تجديد وتنوير

كيفية قراءة التراث؟

laythe alatabiهناك ثلاثة إتجاهات عامة ورئيسية حول فهم حقيقة وماهية التراث، وهي كالأتي:

الإتجاه الأول: الداعي إلى الأخذ بكل ما في التراث، وإعتبار كل ما خلفه الماضون تراثاً مفيداً يجب الأخذ بكل ما فيه، بل دعا بالبعض إلى إضفاء صفة القدسية عليه بشخوصه، وتركاته، وبكل ما فيه من هنات وعلات، وبلا أي نقاش[1] .

ولابد أن نعلم بأنه (لا يمكن إدعاء العصمة والكمال لأي جهد بشري، بأستثناء ما صدر عن وحي إلهي، وتسديد خاص " عصمة " ...)[2].

إن القرآن الكريم قد نهى عن الإتباع الأعمى، المؤدي إلى تجميد العقول، من خلال الأخذ بكل ما صدر عن الأسلاف، وتقديسه، وإتباعه .

قال تعالى: (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قالَ أَ وَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) سورة الزخرف (23 ـ 24) .

كما ولابد من معرفة حقيقة إن الأصوات الداعية إلى التمسك بالتراث ـ وفي أكثرها ـ لا تفهم ماهية التراث بشكل موضوعي، فهي تخلط ما بين ما هو تاريخي، وبين قضايا العادات والتقاليد، وبين الصفات والطبائع، وبين التراث بما هو تراث، فليس كل شيء جاءنا من الماضيين هو تراث، وليس كل شيء جاءنا من الماضي يحسن التمسك به .

إن كثيرين يعتقدون أن الأعتناء بالتراث، والمحافظة عليه يتحقق عن طريق تقديس كل ما هو قديم، حتى أصبحت الأفعال المشينة للبعض يُبرر لها، بل يشرعن لها، بل إنها أصبحت سنن متبعة، وذلك لأن فاعلها شخص مهم في التراث[3] ؟؟!!

و من باب المثال التوضيحي لا أكثر نذكر هذه الحادثة: إنه حينما أصدر محمد بن جرير الطبري[4] كتابه (أختلاف الفقهاء) الذي أعتبر فيه أن أحمد بن حنبل[5] محدثاً وليس فقيهاً، تحول هذا الرأي إلى مشكلة خطيرة كاد الطبري أن يموت بسببها، فقد بقي مسجوناً في بيته ثلاثة أيام، إلى أن تمكن بعض تلامذته من إخراجه، ولما توفي دفن بداره ليلاً، لأن العامة أجتمعت ومنعت من دفنه نهاراً، ولقد قام بأخفاء كتاب (أختلاف الفقهاء) الذي أكتشف فيما بعد مدفوناً في داره بعد موته[6] .

فنجد أن هناك بواعث مصلحية، وأيديولوجية عند عدد لا بأس به من كُتاب التاريخ ممن حاول أن يبرر للشخصيات، وللحكام كل ما فعلوه بحجج، وأقاويل ما أنزل الله بها من سلطان فـ(أبن كثير الذي يعمل من خلال التاريخ إلى تقديم نموذج جاهز يتم فيه تبرير وتجهيز حياة السلف " الصالح كمعيار لكل الخطايا التي حصلت في التاريخ العربي والإسلامي، أو تلك التي ستحصل دائماً في دنيا البشر ... فهدف المؤرخ السلفي ليس هو عرض الأحداث كما هي ... بل الغاية القصوى أن يجد في غمر هذه الأحداث ما هو قابل للتبرير، وما يصلح أن يكون عنصراً قادراً على رسم صورة قدسانية للسلف)[7] .

و هكذا الحال بالنسبة لأشخاصٍ من أمثال أبن خلدون[8]، والذهبي[9]، وأبن حجر الهيتمي[10]، وأبن عبد ربة الأندلسي[11]، وغيرهم .

إن المشكلة الأساسية في شيوع التمذهب، والتفرق، والتشتت المتأصلة بالتراث الإسلامي ليس بالإنزواءِ، والمحسوبيةِ على أشخاصٍ وجهاتٍ جيدة، وذات مكانة تاريخية مرموقة، بل المشكلة بإتخاذ أشخاص سيئين وذوي آراء هدامة قدوة، وأسوة، ونموذج يحتذى به، ويضرب به المثل[12] .

و هذا ما نلاحظه عند كثرة لا بأس بها ممن يتخذون (أبن تيمية الحراني)[13] نموذج إصلاحي، أو نموذج أخلاقي، أو نموذج فكري . ولا أعتقد أن قارئ التاريخ لن يلاحظ ميزات هذا الشخص الذي لم يترك أحداً إلا وعاداه، ولم يترك أحداً إلا وسبه وشنع عليه، ولم يترك أحداً إلا وأتهمه بالكفر، والزندقة، والضلال، ولا ندري ما مقياس الأيمان عند أبن تيمية[14]، ولو طبقنا كل القيوده التي وضعها لخرج حتى هو من ربقة الأيمان .

في الحقيقة إن أبن تيمية الحراني هو أسوء مثال في التاريخ الإسلامي على الإطلاق أحيا تراثه كل من (أبن قيم الجوزية)[15]، و(محمد عبد الوهاب)[16]، وأتباع النحلة (الوهابية)[17] ليكون هذا الفكر وبالاً على المسلمين، وعلى البشرية جمعاء .

كما وحريُ علينا أن نعلم بأن هناك الكثير من التراث كـ(شخوص، وحوادث، وأحاديث) هو موضوع، قد قامت السلطات الحاكمة، وأتباع الفرق، وأعداء الدين بوضعه .

يقول السيد مرتضى العسكري[18] (رحمه الله): (أن معاوية قد أوجد معامل لصنع الحديث ووضع الروايات . وكان أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومالك بن أنس، وسمرة بن جندب، من المنفذين لهذه السياسة المشئومة، وفي بعض من أحاديثهم تسقط شخصية الرسول عن قداستها وشأنها وقيمتها إلى مستوى دون مستوى الإنسان العادي، وتصبح أدنى من شخصيات أبي بكر وعمر وعثمان بل وحتى معاوية ويزيد ... ومن خلال أطروحتهم هذه حققوا أهدافاً ثلاثة: ـ حرفوا أحكام الإسلام، وحطموا شخصية النبي " ص " وأسقطوها عن الاعتبار، ورفعوا من مستوى شخصيات الخلفاء بعده إلى مستوى أعلى وأرفع من مستوى شخصية الرسول ....)[19] .

فهذا الإتجاه الذي يقدس التراث الخاص والمؤدلج، ويجعله عدلاً للقرآن يفرض واقع عدم النقد، وعدم المناقشة في كل أطروحاته، وإلا فإن ذلك يقود فاعله إلى الرمي بالزندقة، والضلال، فساد من جراء كل ذلك ساد تيار من الأرهاب الفكري المسنود من قبل السلطات الحاكمة، والذي حال بين المسلمين وبين أن يخوضوا في قضايا التراث، ويمنعهم من أن يعملوا عقولهم كما وقد حرم المحاورة، والمناظرة بحجج وتخرصات واهية ليس لها أي مستند شرعي حقيقي[20] .

و بمرور الوقت فرض التراث الواحد، وأصبحت له السيادة، وأصبح من المسلمات التي لا نقاش فيها، بحيث (تلقت الأجيال المسلمة جيلاً بعد جيل التراث بمنظور الفرقة السائدة المتمكنة المدعومة من السلطة)[21] .

و المشكلة أن المقدسين (للسلف) يرمون الصوفية، والشيعة، وغيرهم بالغلو، بينما نرى عندهم من المغالات ما تضيق الكتب عن ذكره لكثرته، ولسذاجته .

يقول الشيخ (حسن بن فرحان المالكي): (الغلو ننكره على الصوفية إذا مدحوا الأولياء، وننكره على الشيعة عندما يغلون في أئمتهم ...، وننكره على الأشاعرة عندما يبالغون في مدح أبي الحسن الأشعري ... لكننا لا ننكره عندما نقرأ لأحدهم مدحاً بغلو في أحمد، أو أبن تيمية، أو أبن القيم، أو غيرهم ... ونحن ننكر على الآخرين عندما يعتذرون عن بعض العلماء الذين صدرت منهم هفوات ونسمي هذا " تمييعاً للعقيدة "، بينما نقوم نحن بالعمل نفسه ونسميه " ذباً عن أعراض العلماء فلحومهم مسمومة !! ")[22] .

الإتجاه الثاني: والذي يدعوا إلى نبذ كل ما هو قديم، بل إلى نفي وجود شيء يسمى تراثاً وفق شعار (القطيعة مع التراث) التي دعا إليها البعض لغايات غير علمية، وهي في حقيقتها قائمة على النقد فقط، وقد رفع لواءها في الوطن العربي كلٌ من (عبد الله العروي، ومحمد عابد الجابري، ومحمد أركون في بعض الرؤى الخاصة به) وكل واحدٍ منهم قد تطرق لموضوع التراث بحسب رؤياه الخاصة به .

فـ(القطيعة عند العروي تأخذ معنى الطفرة التاريخية بالمعنى الذي تذهب إليه المادية التاريخية ما يجعل منه تاريخانياً بأمتياز، أما القطيعة عند محمد عابد الجابري فهي معنى الثورة العلمية كما عند غاستون باشلار وطوماس كون ما يجعل منه بنيوياً بأمتياز، أما القطيعة عند أركون فهي تعيش على إيقاع معطيات الثورة المناهجية الجديدة التي تمتد إلى مختلف الحقول في اللغة والتاريخ والأجتماع والنفس فهي بهذا المعنى قطيعة مع أساليب القراءة والفهم وهو مفهوم يلتقي مع كافة الأطر المعرفية التي تشكل المجالات الثقافية والأشتغالية والتداولي للحداثة الغربية)[23] .

فمثلاً نجد أن عبد الله العروي يقول: (إن سير التاريخ لا يتوقف على المثقف، لكن المثقف مطالب بالخضوع إلى قوانين التاريخ إن أراد أن يكون له وجود وتأثير)[24] .

و عن قضية التراث يقول: (إن التراث تحميه اليوم مؤسسة لا تترك لأحد حرية التأويل)[25] .

و يقول مؤكداً على منهجه التاريخي، ومنتقداً للفكر السلفي: (هذه حقيقة نقولها ونكررها وبعد الإقرار والتكرار نجدد الدعوة إلى العقل التاريخي لأن اللجوء إلى الرومانسية والفوضوية، إلى الشعر الغاضب، إلى الثورية الفارغة، يقوي فقط جانب الفكر السلفي . وهذا الفكر كان سبب التخلف، وسيبقى سبب التخلف)[26] .

أما محمد عابد الجابري فيقول: (ويمكن أن نلاحظ بالإضافة إلى ما تقدم أنه لا كلمة " تراث " ولا كلمة " ميراث " ولا أياً من المشتقات من مادة " و. ر . ث " قد أستعمل قديماً في معنى الموروث الثقافي والفكري حسب ما نعلم، وهو المعنى الذي يعطى لكلمة " تراث " في خطابنا المعاصر . إن الموضوع الذي تُحيل إليه هذه المادة ومشتقاتها في الخطاب العربي القديم كان دائماً: المال، وبدرجة أقل: الحسب . أما شؤون الفكر والثقافة فقد كانت غائبة تماماً عن المجال التداولي، أو الحقل الدلالي، لكلمة " تراث " ومرادفاتها)[27] .

الإتجاه الثالث: وهو الداعي إلى غربلة[28] التراث من كل ما علق به، وتحسين طريقة الأخذ منه، مع تجاوز الطريقة الحرفية في فهم النصوص وتفسيرها، والإبتعاد عن دائرة التقديس لكل ما بالتراث، والإجتناب عن إضفاء صفة القدسية على جميع السلف .

فلقد أحتوى تاريخ الماضين على إفرازات كثيرة، منها الضار، ومنها النافع، والتي لا يزال لها أثرها في سلوكيات المجتمع، ومعتقداته، وأسلوب معيشته، فلابد أن نميز بين ما يمكننا التمسك به، وتنميته، وبين ما يجدر بنا إستئصاله، أو الحد قدر الإمكان من مضاره، وسلبياته على الفرد والمجتمع .

فـ(من الطبيعي أن يحتوي التراث على نقاط الضعف والقوة، والغث والسمين، والخطأ والصواب، كما أن تناقل التراث عبر مسيرة زمنية، تجعله معرضاً للشوائب والتحريفات)[29] .

إن دراسة تراث السلف بمنطق العقل قد يكشف مواضع الخطأ لدى السابقين، ويفيد في تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعوا بها، وبالتالي السعي نحو تحصيل الأفضل والأحسن دائماً . ثم أن لكل حقبة ظروفها وخصوصياتها، فكيف لنا أن نُعدي أفكار وتصرفات من حقبة معينة لنجريها على حقبة أخرى تختلف عنها زماناً ومكاناً، بل ربما قد تختلف عنها في الطبيعة والظروف وحتى في اللغة . إن ما تعرض له التراث ـ كمنظومة ـ من محاولات تحريف وتشويه، سببتها الجهات المغرضة من داخل جسد الأمة[30]، وأحدثتها الثقافات الدخيلة، وما قام به أعداءها، يفرض علينا أن نبذل أقصى ما يمكننا من جهود لغربلة تراثنا الشوائب، بل يوجب علينا أن نمحص التراث، ونخلصه من كل الأفرازات، والمدخولات التي لحقت .

 

الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

..........................

[1]: فأي نقاش بذلك يؤدي بصاحبه إلى الرمي بالزندقة .

[2]: الآحادية الفكرية في الساحة الدينية، حسن موسى الصفار، ص 59 .

[3]: فنشأت من جراء ذلك (عبادة الأشخاص) .

[4]: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (224 ـ 310 هـ) فقيه ومؤرخ .

[5]: أحمد بن حنبل (164 ـ 241 هـ) .

[6]: تاريخ أبن الأثير، أحداث سنة (310 هـ) .

[7]: محنة التراث الآخر، أدريس هاني، ص 35 ـ 36 .

[8]: أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المغربي المالكي البربري الأشبيلي (ت 808 هـ) بالقاهرة .

[9]: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الذهبي الدمشقي الشافعي (673 ــ 748 هـ) المعروف بالتعصب، فعن طبقات الشافعية أن تقي الدين السبكي قال في حقه: (والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله) .

[10]: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي الشافعي مفتي الحجاز صاحب كتاب (الصواعق المحرقة) توفي سنة (974 هـ)

[11]: أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي الأندلسي المرواني (246 ــ 328 هـ)، مولى هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، توفي ودفن في قرطبة .

[12]: كما نراه عند (أحمد أمين المصري)، و(أبو يعرب المرزوقي)، وطه عبد الرحمن، وغيرهم .

[13]: تقي الدين أحمد الحراني الدمشقي الحنبلي: (661 ـ 728) هجري (1263 ـ 1328) ميلادي أصله غير عربي، كان معادياً للصوفية والشيعة بسبب وبلا سبب، وكان من أشد النواصب لمذهب التشيع، وهو أول من أفتى بحرمة زيارة قبر النبي محمد (ص) ليقطع الطريق على كل زائر، وعد السفر إلى زيارة قبر النبي (ص) عملاً محرماً يجب إتمام الصلاة فيه، وهذه الأراء التي أطلقها اعتمدتها الحركة الوهابية وأحلت بفتاوي أبن تيمية هدم قبور الصالحين، هذه الفتاوي سمحت للفقهاء بتأليف الكتب دفاعاً عن زيارة القبور، فوضع تقي الدين السبكي (ت 756 هـ) كتابين (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) و(الدرة المضية في الرد على أبن تيمية)، ومؤلفات أخرى في الرد على أبن تيمية مثل (المقالة المرضية لقاضي قضاة المالكية تقي الدين أبي عبد الله الأخنائي) و(نجم المهتدي ورجم المقتدي للفخر أبن المعلم الفرشي) و(دفع الشبه لتقي الدين الحصني) و(التحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة لتاج الدين الفاكهاني) و(إكمال المنة في نقض منهاج السنة لسراج الدين الهندي) و(منهاج الشريعة في نقض مناج السنة للسيد مهدي القزويني) و(الإمامة الكبرى والخلافة العظمى للسيد محمد حسن الشيرازي) و(خبر الجهة لأحمد بن يحيى بن جبريل الشافعي) و(إعتراضات على أبن تيمية لأحمد بن إبراهيم السروطي الحنفي) و(الجوهر المنظم في زيارة القبر المعظم لأبن حجر الهيتمي) و(أبن تيمية ليس سلفياً لمنصور عويس) و(أبن تيمية لصائب عبد الحميد) غيرها الكثير . قال أبن حجر العسقلاني في ذم منهج أبن تيمية: (... وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته إلى تنقيص علي رضي الله عنه) لسان الميزان، ج 6، ص 319ـ 320 / وقال أبن حجر الهيتمي في أبن تيمية: (أبن تيمية عبد خذله الله، وأضله وأعماه وأصمه وأذله، وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله ... ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال مضل جاهل غال وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته) الفتاوى الحديثة، الهيتمي، ص 144 / وفي مورد آخر يقول الهيتمي: (وإياك أن تصغي إلى ما في كتب أبن تيمية وتلميذه أبن القيم الجوزية وغيرهما ممن أتخذ إلهه هواه ... وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود ...) الفتاوى الحديثة، الهيتمي، ص 203 / وقال فيه تاج الدين السبكي: (وأعلم أن هذه الرفقة، أعني المزي والذهبي والبرزلي وكثيراً من أتباعهم أضر بهم أبو العباس أبن تيمية إضراراً بيناً ... وأوقفهم في دكادك من نار ...) طبقات الشافعية الكبرى، السبكي، ج 10، ص 400 / وقال الألوسي في أبن تيمية: (وأرى أن تشنيع أبن تيمية، وأبن القيم، وأبن قدامة، وأبن قاضي الجبل، والطوفي، وأبي نصر، وأمثالهم، صرير باب أو طنين ذباب ... ولولا الخروج عن الصدد لوفيتهم الكيل صاعاً بصاع ... ولعلمتهم كيف يكون الهجاء بحروف الهجاء ...) تفسير روح المعاني، ج 1، ص 18 ـ 19 .

[14]: فمن مبتدعاته أن أخترع ما يسمى بـ0 توحيد الربوبية) ولا أدري من أين جاء به، والمشكلة أن بعض الكتاب، وبالخصوص من الشيعة قد ساوقه القول، وفرع كتفريع أبن تيمية، وجعل توحيد الربوبية قسماً من أقسام التوحيد، وهذا القسم ما هو إلا بدعة، فلا دليل عليه من كتاب الله تعالى، ولا من السنة النبوية المباركة، ولا ورد ذلك عند الصحابة أو التابعين أبداً .

[15]: محمد بن أبي بكر الحنبلي أبن قيم الجوزية (ت 751 هـ) صاحب زاد المعاد في هدى خير العباد، تفقه على أبن تيمية، غلب عليه حب أبن تيمية، وعد الخروج عن أقواله ضلال، قام بتهذيب كتب أبن تيمية ونشرها، كان كأستاذه ينال من علماء عصره وينالون منه .

[16]: محمد بن عبد الوهاب المولود في بلدة العينية بنجد (1115 هـ ــ 1703 ميلادي) درس الفقه الحنبلي، واقتدى بابن تيمية، ورحل إلى المدينة والبصرة وبغداد وكردستان وهمدان وأصفهان وعاد إلى بلاده وأظهر طريقته وأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحارب البدع حسب ما يدعي، واستعان بمحمد بن سعود في تأييد دعوته إلى أن مات سنة (1206 هـ ــ 1791 ميلادي) وأعتنق آل سعود هذه الدعوة التكفيرية الشاذة، والتي أسسها الأستعمار في داخل الإسلام لضرب الإسلام .

[17]: يقول الأستاذ والكاتب السوري نبيل فياض عن هذه النحلة المنحرفة: ((... مصيبتنا الفعلية هي في أولئك الوهابيين الذين مازالوا مستمرين في ترويج كل أنواع الدجل والعهر الفكري يلعبون بها بعقول الصبية والنسوة المهتاجات)) من كتابه: يوم انحدر الجمل من السقيفة، ص 18 .

و الوهابية فرقة تنتسب إلى محمد بن عبد الوهاب المولود في بلدة العينية بنجد (1115 هـ ــ 1703 ميلادي) درس الفقه الحنبلي، واقتدى بابن تيمية، ورحل إلى المدينة والبصرة وبغداد وكردستان وهمدان وأصفهان وعاد إلى بلاده وأظهر طريقته وأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحارب البدع حسب ما يدعي، واستعان بمحمد بن سعود في تأييد دعوته إلى أن مات سنة (1206 هـ ــ 1791 ميلادي) وأعتنق آل سعود هذه الدعوة التكفيرية الشاذة، والتي أسسها الأستعمار في داخل الإسلام لضرب الإسلام .

[18]: السيد مرتضى بن محمد بن إسماعيل الحسيني العسكري، عالم ومؤرخ ومحقق، ولد في سامراء سنة (1332 هـ)، ثم هاجر إلى قم سنة (1350 هـ)، ثم رجع إلى سامراء سنة (1353 هـ)، أنتقل إلى بغداد وصار أستاذاً في كلية (أصول الدين) ثم عميداً لها، وهو من المؤسسين الأوائل لها، توفي في إيران سنة (1428 هـ) له من المؤلفات: (معالم المدرستين، عبد الله بن سبأ، خمسون ومائة صحابي مختلق) .

[19]: دور الأئمة في أحياء الدين، السيد العسكري، ج 1، ص 154 .

[20]: يراجع كتاب السنة للبربهاري كمثال، وكتب الحنابلة .

[21]: فرق أهل السنة، صالح الورداني، ص 246 .

[22]: قراءة في كتب العقائد المذهب الحنبلي أنموذجاً، حسن بن فرحان المالكي، ص 151 .

[23]: كيف جرى مفهوم القطيعة على التراث، إدريس هاني .

[24]: العرب والفكر التاريخي، عبد الله العروي، ص 25 .

[25]: المصدر السابق، ص 22 .

[26]: المصدر السابق، ص 223 .

[27]: التراث والحداثة، محمد عابد الجابري، ص 22 .

[28]: ونحن لا ندعوا إلى الأنتقاء أو الإنتقائية، وذلك لأن فيها ما هو سلبي، وفيها ما هو إيجابي .

[29]: الآحادية الفكرية في الساحة الدينية، حسن موسى الصفار، ص 59 .

[30]: فبعض التراث قد كتب بأمر من السلطان، وتحت وصايته، وروج له وعاظ السلاطين، والمتملقين ليصبح جزءاً من التراث .

 

الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

 

في المثقف اليوم