أقلام ثقافية

فن التلاعب بالمفردة

ثامر الحاج امينأكثر الأشخاص تأثيراً في حديثهم هم أولئك الذين يمتلكون كاريزما سواء في طبقة الصوت او سرعة البديهة في الرد وطلاقة اللسان او في مهارة التلاعب بالمفردة ووضعها في اشكال مختلفة، والميزة الأخيرة أجدها ملكة وموهبة ليس بالضرورة ان يكون فرسانها من المختصين في مجال اللغة انما يمكن ان تجدها عند بعض الناس العاديين، والمقصود بـ (فن التلاعب بالمفردة) هو عملية صهر او دمج مفردتين مختلفتين في المعنى لصياغة مفردة جديدة تحمل وصفا غريبا كما يجري في الزراعة بتطعيم ثمرة بأخرى للحصول على ثمرة جديدة في الشكل والمذاق، وقد أجاد في مجال التلاعب بالمفردة عدد من الأدباء والكتاب المصريين على وجه الخصوص من بينهم الكاتب المصري " محمود السعدني " ففي كتابه (عودة الحمار) يقول (زمان كان مدرّس الحساب يعتقد انني حمار وكنت أعتقد أنني عبقري، وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت ان المدرس كان على خطأ واكتشفت أني لم اكن على صواب، فلا أنا عبقري ولا أنا حمار، بصراحة أنا مزيج من الاثنين، العبقري والحمار .. أنا حمقري!)، وفن التلاعب بالمفردات والقدرة على ربطها ببعض والخروج بمفردة معبّرة وساخرة لم يقتصر كما اسلفت على المختصين بشؤون اللغة والثقافة انما برع فيه ناس عاديون فقد كان لي صديق من الفئات المهمشة يجيد هذا النوع من الفن وأؤكد على وصفه بالفن لأنه يحتاج الى مهارة ليس بالضرورة ان تجدها عند الكثير، وصادف يوما في حقبة السبعينيات انني رافقت هذا الصديق الى سوق السمك وأشار على البائع لمعرفة سعر سمكة كبيرة كانت معروضة ضمن مجموعة من الاسماك فرد البائع ان سعرها سبعة دنانير وكان السعر حينذاك مبالغ فيه جدا يقترب من سعر خروف صغير ــ طلي ــ، قلت لصديقي بعدما ابتعدنا عن البائع: لماذا هذا السعر العالي وهيه كلها سمچة؟ فعلّق دون تردد: هذي مو سمچه انما (طلچه) لا هي طلي ولاهي سمچه.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم