أقلام ثقافية

القرآن الكريم والمهارات اللينة

في عصرنا الحديث اعتمدت كثير من الشركات العالمية في اختيار موظفيها ليس على الشهادات وحدها بل ينبغي على أي موظف أن يمتلك المهارات الناعمة أو اللينة التي هي أساس النجاح الوظيفي والحياتي ..فمهارة التواصل و فن التعامل مع الآخرين تحدد مدى تميزك وتألقك لهذا فالدين الإسلامي اعتنى بهذه المهارات قبل أن تأتي علوم التنمية البشرية الحديثة فكتب دايل كارنيجي " دع القلق وابدأ الحياة "

و" فن التعامل مع الناس " هذه الكتب و أفكارها هي من صميم الدين الإسلامي الذي حث على  التفاؤل والسعادة وحسن المعاملة مع الناس قال تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[ الزمر 53].

وفي القرآن الكريم  نجد آيات  كثيرة تشير إلى المهارات اللينة منها على سبيل المثال لا الحصر قول الله تعالى لنبيه موسى حين يأمره بالذهاب الى فرعون ودعوته الى دين الحق: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: 43-44)

فهذه المهارة وهي " فن التعامل والتواصل الإيجابي مع الغير"

يقول الأستاذ : أحمد الخالدي : "وهنا اشارة إلى أن الاسلوب مهم جدا في عرض ما عند الشخص لغرض توصيله إلى الآخرين وهذا الاسلوب قد يكون جاذباً وقد يكون منفراً بحسب ما يستعمل فيه من لين وابتعاد عن قساوة في القول أو الفعل فالقول يشمل الكلام والفعل يشمل لغة الجسد التي يستعملها الداعي او الشخص الذي يريد أن يجذب أو يؤثر في الآخرين.

وقد امر الله نبيه موسى وأخاه هارون بهاتين الآيتين أن يدعوان فرعون الى دين الله بأسلوب ليّن محبب حتى لا يكون خطابهما داعياً للنفور من خلال توقيره ومناداته بكنيته وتحبيب ثواب الله تعالى اليه وذكر الجنة ونعيمها والترغيب للعمل لها  كل ذلك باسلوب العرض والمشورة والذي يسميه علماء التنمية البشرية (الاقتراح) لكي لا تبدو هذه الدعوة كأنها أمر وفرض (وإن كانت هي في الحقيقة أمر واجب الاتباع."

هناك نوعان من المهارات الموجودة هي Hard Skills و Soft Skills مهارات صعبة ومهارات ناعمة. والمهارات الصعبة هي التي يدرسها الإنسان  في الجامعة والمدرسة، والتي تعبر عن حقائق كالرياضيات والعلوم والتاريخ.

كلها حقائق ومعلومات غير قابلة للشك، وتقدر على قياسها بإقامة امتحان وتحصل في النهاية على درجة، ولذلك سميت بالمهارات الصعبة Hard Skills لأنها تقدر أن تلمسها أو تقيسها.

النوع الثاني من المهارات هو الناعمة Soft Skills. وهي المهارات غير القابلة للقياس. والتي لا تحصل عليها في الجامعة والمدرسة، بل عبر مسار طويل من الخبرة والتجربة الحياتية كالتفاوض والتواصل والقيادة  ..

فإذا أردنا أن ننجح في حياتنا علينا أن ننتقن هذه المهارات اللينة التي نفتقدها في واقعنا بل حتى النخبة المفكرة تجهل هذه المهارات لذا تكثر بينها الصراعات و الأحقاد وخاصة على هذا الفضاء الافتراضي فغياب احترام الرأي الآخر والاستبداد بالرأي الواحد والتعليقات المسيئة والسباب كل هذا مؤشر على أن أصحابها مهما كانت صفتهم دكاترة و مثقفين يفتقدون لأبسط مبادئ المهارات اللينة.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

.........................

المرجع:

1- موقع ماكتيوبس.

2-أُصول المباحث التَّنمويّة في القرآن الكريم المهارات اللّينة مثالاً لأحمد الخالدي .

 

في المثقف اليوم