أقلام ثقافية

محمود سعيد: الكاتب المقنع

3395 الدومينيكانيبدأت اليوم في قراءة رواية للنمساوي جوستاف ميرينك، "الدومينيكاني الأبيض" وبعد قراءة بضعة وعشرين صفحة منها قررت إهمال قراءة الصفحات الباقية. توفي جوستاف في النمسا في شتارنبرج عام 1932، وهو عام يمثل قلب الفترة التي ازدهرت خلالها طوائف غريبة صدى لقرقعة صناجات الحرب العالمية الثانية، وازدهار الديكتاتوريات وظهولا مبادئ مثل الدادية، والباطنية، والسريالية، والماسونية، وما إلى ذلك. أنا لا احرص على قراءة هذه المذاهب، إلا إذا أفادتني في تفهم مراميها فقط، لكني اكتشفت لأول مرة نجاح كاتب يعبر عن مشكلة تواجه معظم كتاب الرواية، وهي انحرافهم عن الخطة التي وضعوها، وعدم استطاعتهم التقيد بالخطة التي رسمت لإنجاز عملهم الفني كما صمموه، ووضعوا خريطته قبل المباشرة بالكتابة.

ربما يتساءل القارئ لماذا يصيبه الملل في قراءة رواية ما، بينما تلتهم عيناه كل كلمة في رواية أخرى؟ في نظري أن السبب هو الانحراف الذي سيطر على الكاتب وجعله يبتعد عن الموضوع الذي خطط له وحاول أن يلتزم به.

يقول غوستاف مايرينك "توجد ضروب غريبة للغاية من المخيلة تصر بكل عناد على حرف الموضوع وحتى فرض أسماء أخرى تقوم بالأعمال، ويوجد "حالات نهض فيها اناس ليلاً وأكملوا أعمالاً كتابية، كانوا قد تركوها منقوصة، كانوا منهكون من متاعب النهار، لكنهم أكملوها بعد نومهم، ويعزوا هذا النشاط إلى العقل الباطن، لكنه لغرابة تفكيره يعزوه بعض الأحيان للآلهة، وبالذات للعذراء، وهذا جنوح غريب لا علاقة له بالفن.

 

محمود سعيد

 

في المثقف اليوم