صحيفة المثقف

رغبات النفس وحصارالحياة

قاسم محمد الياسريالنفس متمكنه في الانسان أكثر من العقل وهي وعاء الرغبات والشهوات ونحن بني البشر حبيسو رغباتنا كلما زادت رغباتنا زادت مشاكلنا ..والحياة تحاصرنا فلو تفحصنا رغباتنا وركزنا فقط على المهم منها وحررنا عقولنا من رغبات النفس المستحيلة نتيجة عوامل خارجيه لا يمكننا السيطره عليها وسط شعورنا بالاختناق والمحاصره ففي سياق سعينا لتحقيق رغباتنا ينتابنا الشعور بالألم الشديد والإحباط بإيعاز من العقل الذي يمنعنا من الوصول والحصول على تلك الرغبات ونتيجة الصراع مع العقل يبقى الاصرار في رغبتنا وسط تكيف اجتماعي وثقافي يستغل احتياجاتنا الحيوانيه الطبيعيه الاساسيه للغذاء والملبس والجنس والمأوى والسلامه فنشوهها ونحرفها بأشكال مظلمه وبإفراط من الجشع والحسد والخوف من المجهول الذي يشكل أساس لمعظم معاناتنا ..ففي النفس البشريه مكبوتات.. وفطرية العقل وشهوة النفس هما شجرتان متضادتان مختلفتان ومتباعدتان في الانسان وعلى هذا الاساس تأسست الإحتياجات والبواعث والميول الغريزيه والشهوانية فيهما فالانسان الذي يحكم عقله له رغبات وميول غريزيه وشهوانيه بين مشتركات هاتين الشجرتين وهي مشتركات بين الانسان والحيوان تحت سيطرة الشهوه التي ثبت وجودها عند الحيوان وعند الانسان الذي يسيطر عليه العقل الذي يتمييز بمميزات الانسان وهنا فلابد من سيطرة العقل على الشهوه ..فالرغبات عند الانسان وجميع بني البشر تؤثر في حياتهم وأهم هذه الرغبات هي رغبة السعاده الابديه التي لها علاقه وثيقه بإرضاء البشر لرغباتهم ففقدان الانسان لرغبة من رغباته التكامليه يؤدي الى ظهور إختلالات واضطرابات نفسيه إرتكاسيه وافتقاديه للرغبات تؤدي الى ظهور وبروز آثار بدنيه وأمراض مثال ذالك نقص الحديد في الجسم الذي يؤدي الى فقر الدم ونقص اليود الذي يؤدي الى تورم الدرقيه علما بان نقص اي فيتامين يؤدي الى حصول حالات واضطرابات خاصه في جسم الانسان وعلى هذا الاساس ان حصل نقص في واحده من الرغبات قد يؤدي الى ظهور اضطرابات أواختلالات نفسيه إرتكاسيه لذا يسعى الانسان الى إشباع رغباته لتلافي هذه الاضطرابات أوالاختلالات ففي هذا العالم نحن بني البشر مكيفون للاعتقاد ان الاشياء التي نسعى لها ونرغب بها ستجعلنا سعداء لكننا نادرا ما نحصل على السعاده على المدى الطويل فهذا الوهم المصنع الذي تصنعه رغباتنا يقتله الملل أحيانا ونحن نعيش كل يوم في دورة السعي وراء رغباتنا للاشياء والكسب والرضا الوجيز ومن ثم العوده لنفس الدوامة مع المزيد من المعانات وقد نكون قادرين على الرؤيه الصائبه من خلال رغباتنا والى ما ورائها وبمعنى آخر قد نكون قادرين على معرفة كيف تشكل رغباتنا المقام الاول في ذواتنا وهذا يعني أننا بشر ..إذا الأمر ليس مرتبطا بنبذ جميع الرغبات وإنما بالسعي وراء تلك الرغبات التي تستحق فلو قلنا فرضا أن الحريه وراحة البال هي المسعى الاول بغض النضر عن وضعنا الذي نحن فيه ما يعني أنه كلما قلت رغباتنا صار تحقيق الحريه أكثر سهوله وهكذا نجد أنفسنا اننا حبيسوا دوامة رغباتنا.. فعند شعورنا بالحصار والإختناق بإفراط في تفكيرنا وفي أي وضع من رغباتنا الغير مرغوب فيها يزيد من صعوبة تحملنا ويخلق لنا المزيد من المشاكل والصراعات بين النفس والعقل وهذا لا يعني أننا يجب أن لا نفكر في الطرق العمليه لخروج النفس من هذه المواقف والافكار ولا نعذب أنفسنا بأفكار لا تخدم غرض الخروج ومغادرة الحصارلأن 90% من الأفكار التي تدخل عقولنا خلال اليوم الواحد لا تخدم الغرض أو الرغبه التي نطمح لها .. وهكذا هو حال الأشخاص الأذكياء في خصائصهم الشخصيه المشتركه أنهم مفرطون في تفكيرهم حيال كل شيئ في عالم اليوم العالم الحديث لسوء الحظ ..فلكي نخرج من جحيمنا أحياء علينا أن نعيش ببساطة الأحمق.. وغلينا اليوم أن نروض عقولنا وأن نعرف كيف نستخدمها ولا نجري وراء رغباتنا الفطريه وشهوات أنفسنا أي أن لا نكون أغبياء تماما ولا نفكر حتى في اللا شيئ الذي ليس أمامنا وهذا هو التحدي الحقيقي فيجب علينا إنقاذ أنفسنا من أنفسنا ..وأن نكون بسطاء لا أن نكون أغنياء عن فعل السلوك السوي وبمعنى آخر علينا أن نكون جاهزين لمواجهة الحياة والحصول على رغباتنا التي تتوافق مع العقل لنيل الحريه والسعاده الأبديه وفق مبدأ توجيه العقل للتركيز على الحلول لا على جحيم المشاكل والتصادم بين الرغبات والشهوات النفسيه التي تتعارض مع منطق العقل وبهذا يمكننا أن نتحرر من حصار الحياة ونحقق رغباتنا المنطقيه ..

 

د. قاسم محمد الياسري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم