أقلام ثقافية

الكتابة بين الشهرة والضجة

أتذكر ونحن نحضر لنشاط ثقافي منذ سنوات عندما أقبل علينا شاب وفي يده كتاب " ديوان شعري " حسب رأيه وقدم لي الكتاب وعرفني باسمه، تصفحت الكتاب، لم يكن إلا كلمات مصطفة لا رابط بينها هي أقرب للنثر مع كثرة الأخطاء النحوية والإملائية وقد دفع هذا الشاب أجرة ستة أشهر لعامل بسيط، كل هذا رغبة في الشهرة، أن يكون كاتبا يشار له بالبنان ...وما أكثر هؤلاء الذين يبحثون عن مجد كاذب ولكن لا تتفاجأ في حضورهم الإعلامي تجرى معهم حوارات ويظهرون في البرامج الثقافية ويحدثون ضجة تغطي على الأسماء الإبداعية الجادة التي تبدع في صمت وليست لها الرغبة في الشهرة ولا حب الظهور فهي تستمتع بالكتابة وتشعرها بأنها منجزة ولها حضور كتابي فعلي وليس وهمي وهذه الأصوات الجادة التي تحفر عميقا تقرأ باستمرار وتتابع الساحة الثفافية محليا وعربيا وعالميا ولكن هؤلاء أشباه الكتاب لا يستمرون، سيكتشفون زيفهم بعد حين لأن الانطلاقة كانت خاطئة فرحلة الكتابة صعبة ولا يستمر في دربها إلا القلة القليلة من ذوي العزم.

وقد قال الكاتب " هيثم حسن" في مقال له بجريدة العرب: (الكثير من الكتاب توقفوا في أوج عطائهم، ظاهرة تتكرر بل صارت أكثر حدة في السنوات الأخيرة، ربما هي نتيجة إحساس بالإحباط أو بعدم الجدوى، وربما نتيجة يأس من الكتابة أو خيبة أمل فيها، وقد يكون التوقف ناتجا عن ذات الكاتب نفسه، حيث هناك من يدخلون عالم الكتابة لأسباب ضعيفة، سرعان ما تفقد وهجها).

والكاتب الحقيقي يكتب لأن رسالته التأثير والتغيير ونشر الجمال والتقليل من القبح الذي يغمر العالم

وعندما طرح سؤال على الأديب البرازيلي "جورج أمادو" لماذا يكتب؟: قال:" أكتب لكي يقرأ لي الآخرون، ولكي أؤثر فيهم، ومن ثمة أستطيع المشاركة في تغيير واقع بلادي وحمل راية الأمل والكفاح".

أما توفيق الحكيم فقد أجاب عن نفس السؤال  قائلًا: "أنا لا أكتب إلا لهدف واحد هو دفع القارئ للتفكير.. وبعد 100 كتاب.. أعتقد أن أعمالي غير مجدية" وهذا تواضع الكبار .

في حين أن يوسف إدريس قال: "أكتب لأني أحيا، وأستمر في الكتابة لأني أطمح لحياة أفضل".

ففي نهاية المطاف لن يخلد إلا الكاتب الصادق الملتزم بالكتابة والإبداع بعيدا عن كل بهرجة وضجيج إعلامي.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

 

في المثقف اليوم