أقلام ثقافية

سفر في عوالم الفنانة التشكيلية علياء درويش شريف

الفن.. هذا الذاهب الى الجوهر والكامن في الذات.. هذا الآخذ بالمهج كالحب تماما على عبارة ابن الفارض الشعرية".. وخذْ بقيَّةَ ما أبقيتَ من رمقٍ لا خيرَ في الحبِّ إن أبقى على المُهجِ.."..الفن في أحواله التي هي لعبة الوجد والدواخل التي ذهبت في سفرها المفتوح على الأكوان والألوان والأشياء.. والدهشة..

ثمة هيام وبهاء أينع من قلب الكائن وهو ينظر للتفاصيل يرتجي شيئا من تفاصيل معتقة بفعل الزمن لم تزدها العهود والأزمنة غير تجدد ولمعان لتقوى العبارة التشكيلية وهي تدعو معانيها من تفاصيل كثيرة حيث الوجوه والنقوش والنظرات والزخارف والأحوال في تجليلتها..

انها متعة الفن في استعادة ما به يتجدد الكلام وهو ينتج لحظاته الضاربة في أعماق الزمن فكأن الماضي صنع حاضر مزهو بما يشبه الحلم والوله والذوبان في عنفوان حالات الوجد والأخذ والانجذاب..مثل ملا يصدر عن طقوس حلقات الدراويش وقد انهمكوا في مشهدياتهم المعهودة..4458 علياء درويش

من هنا تبرز الصورة بحالاتها الشتى وما يطرأ عليها فنيا وجماليا وسرديا وفق التعاطي الفني معها والتصرف الجمالي في حيثيات قولها باعتبارها حمالة نص يأتي عليه الفنان ليضفي عليه نصا آخر اكتمالا وتفاعلا وتجديدا وحنينا واستذكارا وتجديدا حيث لا مجال لغير الفن ينشئ ظلاله الجميلة مثل فراشات من ذهب الأزمنة..

"..ها هي الألوان../ تفشي شيئا من ظلالها / تعلي من شأن القول حبا وحنينا../ حيث الزمن والأمكنة عناصر حب وخروج الى رحاب اللغة الأخرى../ وجوه تكمن في القديم الحاضر / ووردات من افريقيا وقد أينع الجب فيها../ ها هي اللغة تكمن في شواسع القلب وهو يحصي حكايات العشق والحب الدفين../ يحدث هذا في حضرة الجمال/ حيث أمكنة تسعد في عليائها / لتمضي العيون في قول باذخ وفق فن ونشيد../ هي لعبة الطفلة تثقب بالنظر صورا قديمة../ لتطلق صورتها في الغناء الجديد..

نعم.. انها متعة الفن في استعادة ما به يتجدد الكلام وهو ينتج لحظاته الضاربة في أعماق الزمن فكأن الماضي صنع حاضر.. تتنوع أعمالها الفنية لتبرز بجمالية مخصوصة عملت عليها الفنانة علياء حيث تلتقي حالات ومناخات وأزمنة في سياق من التراث الثقافي التونسي في ضروب من الزخرف وبهجة الحرف الزينة المبثوثة في فضاء اللوحة.

هكذا نمضي مع سفر مختلف..مع عوالم فنانة هامت بالفن عنوانا وحلما وتقصدا لما به تسعد دواخلها المفعمة بالأمل..بالفرح..و بالحب وهي تقول "..الفن يفيدنا: إنه يجعلنا نقع في الحب!.." والوقوع هنا حاصل حيث يستبد الفن بالذات المحبة لياخذها على نحو من الرغبة في هيجانها الناعم والجميل على الماضي الحاضر..

هي عوالم الفنانة التشكيلية علياء درويش شريف التي تخيرت الفن في نهج متناغم مع رؤيتها حيث اللوحة عندها عمل فني له قول وحياة وسردية مفتوحة تجاه الآخرين والعالم.. والذات.. ذاتها هذه المأخوذة بالحنين والحب والذاكرة.

و الفنانة علياء درويش شريف، فنانة تشكيلية من مواليد 1969 نشأت في تونس. سنة 1991، حصلت علياء على درجة الماجستير في التصميم الداخلي، وفي عام 1997 على الدكتوراه في تقنيات العلوم في الفنون. تدرس تصميم الأزياء لأكثر من 20 عامًا وشاركت في العديد من المعارض الجماعية في تونس منها.. متحف باردو، ومعرض آلان نادو، ومعرض مسك وعنبر، ومعرض البيرو، ومعرض إيفيستو، ومعرض لو كاب، ومدينة الثقافة التونسية.. وأيام الفن المعاصر في مدينة الثقافة كفنانة و/ أو أمين معرض.

كما كانت لها معارض فردية على غرار معرضها الشخصي برواق Musk Amber & Gallery تونس، خلال سنوات 2018 و2019، و2021 والمعرض الجماعي Imaginarium، في معرض الصور بكامدن في لندن سبتمبر 202..

من أعمالها الفنية نذكر لوحة وهي صورة لامرأة من قبيلة ouled nails  "..صورة لامرأة من قبيلة ouled nails تصوير لينرت ولاندروك. في عام 1905 انتشرت صورة هذه "القبرة الساذجة" كما أطلق عليها المستعمرون الفرنسيون على نطاق واسع في فترة الاستعمار وحتى فترة ما بعد الاستعمار، وتنازع تونس والجزائر وحتى ليبيا على ملكية هذه البطاقة البريدية. قد يكون هذا بسبب حقيقة أن اللقطات التي تم التقاطها بواسطة Lehnert وLandrock تحتوي أحيانًا على عدة تسميات توضيحية لنفس البطاقة البريدية. على سبيل المثال، يتم ترجمتها إلى الإيطالية، وبالتالي تحويل، على سبيل المثال، عارضات الأزياء التونسيات إلى فتيات ليبيات للجنود الإيطاليين.البطاقة البريدية هي لقطة مقرّبة لصورة هذه الفتاة الصغيرة. تم قصها وتأطيرها، وانتزعت من سياقها. ومع ذلك، فإننا نتعرف عليها بفضل الأسطورة (الفتاة التونسية، أو Ouled nails Algeria، أو nella libia italiana، danzatrice araba..) ولكن أيضًا لمجوهراتها ووشمها النموذجي لقبيلة أولاد nails هذا الظفر الصغير هو جزء من من قبيلة صحراوية حيث تبيع النساء المحبوبات خدماتهن الجنسية من أجل جمع المهر.المجتمع الأصلي، بعد التفاوض على الجنس. تمت دعوتهم للرقص في حفلات الزفاف والختان وتنقلوا بحرية في منازل محترمة ولم يتعرضوا للوصم بأي شكل من الأشكال، وبمجرد أن جمعوا المال مقابل مهرهم، عادوا إلى قبيلتهم للزواج.."..كما تشير الفنانة علياء الدرويش لوحة فينوس بالقول "..لوحتي "فينوس بكل ولاياتها" خضعت للرقابة وأزيلت قبل دقائق قليلة من افتتاح معرض "في انتظار الزهرة".

مع علامة في أحد الشوارع "الحكومة لا تعرف الحب"، وقد طلب مني إزالة كلمة "حكومة" وإلا تزال رسوماتي.."..كما كانت لعلياء تجربة مع النسوة الافريقيات من خلال معرض "IFRIQIYETTES"، وهو المعرض الشخصي الأول لها..تنوعت عوالم الخيال لديها لتتعدد الأسماء ونجد زنوخة، محبوبة، بيا، عربية، بخطة، قمار، عتكا، تفاحة.. الأسماء.. تنبع من خيالها وفق تقنيات بطاقات بريدية مع الرؤية الفنية التي تضفي عليها طابعا جماليا… وقد عرضت الفنانة علياء في أكتوبر في لندن في معرض جماعي للتنديد بدعاية المستعمر الفرنسي من خلال البطاقة البريدية.

تجربة فنية تنزع نحو الاختلاف قولا بالفن يؤلف عباراته بين الأزمنة قديمها وراهنها وفق حالات من شاعرية النظر والبحث والسعي للتفرد حيث اللوحة مجال سرد وتأويل.

***

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم