أقلام ثقافية

هشام بن الشاوي: لعبة المرايا وتضاعف السرقات

3398 مرايامجرد انطباع قارئ..

كنت أغالب النوم، وأنا أقرأ قصة: "مرايا الأحلام" تماماً ، كما يحدث عندما تقرأ عن تثاؤب بطل رواية ، فتبدأ بالتثاؤب أنت أيضاً. تركت قراءة القصة القصيرة، أحسست أنها تحتاج إلى تركيز أكثر ، تحتاج إلى رأس غير مثقلة ببقايا النوم، وأنا أغبط بطل القصة على غفوته تحت ظل شجرة، كنت أحاول أن أربط بين سرقة الحقل/الأرض، سرقة حافظة النقود، سرقة المتعة... وأقول لنفسي: هذا نص غير بريء تماماً، وكأن الحياة مجرد سرقات، القاص المغربي سعيد رضواني يدفعنا إلى تأمل هذا التاريخ البشري الحافل بالخطايا، منذ خروح آدم وحواء من الجنة، عبر حدث يبدو بسيطا جدا، لكن عبر لعبة المرايا أو السرد المرآوي، حيث لا تنتهي هذه السرقات، وتتكرر دوما. ليس دفاعا عن الشر، أو عن الشيطان الذي يتخفى خلف تفاصيل، تبدو موغلة في تفاهتها أحياناً. يكتب سعيد عن سرقة الهوية، سرقة التاريخ، عن الحروب البشرية، عن البغاء كسرقة أيضا، لا يمكن التخلص من رائحة اقترافها، رغم التطهر.

 الحياة بدأت على هذه الأرض، بعد سرقة تفاحة محرمة!

قرأت هذه القصة القصيرة (مرايا الأحلام) ، وفي نفسي شيء من حتى، قرأتها وأنا ألوم نفسي كقارئ يسرق منه شيء نفيس؛ هذا الرجل كاتب كبير، يكتب نصوصا عالمية، ولا ينتبه إلى أن مستنقع السوشيال ميديا، يسلبه من نفسه ومنا. هذا الرجل كاتب كبير .. لماذا يبذر موهبة جبارة في كتابة تغريدات قد تتبخر في ومضة برق، حين يقرر صاحب الموقع أن ينهي هذه اللعبة الاجتماعية، بضغطة زر؟!

ينهي سعيد رضواني قصته القصيرة بالنوم، والحلم. ذلك الحلم الذي سوف يعذبنا في اليقظة، لأننا لم نستطع أن نحققه، فنلوذ بمخدر. المخدر لعبة أخرى يرميها الأقوياء للمغلوبين على أمرهم، لكي لا ينتبهوا إلى السرقة/ السرقات، أفكر في هذه الأشياء، وأقصى أمنياتي أن أغفو قليلا.. أنا أيضاً، أحس بأن شيئا ما يسرقني من ذاتي!!

هذه أقصى سرقة يمكن أن أقترفها، وأفشل في اقتراف هذه الجريمة البيضاء (النوم)، لأن هذا الوجود يسرقنا من ذواتنا، دون أن نتمكن من رؤية أنفسنا في المرايا.

قد نصاب بالذعر من هذه السرقات المتكررة، لأن سعيد رضواني لا يدين الشيطان، لأن التقنية التي توسل بها في هذه القصة القصيرة أكدت لي أنه شيطان بالفعل، شيطان سرد، ولأنني لست ناقدا اكتفيت بقراءة مقدمة سندباد القصة والحياة.. سي أحمد بوزفور، وتجاوزت قراءة نقدية للدكتورة لبيبة خمار، حتى أكتشف النص بثقافتي البسيطة، وذائقتي المتواضعة، كعاشق للسرد، بعيدا عن أي توجيه نقدي، لأن النص الأدبي يحتمل أكثر من قراءة.

قرأت النص الأول، وتوقفت عن القراءة، لأنه يحتاج إلى جلسة مع الذات، إلى تأمل باطني، عميق.. تماماً، كهذه الحياة الغامضة حد الوضوح، الواضحة حتى الغموض.

 

هشام بن الشاوي

 

في المثقف اليوم