صحيفة المثقف

وهكذا يتم إسقاط الدين في وحل السياسة

عقيل العبودالمدخل: المقدس يجب ان يبقى مقدسا بعيدا عن التقاطعات!

العامة من الناس، يعتقدون بأن معنى الحشد الشعبي يندرج تحت عنوانين؛ الأول انه تم تأسيسه بناء على الفتوى المقدسة، التي أدلى بها السيد السيستاني، والثاني، انه بفضل أبنائه تم محاربة داعش.

ولذلك وتحت هذين العنوانين، جاء من يدعون الأحقيَّة، والفوقية في الدين، والسياسة، والقانون، جاء المزايدون على الوطن، والوطنية، بأفرادهم وعسكرهم، وعرباتهم المدججة بالأسلحة، والقاذفات، وتحت عناوين سياسية مفبركة، ضاربين جميع القوانين الخاصة بالدولة عرض الحائط بعد احتواء التسمية المذكورة تحت زعامتهم.

وهؤلاء بسببهم تنازعَت الأحزاب، وانقلبَ الدين، وتساقطت أوراقه في وحل السياسة، حتى تحول المقدس الى قضية عنف، وقتلٍ، وتحدٍ، وتصفيات.

وهم بسببهم ايضا إرتدَّ البعض من المتدينين، خاصة بعد ان تعرض، المتظاهرين من الأبرياء الى القتل بأسلحتهم بحسب ما ذكرته بعض المصادر، حتى صارت الإغتيالات تجري على قدم وساق، وتحت مظلة أضعف حكومة عرفها التاريخ العراقي وهي حكومة عادل عبد المهدي.

وهذه المليشيات وتحت عناوين سياسية عريضة، تمارس اليوم لغة العنف والتهديد من خلال اتباع سياسة <الديماغوجية الجديدة> مع الشعب دون رادع من قبل الحكومة، رغم بعض المحاولات التي يقوم بها الكاظمي لإثبات هيبة الدولة.

والمصيبة ان من يتحدث معهم بهذه الطريقة، يتهمونه بالعمالة ذلك عبر طريقة <التدليس الإعلامي> المتبع من قبلهم ضد الكثير من الطيبين، والأوفياء من ابناء الوطن.

ولذلك حورب الكثير من الوطنيين من قبلهم وأطلق عليهم ب <بالعملاء>، حتى ان لقب العملاء هذا صار ممجوجا بنفس الدرجة التي ابتدأت فيها محاربة الإسلام من قبل اجندة العالم الغربي المتطرفة بوصفه ب <الإرهاب>.

ولذلك وللتوضيح ومن باب الذمة الشرعية والأخلاقية، ومن باب الفخر والمحبة والاحترام للذين تعلمت منهم محبة الرسول الأكرم محمد (ص) بأخلاقه العظيمة وعلي (ع) بزهده وعقله، والحسين (ع) الذي قال لأصحابه في معرض تحديه لجيش الكفر (اكره ان أبدأهم بقتال).

هنا لهؤلاء المدعين، ولبعض المغفلين ممن تم احتوائهم وتجنيدهم تحت مظلة هذه التيارات، والمجاميع والميليشيات، وكذلك لمن أشاح بعقله ومشاعره عن الدين الحنيف أقول:

لقد تعلمت الدين الحقيقي بالفطرة، تعلمته من خلال تلك <السفرة> التي كنا نجتمع عليها في بيت تجمعنا فيه لغة الصلاة على محمد وآله الأطهار، تعلمت الدين الحقيقي من أم، ما برحت رغم عمرها الكبير تقرأ القرآن الى الأموات، تتلو لهم الواحد بعدالآخر، تعلمت الدين من إمرأة تُضرب فيها الأمثال في عفتها، امرأة كانت وما زالت مواظبة على احياء <قدر الحسين (ع)>، <ونذر ابي الفضل العباس ع> ، وصيام الزكريا، كما تعلمت الدين من ذلك المؤذن الذي ما زال في ذاكرتي عندما كان ينهض لصلاة الفجر في مسجد سوق الشيوخ،

وتعلمت الدين من مدرس اللغة الإنكليزية في متوسطة سوق الشيوخ المرحوم عادل حموده، الذي تم قتله وقتلت زوجته بالسيانيد على أيدي الطغمة الحاكمة ابان عصر الطاغية، كان الرجل قمة في الاخلاق والأدب وكان يحترم جميع الأفكار، وبضمنها الأفكار الماركسية، وكان صاحب مكتبة ضخمة.

لهذه التيارات والمجاميع والأحزاب، والكتل الدينية التي تسعى اليوم لتسيد الموقف، أقول، لم ير الشعب العراقي على عهدكم الا السرقات، والفساد والاستخفاف بحقوق الآخرين، لقد اُسقط الدين في عهدكم في وحل السياسة، ولم يعد الشعب يحبكم ويثق بكم، وبخطاباتكم ومنابركم الى الأبد.

 

عقيل العبود

ماجستير فلسفة وعلم الأديان؛

باحث اجتماعي سان دييغو

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم