أقلام ثقافية

الأمل بمذاق السم

على مصطبة اليأس جلست طويلا ً بإنتظار أن يطل الأمل. حقيقة لم أكن آمل دعوته لبيتي , فلا بيت لي ولا أمل لي بقبوله دعوتي تلك. عجبت لمن يود أن يربي الأمل وكأنه حيوانه الأليف أو غصن الزيتون بحاجة إلى غرسه في التربة وسقيه بماء ٍ أو دموع. الأمل يصحو حين يكون الناس نياما ً. يخرج متأنقا ً عطره يفوح يمشي يتبعه الحالمون دون أن يرأوه. أنا لمحته مرة ً كان على غير ما توقعه الكثيرون أنثى متغطرسة ومتباهية بجمالها مهمتها في الحياة تنسج الشباك لتغوي اليائسين تسقيهم خمرة ً لها مذاق العسل ومفعول السم. من يتجرعه مرة ً واحدة ً يدمن عليه. يخدعنا الأمل وهذه هوايته المفضلة الخداع. تحت ظل شجرة نتعثر به يعرف سيماء الحائرين ونشفق عليه نظنه امرأة مشردة تبحث عن مأوى وكسرة خبز ٍ. نسندها على أكتافنا ونسقيها جرعة خمر ٍ وما تيسر من طعام ٍ ورفقة ٍ طيبة ٍ تأكل بنهم ٍ وتجرع آخر قطرة خمر ٍ ثم تغط في نوم ٍ عميق ٍ.

نقول ثمة أمل أن تستفيق تستعيد وعيها وعافيتها وتتلطف معنا كما تلطفنا. نصحو من النوم وحيدين والمرأة غادرت آخذة معها ذلك الأمل الحلو بطعم العسل ومفعول السم. الأمل تنتظره ويذهب إلى غيرك , آخر لم يعرف الحيرة ولا التلهف ولا ينقصه شيء. سأنتظره بقية عمري لو كان السراب. ستأتي لننجو معا ً من اليأس. كثورة في قلب فتاة ٍ فتى يبحث عن وطن. كفكرة تولد يتيمة ً ثم تكبر حتى تصبح أغنية ً أو ترنيمة ً لأمهات الشهداء يسرن في مظاهرة ٍ ويصدحن عراق عراق ليس سوى العراق حتى آخر قطرة دم ٍ تنزفها وردة تشرين. يجلس الحياديون خائفين

الموظف بثيابه الأنيقة وسيارته موديل الحديث يتأفف من الوقت وزحمة السير. لن يخسر الراتب الشهري والرشاوى. وطني الكرسي الذي أجلس عليه ليذهب العاطلون باحثين عن وطن. يقول لصاحبته ساخرا ً ويدفن رأسه في الوظيفة.

***

علوان حسين

في المثقف اليوم