أقلام ثقافية

لنجعل من الاختلاف رحمة

ثامر الحاج امينيعد الاختلاف والتباين والتنوع في المعتقدات والطقوس بين ابناء المجتمع الواحد حالة طبيعية وذلك بحكم عوامل متعددة تتعلق بالذوق والمستوى الثقافي والتركيبة النفسية والانتماء القومي والمذهبي وكذلك تبعا لسياسة النظام الحاكم الذي يسهم بشكل كبير في توسيع فجوة الاختلاف او تقليصها حسب النوايا والتوجهات والبرامج المعدة لهذا الهدف، ولكن عندما يتحول الاختلاف في الرأي بين مكونات المجتمع الواحد الى صراع يرافقه عنف فانه يشكل خطر على السلم الأهلي ويكلف تضحيات كبيرة كما انه يحدث شرخا عميقا في بنية المجتمع خصوصاً في المجتمعات التي تفتقر الى الوعي والحصانة الثقافية، ورغم الكلام الجميل الذي قيل في الاختلاف والهادف الى نبذ التعصب واشاعة السلم الأهلي والحث على التهدئة والصبر والمحافظة على الود الاّ اننا ــ وللأسف ــ وجدنا الاختلاف لدينا يفسد للود قضية، كما لم نلمس على ارض الواقع ان (اختلاف أمتي رحمة)  بل على العكس وجدنا الاختلاف المذهبي نقمة كلفنا طوال 1000 عام انهارا من الدم وحصد منا ارواحا عزيزة، ومازلنا الى الآن ندفع الثمن غالياً،غارقين في الجدل الذي لا ينتهي حول أحقية الزعامة وكل طرف منهمك في تقديم الأدلة على أحقيته في القيادة في الوقت الذي قطع فيه العالم شوطا وخطوات طويلة في ميادين النجاح وتحقيق الانجازات والتقدم، وبسبب ذلك أصبح حالنا يشبه حكاية الجمل والثور والكبش الذين اجتمعوا على حزمة من القش، واخذ كل واحد منهم يدعي احقيته فيه حيث قال الكبش وهو أضعفهم: لنقتسم هذه الحزمة فيما بيننا، فمن كان عمره الأطول كان بها الأجدر وقال مبتدئاً المباراة: أنا أقدمكم عهداً: لأني ولدت وعايشت إبراهيم الخليل وابنه الذبيح الذي افتدي بكبش، ثم قال الثور بدوره: أنا أقدم منك، فعهدي موصول بآدم الذي استخدمني لجر محراثه القديم، وفيما هم مشغولون بنقاشهما كان الجمل قد أتى على كومة القش كلها وتركهما يتجادلان . ليتنا نأخذ العبر ونستقي الدروس من هذه الحكاية البسيطة ونلتفت الى بناء الوطن الذي مزقته الحروب والصراعات الداخلية المختلفة من أجل ضمان مستقبل يليق بأجيالنا القادمة . 

***

ثامر الحاج امين

                               

 

في المثقف اليوم