أقلام ثقافية

ساعة بيغ بن كانت عندنا!!

صادق السامرائيساعة "بيغ بن" في لندن، "بدأ عملها في 3\6\1859، وبيغ بن إسم الجرس الذي يدق على مدار الساعة، وإرتفاعها 315 قدم"، وهي مَعلم ثقافي وسياحي يكتظ بالناس.

أقف في ساحتها وعلى الجسر الذي يوصل إليها، فتذكرني بساعة سامراء، التي لا تزال دقاتها تتردد في مخيلتي، وكنت أراها في طفولتي وأأنس بإيقاعاتها، حتى صار سلوكي منتظما معها.

تلك الساعة كانت شامخة في الجهة الجنوبية لمرقد الإمامين، وكانت ذات هيأة تشبه ساعة بيغ بن!!

لا أدري لماذا تداعت الذكريات عن تلك الساعة وأنا برفقة ساعة بيغ بن التي لا تزال تشارك بالحياة، وساعة سامراء إندرست، مثل قصورها ومعالمها الجميلة الباهية، وكهفها الغائر في أعماق الحضارات.

**

وجوه من كافة الأجناس البشرية، لغات، ألوان، معتقدات، تتفاعل بأساليب راقية، تحت مظلة الإنسانية، بشر من عدة مشارب ومذاهب وبقاع أرضية .

الأنام تُذاب في بودقة النهر الدافق على جسر يعزز الأواصر ما بين الكائنات.

خجلت من واقعنا العربي، وسذاجتنا وأميتنا الإنسانية، فكيف بنا ونحن نشترك في كل شيئ، ونختلف في كل شيئ، ونتصارع لنبيد بعضنا بإسم ما يوحدنا وينمي قدراتنا؟!!

**

أبحث عن حبيبتي التي علمتني معاني الحب، وأطعمتني سلاف المشاعر والأحاسيس الإنسانية، أبحث عنها في لندن، بعد أن كنا في بلادنا نتعطر بأنسام الحياة الفواحة بأريج المحبة والألفة والصفاء، وهبت عاصفة صفراء بأعاصيرها النكداء ففرقتنا، وصار المحيط الأطلسي يفصل بيننا بعد أن كنا نذوب ببعضنا!!

**

دقات ساعة بيغ بن تتفاعل مع نبضات فؤادي، وتستنهض طفولتي وتذكرني بتلك الساعة التي لدقاتها وقع أثيري في دنياي، إن ما تبذره الحياة في أوعية الطفولة يبقى حيا يتحدى عاديات الزمن.

**

خطواتي تسابق خطواتي، أنغام موسيقى، وأفياض قطرات، وصدى ضحكات، وأجساد تتفاعل، وجمال يتدفق كالشلال!!

والوامق يحلق في خيال فوق خيال!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم