صحيفة المثقف

عاهة الفلسفة!!

صادق السامرائيالكتابات الفلسفيية المنشورة في الصحف والمواقع تشترك في أنها منقطعة عن واقعها المكاني والزماني ومتشبثة بالآخرين الأجانب بأنواعهم، فتقرأ كتابات مملة معقدة مبهمة تستند على أفكار أجنبية، وتهمل الموروث الفلسفي العربي الوفير الذي يستلهم منه الأجانب أفكارهم ويدعونها لهم، ونحن نركض خلفهم وكأننا بلا حضارة ولا تأريخ، ولا تراث فلسفي وفكري ومعرفي لا يُضاهى!!

كما أنها تعجز أن تقدم الفلسفة بلغة يستلطفها القارئ ويتعلم منها، وإنما تميل إلى التنفير والتكريه بالفلسفة، حتى صارت مواضيعها من إبداع الهذربات والهذيانات فوق السطور!!

ولا يُعرف لمن تُكتب ولماذا تُكتب؟!!

وأخذت الصفحات الثقافية العربية تزدحم بها، وهي كتابات طاردة للقراء، وتتسبب بتوليد المشاعر السلبية تجاه الفلسفة وموضوعاتها، وكأن كتّابها لا يفقهون في الفلسفة وإنما يحومون حولها.

ومن النادر أن تجد مقالة فلسفية تشدك لقراءتها والتفاعل معها، والسائد فيها إنها تنهرك وتنذرك وتقول لك من عنونها، إبتعد عني، ولا تقرأني، وإن قرأتني فأنك لن تفهمني، فأنا أتحدث مع نفسي ولا يعنيني ما يأتيك مني، فابتعد، قبل أن أصيبك بوجع الرأس والغثيان!!

فالكتابات الفلسفية العربية المعاصرة صومعية منبرية محلقة في فضاءات التصورات الخالية من مفردات وعناصر الواقع الذي يتواصل معها، وكتابها وكأنهم يعيشون في قصورهم العاجية، وعوالمهم الفنتازية، وهم يجالسون الورق والقلم أو الحاسوب، ويمعنون بتعبئة السطور بما لا ينفع من المسطور المهجور الرجيم.

فلا يعترفون بخير الكلام ما قل ودل، ويعجزون عن وضع أفكارهم في كلمات واضحة وعبارات مبسطة ومفهومة، بل يغرقون في الإبهام والحَوْم حول ما يريدون قوله وما يستطيعون لذلك سبيلا!!

قد ينزعج البعض مما تقدم، لكنه واقع مرير تعيشه الأجيال، فما أسهم الفلاسفة برفدها بما ينير ويساعد في بناء حاضرها ومستقبلها، ولا تزال الأجيال تتعجب من الذين يرفعون رايات الفلسفة، كيف أنهم على هامش الحياة يتعاقبون.

فهل لنا أن نعيد للفلسفة روحها وطعمها وجاذبيتها وقدرتها على التنوير؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم