرة، ومنح العلماء الفرصة لتقديم " قائمة بالإصلاحات" . يهمني جدا أن نطور التعليم وأن نمنح الثقافة دورا أكبر في التأثير. ثم لابد من سلسلة إصلاحات اقتصادية عبر سياسات تهتم بالفقراء مثلما فعل جمال عبدالناصر.

* كيف تري دور النقاد والدراسات الأدبية للإصدارات الجديدة هل يظهر أثرها في حركة الإبداع؟

ـ كنت سعيد الحظ أن يتوفر عدد من النقاد لدراسة أعمالي القصصية، سواء من مصر أو من دول عربية أخرى، لكن بوجه عام هناك انفصام بين الجامعة وبين الواقع الأدبي إلا في نطاق ضيق.

وإحقاقا للحق فإن كلية آداب دمياط وبفضل مجموعة من الأكاديميين المستنيرين بدأت في اعتماد دراسات للماجستير والدكتوراة حول أعمال كتاب معاصرين مثل ابراهيم أصلان، ومحمد عفيفي مطر، وأحمد صبري أبوالفتوح، وسمير الفيل وغيرهم. نعود للنقد العام فنثبت بالقرائن والأدلة أنه نقد موسمي وباستثناء " ملتقى القاهرة للرواية " وجهود بعض المواقع مثل ورشة الزيتون التي يديرها شعبان يوسف، ومختبر الإسكندرية الذي يديره منير عتيبة، فإن الكتابات الجديدة بحاجة إلى إلقاء الضوء عليها وهو دور غائب منذ عقود طويلة.. لن أكون متجنيا فهناك أكاديميين عظام مثل الدكاترة: حسين حمودة، خيري دومة، محمد بدوي، أماني فؤاد، أحمد بلبولة، أسامة البحيري، أحمد الصغير، هويدا صالح، وغيرهم. لكن الإصدارات الجديدة تفوق قدرتهم على التناول .

* يتحدث الكثيرون عن ضعف مستوي التعليم في مصر مما يؤثر سلبا علي اللغة العربية وآدابها وبالتالي الإنتاج الأدبي . كيف ترصد تلك الإشكالية في الوقت الحاضر؟

- بالطبع نحن نرغب في تطوير التعليم وهو عنصر أساسي في تطوير المجتمع ذاته، لكن الإبداع ذاته لم يتأثر بشكل حرفي بهذا الخلل إلا على نطاق ضيق. هناك مشكلة أخرى حيث يلتفت للأدب الاستهلاكي البحت، ومنه ظهور أدب " الرعب" و" الجريمة" و" الجاسوسية "، وهو أدب غير مؤثر إلا عند جيل الشباب .

الكاتب الحقيقي مطالب بالتعلم في كل وقت وحين لتطوير لغته وتحويل هذا التعلم لمسارات فنية في بنية النص. في هذا الصدد تخلبني لغة كتاب اهتموا بسحر اللغة مثلما نجد عند محمد مستجاب، وبهاء طاهر، ومحمد المنسي قنديل، ومحمد ابراهيم طه، وسيد الوكيل، وابراهيم عبدالمجيد، وعادل عصمت، وسعيد نوح وصبحي موسى ووحيد الطويلة وطارق إمام، وغيرهم.

الكتابة رغم كل المشكلات التي نطرحها تتطور وتصوب نفسها ـ كما كان يقول لي الراحل فؤاد حجازي ـ علينا فقط أن نختار ما نقرأ وألا نستسلم لتيار الركاكة.

* تمنح الدولة العديد من الجوائز سنويا هل ترى في منح هذه الجوائز أهواء شخصية في اختيار أصحابها؟

ـ الجوائز موجودة في كل مكان بالعالم، وأرفع الجوائز مثل " نوبل" و" بوليتزير " تتعرض من حين إلى آخر لعثرات منها تدخل السياسي في الثقافي، ومنها أهواء لجان التحكيم، ومنها عدم الترجمة لكتاب عظام وبالتالي عدم القراءة لهم. هذا معروف عالميا.

على النطاق العربي المشاكل مختلفة فمثلا جائزة " بوكر" تمنح حسب الجغرافيا، وهو أمر معيب، وأكاد أزعم أن جائزة ملتقى القاهرة للرواية كانت أكثر موضوعية بمنحها الجائزة لقامات منها عبدالرحمن منيف وابراهيم الكوني وحتى للمعارض صنع الله ابراهيم، الذي رفضها .

فيما يخص الجوائز التشجيعية فهي موضوعية لأنها تمضي عبر لجان متخصصة، التفوق والتقديرية والنيل كانت هناك مشكلة لائحة الجوائز التي تعطي الحق لكبار الموظفين لفرض آراءهم وهو ما تم تجاوزه بتصحيح اللائحة.

انت تعرف أن الإنسان دائما يتعلم من أخطائه وهذا أمر يصدق في جميع المجالات.

* ما هو الجديد الذي ينتظره القارئ المصري والعربي منك في الفترة القادمة؟

- انجزت في فترة الحظر كتابة 55 نصا قصصيا، أتصور أنها تقترب من حدود التجريب والبحث عن أشكال جديدة في الطرح، هذا فيما يخصني، على النطاق العام، ننتظر مسرحا جديدا، وكتابات طليعية في القصة القصيرة والرواية، كما نتمنى أن تفتح فروعا للأوبرا، وأن يعود للغناء العربي رصانته بعد سلسلة التردي التي أدت لفرض السوقة والدهماء أذواقهم فبتنا نترحم على صوت" أحمد عدوية" فما بالك بأم كلثوم وفيروز وعبدالوهاب ونجاة؟! .

كذلك نحتاج إلى مزيد من الكتب العلمية، وإلى إتاحة الفرصة للشباب وللمرأة للحصول على مكتسبات ميدانية، والاهتمام بالطفل خاصة من خلال المسرح وقد قضيت خمس سنوات أخيرة في عملي الوظيفي موجها للمسرح وقمت بكتابة عشرات المسرحيات التي كانت عتبة للطفل كي يتسلح بقيم إنسانية نبيلة. وأحب أن أقول أن من بين طلابي في الابتدائي موزع معروف هو محمد زقزوق، وملحن قدير هو خالد زاهر. ثق أنك حين تلقي بذور الإبداع في التربة فسيأتي الوقت لتحصد ما زرعته.

* ما الرسالة التي توجهها إلى الأدباء الشباب في مصر والوطن العربي؟

ـ أثق في أن الغد سوف يحمل بشارات لكي تكون الحياة أكثر إنسانية، فيختفي الظلم التاريخي، وتصوب الرأسمالية اخطائها، وينعم المواطن بالأمن والرخاء. إن كان ثمة رسالة محددة تخص " الكتابة"، فهي: الصدق، الوعي، الجدية، العمل داخل فريق.

أتمنى أن تسهم التكنولوجيا في توفير أدوات متقدمة لتوصيل الفني الرفيع والنبيل لقطاع أكبر من الشعب . الشباب لديهم الطموح وفي عقولهم أفكار سديدة لكن إياكم من فكرة" قتل الاب " .

* كيف تري اداء الحكومة في إدارة أزمة الوباء العالمي؟؟

ـ أتصور أن التعامل معها كان على مستوى الحدث، والغريب أن موقف الحكومة كان متقدما خطوات عن موقف الشعب نفسه، فهو ما زال محملا بالخرافة، ويتجاهل في عمومه التعليمات الصحية . لأنه مازال واقعا تحت سقف "ربنا يسترها" . من هنا أعتقد أن التعليم نفسه وما أبتغيه هو ثورة جذرية في التعليم، تجعل العلم مدار حركتنا وليس الانحياز لفتاوي قديمة لا يمكن أن تناسب العصر.

* ماهي رسالتك الي الرئيس كمفكر ومثقف؟

ـ عادة لا أتعامل مع الرؤساء، وإن كان لدي رسالة تاريخية سنة 1958 من جمال عبدالناصر حين أرسلت له خطابا للتهنئة بقيام الوحدة بين مصر وسوريا، فكتب ينبهني لأهمية تحصيل العلم من أجل أمة عربية ناهضة. أثمن الاصلاح الاقتصادي الذي كان له تأثير إيجابي في " محنة فيروس كورونا" لكنني أطمح إلى مزيد من الاهتمام بالفقراء، والانحياز " للغلابة" فهم ملح الأرض. كذلك ضرورة التعامل بحزم مع الجماعات الجهادية . هذا الأمر يحتاج لإرادة سياسية وهي موجودة والحمد لله.

 

حوار: د. السيد الزرقاني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم