صحيفة المثقف

زهاء حديد .. نجمةٌ زاهيةٌ بلا حدود

كريم الاسديفي يومٍ آذاري من أيام العام 2016  كنتُ متجهاً من بيتي الى مكتبة الدولة في برلين .. أخذتُ الترام الذي يوصلني الى أحد مراكز المدينة المسمى ساحة  الكساندر، صعدتْ الى الترام بعد توقفه في محطة في الحي الذي اسكن شابة جميلة وانيقة وجلستْ في المقعد الفارغ جنب مقعدي مباشرة .. كانت الى جمالها وحسن هندامها سمحة الملامح باسمة المحيا.. دار بيننا حديث عذب وكأننا نعرف بعضنا من زمان ..عرفتُ منها انها أنهت دراستها في المعمار قبل قليل، وتعمل الآن في هذا المجال.. سألتها فيما اذا كانت تعرف زهاء حديد أو انها اطلعت على تصاميم ومشاريع لهذه المهندسة وما رأيها فيها، فأجابتني انها تكنُّ أكبرَ الاعجاب لزهاء حديد، وان زهاء ظاهرة فريدة في فن المعمار في العالم، وان لزهاء في المانيا الكثير من المعجبين .. أخبرتها انني ورغم عدم اختصاصي في العمارة الا انني أرى في تصاميم ومشاريع زهاء ابداعاً فنياً وطاقة لخيال مفتوح على الآفاق وعلاقة بالفنون الاخرى بل بالشعر والآداب فوافقت بالإيجاب، ثم أضافت ان لزهاء بعد الوقت لتضيف الى منجزها منجزات أخرى .. قلت لها ان عمرها الآن خمسة وستون عاماً، فردَّتْ ان هذا العمر لا يُعتبر عند المعماريين عمراً كبيراً .. لم أنسَ ان أذكر لها ان لتاريخ بلاد الرافدين ونشأة زهاء في العراق أثراً على تكوينها وابداعها المعماري والفنّي، وكانت محدثتي تستغرب ان أول سيدة في العالم تحصل على جائزة بريتزكر أعلى جائزة عالمية في العمارة هي شرقية وعراقية على وجه التحديد   .. انتهى لقاؤنا بعد ان وصلتُ الى هدف سفرتي القصيرة لتستمر هي بعدي لمحطة واحدة، ودعتها على أمل لقاء قادم فشكرتني على جمال المحادثة..  بعد أسبوعين من هذا اللقاء وأنا اشاهد وأسمع الأخبار من محطة التلفزيون البريطاني عرفتُ ان زهاء رحلتْ عن عالمنا هذا في مستشفى في ميامي في ولاية فلوريدا بعدما دخلته بعد وعكة صحية كان سببها نزلة برد أو نوبة زكام .. أشهر مهندسة في العالم وأعظم المعماريين في عصرنا تموت اثر نوبة برد ليس في منطقة قصية ومهجورة من العالم، لافي قصبات أهوار العراق وجزر بحيرات دجلة والفرات المنعزلة والبعيدة، ولا في قرى منطقة الجزيرة بين الموصل وحلب أو في كهوف جبال كردستان العراق، وانما في ميامي أهم مدن فلوريدا، وفي فلوريدا التي هي من أهم ولايات أميركا، وفي أميركا الرائدة في الطب والعِلم !!! ... لم نعد نرى لها جديداً بعد الآن وهي في توهجها وشبابها المعماري والابداعي، وسوف ينساها العراقيون الذين تعودوا النسيان وكأنها لم تكن نجمة من الشرق نوّرت الغرب والشرق والعالم كله.

***

كريم الأسدي ـ برلين

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم