أقلام ثقافية

النهايات المتشابهة

في العام 1987 أصدرت الكاتبة المصرية نوال السعداوي روايتها (سقوط الأمام) التي كتبت فصولها الأولى في السجن خلال فترة اعتقالها عام 1981، وبالرغم من مضي اكثر من ثلاثة عقود على ظهور الرواية وتناولها شأن مصري خالص، الاّ انك حين تنتهي من قراءتها تشعر ان السعداوي كتبتها في هذه الأيام وعن حال العراق تحديداً، فالرواية تتحدث عن ظاهرة استغلال السلطة لتحقيق مآرب شخصية عن طريق استثمار الدين والتستر نفاقاً بعباءته، واسم الامام في الرواية هو الزعيم السياسي الذي يستخدم الدين ويوظفه لأغراض سياسية وهو اسقاط غير مباشر على الرئيس السادات وعهده وهنا نقطة الافتراق مع الشأن العراقي، فالرواية تتحدث عن حاكم مستبد واحد قام باختراق المحرمات الدينية والمجتمعية في حين ظهر في مجتمعنا اكثر من مستبد عاث فسادا في البلاد، وكما هو ديدن الانظمة الدكتاتورية عن عجزها في مواجهة الفكر الحر بآخر مثله وبذريعة الاساءة الى المقدس فقد صادر الرواية مجمع البحوث الاسلامية في مصر كما منعت سلطة عمر البشير رئيس السودان الأسبق عرض الرواية وتداولها في معرض الخرطوم للكتاب عام 2017 .  

الواقع الذي رصدته نوال السعداوي في هذه الرواية يشبه في جوانب كثيرة منه ما يمر به العراق مع شيء من الاختلاف في التفاصيل، حيث تكشف عن تناقضات الحياة السياسية وتسبر أغوار شخصية الحكام ونزعاتهم، فالرواية تحكي عن تحالف رجال السياسة مع رجال الدين في حين رجال الدين لدينا هم الحاكمون والمتحكمون برجال السياسة، وفي جزئية من الرواية تتعلق بهوس وانشغال الحكام بشهواتهم والقلق من فقدان هذه النعمة استوقفني حوار قصير في الصفحة 57 ينم عن سخرية واضحة من عقول للأسف تتحكم بمصائر شعوب متعددة حيث يسأل فيه الامام ــ الحاكم ــ صديقه: كم للرجل المؤمن من حوريات في الآخرة (وماذا عن الزوجات الشرعيات اذا دخلنا الجنة معنا؟) فيجيبه الصديق: زوجاتنا لن يدخلن الجنة، ولكن اذا حدث ودخلت احداهن فان الله يستبدلها بحورية عذراء، فالجنة لن يكون بها زوجات شرعيات، والا فما الفرق بين الجنة والأرض .

***

ثامر الحاج امين

                                                                                           

في المثقف اليوم