أقلام ثقافية

صادق السامرائي: جورج طرابيشي!!

صادق السامرائيجورج طرابيشي (1939 - 2016) ميلادية، وتمر اليوم ذكرى وفاته (16\3\2016)، مفكر وكاتب ومترجم وناقد عربي سوري مولود في حلب. تميز بكثرة ترجماته التي تجاوزت المئتي كتاب، وله مؤلفات أصيلة في الفكر والفلسفة والنقد والتراث.
يحمل الإجازة باللغة العربية والماجستير من جامعة دمشق.
مؤلفاته:
ومنها: معجم الفلاسفة، من النهضة إلى الريادة، هرطقات، نقد العقل العربي، من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث، ترجمات كتب فرويد وسارتر وهيجل، الماركسية والأيديولوجيا، المثقفون العرب والتراث، وغيرها العديد من الكتب التي أغنت المكتبة العربية.
كنت أتابعه في مرحلة عمرية مبكرة، فقرأت ترجماته لفرويد، وكتبه في الفلسفة والنقد والفكر، وكان أسلوبه يجذبني وتمكنه من اللغة يأسرني، ومضيت مع إنتاجه الفكري، ومنازلاته الفكرية حول التراث مع المفكر محمد عابد الجابري.
وكنت أجد فيه التنويري العربي الساطع الذي يقدم الثقافة، التي تساهم في إعمال العقل وتأهيله للتفاعل مع المستجدات، فتعلمت منه الكثير، فهو مدرسة فكرية ولغوية وطاقة كتابية تلهم الأجيال.
وكان لطروحاته ونظرياته حول التراث والعقل العربي، تأثير في الوعي المعرفي، وكغيره من الباحثين في التراث ربما لم يقدم ما تستفيد منه الأمة وتتحول إلى حالة أفضل.
فمعظم المشتغلين بالتراث العربي يقتربون منه بذات الآليات، ولكل منهم مشروعه ورؤيته التي تفسر أحوال العرب المعاصرة، وخلاصتها موت العقل.
فعندما يقول: " الآليات التي أدت إلى إستقالة العقل وغروبه في الحضارة، هي آليات داخلية نابعة من إنكفاء ذاتي ومن إنكماش لهذا العقل على نفسه وليس من غزوة خارجية"، لا يقدم تفسيرا منطقيا وواقعيا، وإنما يطرح فكرة لا تلامس الواقع الإنساني، وكأن العقل العربي مصاب بضمور عُصيبي متوارث، وهذا غير مقبول، ولا يأتينا بما ينفع.
فيمكن لأي شخص أن يأتي بالتفسيرات والتحليلات والتأويلات التي يستطيعها، لكن الصائب منها قد ينتفي، وهذا ما يعاني منه المفكرون العرب، لأنهم يدورون في دائرة مفرغة من التصورات المتعالية على الواقع، فلا تلامس الإرادة الجماهيرية والوعي الجمعي.
ولهذا وبرغم ما قدموه وألفوه، فأن كتاباتهم تبقى حبرا على ورق، وإرادة الأمة تتحرك بإتجاهاتها المفضية إلى تعزيز وجودها وتفتح جوهرها.
فتحية لمفكرينا الذين ربما أسهموا في إنتشال الأمة من رقدة العدم!!

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم