أقلام ثقافية

الشعر وعاء اللغة وروحها!!

إذا أردت أن تدمر لغة العرب فعليك بشعرها، إستهدفه وحط من قيمته ودوره في حياة أبنائها، عندها سيكون من السهل الإجهاز على اللغة لأنك قصمت عمودها الفقري، وحولت شعرها إلى كلمات توصف بأنها كذلك، ولا يقترب منها إلا مَن يسمون أنفسهم بالنخبة.

وهذا ما يجري في الواقع العربي منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم، وفقا لمفاهيم مستوردة يأتي في مقدمتها " الحداثة"، وما أدراك ما هي!!

وروادها قد إستوردوا ما أنتجوه من الآخرين، فبعضهم يعرف الإنكليزية وتماهى مع شاعرة إنكليزية، وآخرون كانوا يدرسون في الدول الأجنبية وقلدوا شعراءها، وأوهموا الأجيال بأنهم جاؤوا بما يسمونه شعرا، لا تحفظ منه الناس بضعة كلمات.

ولاتزال الأجيال تحفظ المعلقات وما قدمه رموز الشعر من أبيات وقصائد، نتغنى بها ونتفاعل معها بلا ملل، أما الشعر المسمى حديثا فهو في معاقل النسيان، ولن تجد شاعرا من شعرائه مقروءاً ولديوانه شهرة وقراءً، وإذا توهمتم بأسماء بارزة فأنها ستنتهي بنهاية أصحابها، ولن يعود لدواوينهم إلا النخب.

ولو نظر الواحد منا إلى مكتبته مهما كانت صغيرة، فسيجد أنه يحتفظ بدواوين الشعراء المعروفين بإلتزامهم بالعروض، والذين كتبوا الشعر قبل عدة قرون، فماذا يعني أن تجد في مكتبتك ديوان زهير بن أبي سلمى، وإبنه كعب، والبحتري وأبو تمام وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم والجواهري، ولا تجد إلا ديوانا أو إثنين للحداثيين ولا تنجذب لقراءتها؟

إن الزمن خير ناقد وهو الذي سيحكم على الإبداع أيا كان، وعلى مدى سبعة عقود لم يصمد من دواوين الحداثة إلا النادر القليل، وإن لمعت بعض الأسماء فأنها وميض سيخفت وستتجاوزه الأجيال، فالزبد سيذهب جفاءً، وإن توهم أصحابه بأنه أحسن الشعر وأجمله، لكن الذائقة البشرية لها عناصرها، التي تساهم في تقييم الإبداع وترسيخه في أذهان الأجيال.

فالحداثة المستوردة وليست الأصيلة عبارة عن كتابة على وجه الماء.

سينزعج من ينزعج لكنها حقائق يتكلم بها التأريخ!!

فحاججوا التأريخ ولا تحاججوني!!

***

د. صادق السامرائي

8\4\2021

في المثقف اليوم