صحيفة المثقف

رواية: مصير بلقيس.. صرخة احتجاج بوجه العنف

ثامر الحاج امينعن دار ميزر للنشر في السويد صدرت للكاتب العراقي المقيم في الدنمارك "كريم عباس حسن" روايته البكر (مصير بلقيس) التي تصنف ضمن الأعمال الأدبية التي تدعو الى نبذ العنف في حل المشاكل الاجتماعية لما يخلفه من تداعيات على الأمن والبناء المجتمعيين ، حيث تناولت الرواية ظاهرة العنف الأسري ضد المرأة والطفل بوصفها انتهاكا للحقوق والحريات والتي تفشت في المجتمعات خصوصا الشرقية منها ، فـ " بلقيس " الشخصية الرئيسية في الرواية شابة عراقية تعيش حياة زوجية تعيسة بسبب غيرة الزوج " صادق " من طموحها المشروع في الحصول على شهادة راقية والوقوف بوجه رغبتها في اكمال تعليمها الجامعي الذي تنازلت عنه مؤقتا من أجل الاقتران بحبيبها الذي لم يكن وفيا لهذا الايثارولم يكن بارا بوعده الذي قطعه على نفسه بالوقوف الى جانب حبيبته وزوجته بعد ذلك ، اذ سرعان ما تنكر لتضحيتها وراح يعاملها بقسوة وعنف يصل حد الضرب المبرح ، وبعدما يطفح الكيل تحاول الانتحارلأكثر من مرة نتيجة الشعوربالفشل في هذا الارتباط الذي كان ثمرة علاقة حب متبادل وتنتهى حياتها بحادث حريق غامض يثير الكثيرمن الشكوك وتحوم حوله الشبهات .

في فصول البحث عن اسباب موت " بلقيس " اذا ما كان حادث الحريق مدبرا ام قضاء وقدر فان الكاتب يجنح الى اسلوب الرواية البوليسية حيث يقوم بتوزيع الشبهات على الشخصيات القريبة والمحيطة بالضحية ويمهد لشكوك القاريء فيها ، كما ويثير الشك في تحركات وسلوك القائمين على التحقيق بالحادث ولكنه في الأخير يترك لحصافة القاريء تقدير ذلك بعدما يضع امامه كل الجزئيات المتعلقة بحياة الضحية وظروف معيشتها ،

اللافت في الرواية ان حرية المرأة ماتزال تحظى باهتمام الرأي العام النخبة من أدباء وفنانين ومفكرين ومثقفين فهذه الرواية جاءت لتؤكد هذا الاهتمام الذي يمثل موقفا انسانيا وحضاريا من قضية المرأة التي تصارع المجتمع الذكوري في مشوار بحثها عن هويتها المسلوبة ، فـ " بلقيس " في هذه الرواية ليست امرأة عراقية فحسب انما هي الرمز لكل النساء التي تعاني الظلم والتهميش والتبعية حيث جعل الكاتب من مأساتها بمثابة صرخة بوجه المجتمع الذي يمارس هذا القبح مع أجمل مخلوقات الكون .

"مصير بلقيس" تمثل اضافة طيبة لسجل الاعمال الأدبية التي تناصرالمرأة في كفاحها من أجل حريتها ، والكاتب " كريم عباس حسن " بالرغم من انه للمرة الأولى يخوض تجربة الكتابة الا انه استطاع ان يمسك بخيوط اللعبة السردية وان يجعل القاريء مشدودا للوصول الى اسباب نهاية " بلقيس " المأساوية  اضافة الى الحس الانساني الرفيع الذي تمتع به الكاتب والذي جسدته لغته البعيدة عن التكلف والتعقيد .

 

ثامر الحاج امين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم