أقلام ثقافية

هل المقالة العروضية شعر؟!!

الخطب والأقوال والرسائل ذات نبض عروضي منذ قديم الزمان وما سمتها العرب شعرا، واليوم بإسم موضة التجديد التي ما جددت، نسمي المقالات العروضية جزافا شعرا.

أنظروا خطب العرب، ورسائلهم، منذ ما قبل الإسلام، وستجدونها ذات إيقاعات عروضية متداخلة، وذروة البلاغة تتجسد في القدرة على صب العبارات في أساليب مؤثرة في المتلقي.

إن لكل مسمى شكل، ويفقد خصائصه عندما يغيب شكله، فالمخلوقات البشرية وغيرها ذات أشكال، والإختلاف بينها في المحتوى، ففي كل شخص تراكمات ناجمة عن تفاعلاته مع الحياة بصنوفها المتنوعة.

والشعر من إنتاج البشر، وعليه أن يحافظ على سماته، ويعبّر عن محتواه، ولا يمكن محق الشكل والقول بأن ذلك تجديد أو تحديث، بل أنه تشويه!!

وما جرى للواقع الشعري العربي،  زوبعة في فنجان العصور، وإرادة تخريبية تحاول الإنتصار على ذات الأمة وجوهرها.

إن إهمال الفكرة وقيمتها لعب دورا في إنحراف الرؤى وخمول التصورات، ويبدو وكأنه بدلا من مناداة الشخص الذي إسمه صالح بإسمه، تكون المناداة بتفريق أحرف الإسم (ص ا ل ح)!!

فالعرب يعرفون المنثور الشعري، وفي تراث الأمة ما يؤكد ذلك، بل أن كتابات العديد من الشعراء  تمثله.

بين يدي ديوان شعر مكتوب قبل أكثر من ألف عام، وبقربه ديوان لزهير بن أبي سلمى، ولإبنه كعب، لا زالت حية ومتداولة بين الناس، فهل وجدتم دواوين العقود السبعة الماضية متداولة؟

إن الشعر بكينونته الأصيلة كلام خالد، وما سواه لا قيمة له ولا قدرة على الحياة، ولو حشر في ألف ديوان وديوان.

ويبدو أن العدوان على ذات الأمة تمثل في الهجوم على لغتها التي يجسدها الشعر، وعلى الشعر الأصيل لأنه روحها وديوان وجودها، وعلى الدين الذي أطلقها في رحاب الإنسانية وأظهر مكنوناتها الحضارية، وهذه الهجمات تجري بتناسق وإنتظام، وبجهود أبناء الأمة الذين يتوهمون بأنهم يجددون ويعاصرون، وعن ذاتهم وموضوعهم ينسلخون، وكأنهم في غفلتهم يعمهون!!

وأعان الله أمةً بها أبناؤها يعبثون!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم