أقلام ثقافية

الإنسان ذلك الجاهل!

أصبحت لا أطيق كثرة الكلام التي تزيد ولا تنقص، الكثير من الأشياء أصبحت من الماضي، أصبحت أرى الوجوه مختلفة كما لو أنني للتوّ بدأت أتعرف عليها. توجد الكثير من المدخلات أصبحت قاب قوسين، تحتاج أن تخرج إلى العلن قبل فقدان هويتها التاريخية، مما يجعل المكان فارغاً لمكان آخر مع مستقبل آخر من الوجود قبل الرحيل، ليس هناك وقت أقلّ من أن تلتحق بتلك الناصية، تكتب أو تقرأ الكثير مما فقدته في البداية قبل النهاية.

الأجيال القادمة سوف تبحث عنّا في الكثير من الاتجاهات، بأنساقنا الفكرية والاجتماعية المختلفة، دعنا نفكر كثيرًا، بعيدًا عن المنغّصات التاريخية والاجتماعية، للتفرد في ماهية الوجود التي لا تنتهي، والحياة الكئيبة التي فرضها الزمان والمكان.

لك أن تتخيّل السّعادة التي نفقدها كلّ يوم، تذهب بين رياح قوية، فقدنا السّيطرة عليها بأسباب مختلفة طارئة لكنّها ليست طارئة في نظرنا، هناك جزء مفقود علينا البحث عنه، حينها نكتشف أننا على كوكب بديع وجميل، نصفه غائم، والآخر مرفوض؛ بسبب النافذة القصيرة المطلّة على خرائب أزلية، ذلك الإنسان الجاهل المعقّد في بعض حالته.

الحقيقة أنّي اشتقت إلى شيءٍ لن أجده أبدًا على سطح هذا الكوكب، الخيار هو أن يطول الوقت قليلًا في رؤية القدرة الكامنة والكاملة في فضاء آخر مع كواكب مختلفة، تبدع في رؤية جلال الخالق البديع الجميل، إنه حلم لا يتحقق إلّا في حينه، عندما تزفّ العقول ذلك الفيض الإلهي العلمي، حينها ينهل العقل بجماله في خيال مرسوم بواقع مختلف قديم لكنّه ليس قديماً، هذا لو فرضنا أننا نمتلك العقل المتحرّر من زبده الملوث، حينها نجد عقلاء آذانهم ترقص على صفاء مشترك بينهما الطبيعة الخالدة.

أهمية الإنسان في هذا الوجود ليس عبثًا، إنّما هو لقاء ثم فراق على موعدٍ أمله قادم، بين حرية وضعتها أنت وأخرى قادمة إليك، اختياراً وطوعًا بين فاصل يحدّده زمن لست أنت فيه.

“أن حياة الإنسان لا تبتدئ في الرحم، كما أنها لا تنتهي أمام القبر، وهذاء الفضاء الواسع المملوء بأشعة القمر والكواكب لا يخلو من الأرواح المتعلقة بالمحبة والنفوس المتضامنة بالتفاهم" (1).

***

فؤاد الجشي 

في المثقف اليوم