تجديد وتنوير

مصطفى العمري: وهم التقدير نتاج وهم المعرفة

mustafa alomariعادةً ما يحاول بعض رجال الدين أزاحة المنجز العلمي المنهجي نحو مشروعهم غير الممنهج اصلاً و اختطاف بعض الالقاب و الدرجات و لصقها بمدارس او اشخاص للرفع من مكانتهم الاجتماعية، بتلك الممارسة غير الاخلاقية و النابعة من عدم إقتناع مطلق بما هم عليه يتم تحويل المزيف الى حقيقة أما الحقيقة فتهمل لأنها لا تأخذ شرعية دينية . من تلك الممارسات الوهمية التي يتشدق بها المتدينون و التي من خلالها يحاولون بسط السيطرة العظمى على المساكين و حتى بعض الواعين، هي ركوب سفينة الاختصاص . سمعت و قرأت و حاورت الكثير من الشخصيات الدينية و أول ما تتحدث معهم يحاولون ان يقمعوك بطريقتهم الوهمية، فيكون الحوار بهذا الشكل

رجل الدين : عندما تمرض أكيد تذهب الى الطبيب .. النتيجة حتمية

عند بناء عمارة أو بيت بالتأكيد سيكون المهندس حاضراً

الذي يقود الطائرة قطعاً سيكون طياراً ماهراً أليس كذلك ؟

وستكون القائمة طويلة بتعدد نوعية و اشكال الاختصاصيين .

وعندما تكون عندك مسألة دينية لمن ستذهب يا ولدي؟! ... الى رجل الدين لامناص في ذلك.

لا خلاف على هذا الرأي فهو مقدمة صحيحة لنتيجة وهمية كما يقول المناطقة.

وهنا يجب ان يكون الحوار اكثر واقعية وإدراكاً للواقع، فأقول :

1- هل يستطيع اي شخص ان يلبس لبوس الدين و إيهام الناس انه رجل دين؟ اذا كان الجواب نعم فهذه حقيقة واذا كان الجواب لا يستطيع فعل ذلك، فيأتي السؤال الاخر..

2- من يستطيع إيقاف رجل الدين الوهمي؟ فهو يضع على رأسه شيئاً ما و يلبس ملابس توحي انه رجل دين، من يملك السلطة لكي يخلع ملابس الوهميين؟ وهل حصل من قبل ان شكلت لجنة من المؤسسات الدينية لمراقبة المزورين و الدجالين؟ (لا ارغب بالاجوبة المستعجلة او العاطفية)

3- هل بمقدور الاشخاص الذين اضحى على وجودهم بالمؤسسة الدينية زمناً ما ان يقلدوا أنفسهم بأنفسهم شهادات و ألقاب و درجات عالية بدون دراسة و قراءة؟

4- ألم يحصل ان طرح بعض الاشخاص انفسهم لمواقع علمية دينية متقدمة وهم لا يملكون من تلك العلوم شيئاً؟

أيعقل ان يقفز البعض على الالقاب بهذه السهولة، فاية الله العظمى و حجة الاسلام والمسلمين و العلامة الفهامة، ما عادت لها قيود و باتت دون حصر او مراقبة .

دعونا نكمل الحديث مع من يزعم الاختصاص الديني فنعيد الاسئلة على المقدمة فنقول: هل يستطيع اي شخص في الدول الغربية او العربية او حتى الصومال  ان يلبس لباس الطبيب و يمارس عمله في العيادة او المستشفى؟ بدون شك كلا و الف كلا . فهناك قوانين و اجازات تسمح للمتقدم لأي وظيفة كانت باشهار رخصته القانونية .

من هنا نستنج ان مقارنة رجل دين بالطبيب و المهندس و المعلم، مقارنة باطلة اصلاً، لأن هؤلاء تحت قوانين مؤسسة تحميهم من الدخلاء و تمنع عنهم الوهميين و تمنحهم إجازات قانونية .

في المؤسسة الدينية يكثر الدخلاء و النزقيين وليس هناك من ضابط لتقيم الاشخاص فقربك و علاقاتك و مرورك برجال ذو مكانة في تلك المؤسسة سيلهمك مكانة ايضاً، و سيتحول إليك علماً يُطلق عليه (لدّني) أي انك ستكون جهبذ فالفطرة و الوراثة !

مقارنة رجل الدين بأي إختصاص علمي أراها تعدٍ على حقوق المؤسسة العلمية التي ارتقت و تطورت و انجزت و عالجت الكثير من المشاكل، مقارنة تعصر الفؤاد أمام تيهان متخبط و ضرب عشواء .

يقول الدكتور فرج فودة عن الفرق بين اختصاص رجل الدين و رجل الطب:

(ان المختص بالطب لا يدعوني للإيمان بالطب بينما المتخصص بالإسلام يدعوني و يدعو غيري للإيمان بالإسلام!

اجمل ما في الاسلام انه يخلو من الكهنوت وانه بانقطاع الوحي انقطعت صلة السماء بالأرض وان الاسلام لا يعرف واسطة بين الله وبين عبادة).

وهم التقدير هو نتاج واضح لوهم المعرفة، وهم المعرفة ليس مقصوراً على رجال الدين فقط، بل يشمل الكثير من النزقيين الذين يحاولون رفع مستواهم الوهمي على حساب العلم و المعرفة .

تساءل الدكتور عبدالاله الصائغ بمقال مطول:

كم من ألقاب الدكاترة التي نسمي بها الاشخاص لكن بدون معرفة اختصاصهم العلمي او المشرف على إطروحتهم وما هي إطروحة الدكتوراه وفي اي جامعة؟

يبقى الجواب حارناً دونما اجابة و تبقى التساؤلات تنزف خوفاً من سياط الوهم، الى ان يرتفع هذا المجتمع بمستواه العلمي و الفكري لكي ينفض عنه كل الوهميين .

 

مصطفى العمري

 

في المثقف اليوم