أقلام ثقافية

شاهدة القبر.. لوحة بأغراض متعددة

ثامر الحاج امينالمعروف عن شاهدة القبر انها لوحة تعريفية تحمل اسم الميت وتاريخ مولده ومماته ومدينته، ولكن هناك من يتجاوز هذا الحد من وظيفة الشاهدة فيلجأ الى جانب التعريف بصاحب القبر تزيين الشاهدة بكتابة عبارات لها اغراض متعددة مثل نقش رموز تشير الى مهنة صاحب القبر او تزيين الشاهدة بموعظة او عبارات نثرية وأدبية او مقاطع من قصائد تشير الى فضائل الميت، وهذا التقليد يعد من أقدم العادات الانسانية حتى ان البعض كان يوصي بكتابة عبارة معينة يريد بها طرح فلسفته في الحياة وهو ما فعله الشاعر ابو العلاء المعري عندما أوصى ان ينقش على شاهدة قبره البيت الشعري (هذا جناه ابي عليّ.. وما جنيت على أحد) وهناك من زهد في كل هذه المظاهر مثل دوستويفسكي الذى أوصى (حين يهيلون على قبري التراب، انثر فوقه فتات الخبز، فتتهافت عليه العصافير، فأسمع صوتها، ولا اشعر أني وحيد) هكذا صارت شواهد القبور متحفا ومعرضا فنيا تجمع فنون النحت والنقش والخط الى جانب الشعر والفلسفة والوصايا .

ولا غرابة في كل ما تقدم ذكره ولكن الغريب ان تسخرّ الشاهدة للدعاية والتشفي ونشر الغسيل بعبارات تعكس واقع العلاقة الاجتماعية بين الاطراف المعنية بالشاهدة، ففي مدينة لينكولن الانكليزية كتبت زوجة على شاهدة قبر زوجها (هنا يرقد جيرد بيتس الذي تعيش ارملته في شارع إيلم رقم 6 وهي في الرابعة والعشرين من عمرها ولديها كل مقومات الزوجة العظيمة المريحة)، ولوحة أخرى (هنا ترقد سييئيا ستيفتز زوجتي، عاشت ست سنوات من الهموم والمنازعات واخيرا استراحت وكذلك أنا)، ويبدو ان أرملة السيد جيمي ويت كانت شديدة البخل، أذ كتبت على قبره في فولكيرك بانجلترا (مات ذات صباح في الساعة التاسعة فوّفّر بذلك وجبة الغداء ووجبة العشاء يوم وفاته). ومثل هذا الفعل في استغلال شاهدة القبر لغير الأغراض المخصصة له ما يقابله على أرض الواقع ممارسات اجتماعية وطقوس دينية من أجل تحقيق الوجاهة والظهور بلباس مختلف غير الذي يعرفه به المجتمع وهو ما يسمى بالنفاق الاجتماعي.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم