أقلام ثقافية

الشاعر طيب كرفاح والحياة على صهوة القصيدة

منذ سنوات كانت ولاية البويرة تنظم مهرجانا وطنيا للشعر والنثر المدرسيين وكنت عضوا في لجنة التحكيم وعلى مدار أكثر من عشر سنوات من عضويتي تعرفت على الشاعر طيب كرفاح الذي كان يرأس وفد ولاية الشلف ويرافق الطلبة المشاركين واكتشفت فيه الطيبة والنزاهة والتواضع وبعدها كنت أقرأ له قصائد كان بنشرها في أصوات الشمال تلك المجلة الالكترونية الرائدة التي يشرف عليها الصديق الشاعر رابح بلطرش، فمن هو الشاعر طيب كرفاح؟

الشاعر طيب كرفاح شاعر من ولاية الشلف، انخرط في سلك التعليم كأستاذ للتعليم الثانوي لفترة تجاوزت 30 عاما، وفي 2015 تقاعد ليتفرّغ لهوايته التي يعشقها وهي الكتابة الشعرية والنشاط الثقافي عبر تأسيس النوادي والمشاركة في مختلف الملتقيات المحلية والوطنية  وهو مهووس  بالأدب شعرا ونثرا، منذ صغره يقرأ بنهم كل ما يقع بين يديه من كتب الأدب والثقافة، متمكن من ناصية القصيدة العمودية، يحترف الكلمة الصادقة ويحترق بنيرانها، يفقه قداسة  الحرف فهو يعرف ماذا يكتب؟ فالكتابة عند الشاعر طيب كرفاح ليست من أجل الشهرة ولا حب الظهور بل هي رسالة صادقة تنطلق من القلب وتستقر في القلب .

نشر الكثير من النصوص الشعرية  في اليوميّات والأسبوعيّات منذ منتصف التسعينات حتىّ مطلع سنوات 2000، كما شارك في العديد من الملتقيات الأدبيّة والمهرجانات الثّقافيّة في الوطن وخارجه، وأصدر  أوّل مجموعة شعريّة «محاريب الصّمت» عام 2011، وثاني مجموعة «توأم البوح» عام 2017، ودواوين أخرى منها  «سِفْرُ الشّوق» و»الموت..على صهوة الكوريدا»،  وكتاب نثري بعنوان "أبي" وآخر ما نشر ديوان "أناملك أشتهيها قيثارا " نشر لحد الآن سبعة دواوين وله أعمال مخطوطة بين الشعر والنثر ...

وفي أحد حوارته لإحدى وسائل الإعلام يعبر عن صرخته ووجعه لما آل إليه وضع الشعراء من تجاهل المجتمع لهم وتركهم وحيدين في معركة الحياة يواجهون واقعهم المزري من فقر وحرمان يقول لكل حسرة وأسى:

"قبل أن نتحدّث عن أداء الشّاعر الجزائريّ لرسالته من عدمه يجب أن نصارح أنفسنا بهذه الأسّئلة: وماذا قدّم المجتمع للشاعر؟ لماذا يتهافت هذا المجتمع على مهرّج أو عابث ويرفعه مقاما سنيّا ولا يكترث للشّعر وأماسيه وملتقياته؟ ولماذا تغدق الوزارة الوصيّة على أولائك وأولائك وأولائك بالمليارات ولا تكرم شاعرا حتّى بالتّكفّل بطبع ديوان من دواوينه وتتركه نهبا لسماسرة النّشر؟ وهل الشّاعر قطعة منديل ورقيّة نهلّل له ونتوسّله لتفعيل مناسباتنا الوطنيّة وبعد انقضاء النّشاط نلقيه في سلّة التّهميش والتّناسي؟

الحقيقة المرّة هي أنّ الكثير من الشّعراء في الجزائر يعيشون حياة (زواليّة) يقتاتون عوزا وضيقا صباح مساء، يصارعون مآسيهم دون ملتفت أو معين، والكثير من كبار شعرائنا قضوا في صمت رهيب بعد مرض عضال أتى على الأخضر واليابس في أجسادهم ومكامنهم، قضوا حاملين معهم إلى قبورهم حسراتهم ولوعاتهم، جراء التّهميش واللاتقدير.

ولعلّ نهاية الكبير عثمان لوصيف منذ مدة وجيزة خير شاهد..ورغم كلّ هذا ما تخلّى الشّاعر الجزائريّ عن وطنه وما تجرّد من رسالته الاجتماعيّة، فهو يحيا مع الشّعب أفراحه وأقراحه ويخلّد بحروفه بصماته هنا وهناك.. لماذا؟

بكلّ عفويّة لأنه يكتب الصّدق بقلب صادق وحرف صادق، يكتب المجتمع بعين المجتمع وقلب المجتمع، داعيا إلى الحقّ والخير والحبّ والجمال"..

فما احوج الشعراء إلى أن تلتفت إليهم وزارة الثفافة بل الدولة الجزائرية فتطبع دواوينهم وتأخذ بأيديهم ماديا ومعنويا أليس هم منارات جمالية تضيء في سماء الوطن؟

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

في المثقف اليوم