أقلام ثقافية

بداياتهم: الشاعر يحيى السماوي

يقول الشاعر يحيى السماوي:

فيما يتعلق ببدايات حبوي على رصيف الشعر ومصادره، فإن المصدر كان حكايا والدي رحمه الله في ليالي الشتاء في بيتنا الطيني وما يتخلل تلك الحكايا من شعر أفهم قليله وأجهل كثيره، لأجدني بعد ذلك أقرأ ما استطعت من ديوان المتنبي والمعلقات وبضعة كتب أخرى من بينها نهج البلاغة.. كتب لا يتعدى عديدها أصابع يديّ، فبدأت تقليد ما أقرأ بأبيات ساذجة لكن والدي كان يبالغ في مدحها، حتى حدث الإنقلاب الكبير في حياتي عندما طلب منا مدرس اللغة العربية الأستاذ شمخي جبر ـ في الصف الثاني متوسط ـ كتابة موضوع في درس الإنشاء والتعبير عن بيت النابغة الذبياني:

لا مرحبا بغدٍ ولا أهلا ً به

إنْ كان تفريقُ الأحبة في غدِ

فوجدت نفسي أمضي الليل مع أكثر من ورقة بيضاء محاولا نسج بضعة أبيات على نسق بيت النابغة الذبياني، حتى إذا غفت آخر نجمة وبدأت الشمس تفرك أجفانها، كنت قد كتبت ثمانية أو تسعة أبيات .. حين قرأتها في الصف صفق لي المدرس وأعطاني درجة كاملة، ولم يكتف ِ بذلك فطلب مني قراءتها خلال الإستراحة في غرفة المدرسين، ومن ثم أهداني في اليوم التالي كتاب النظرات للمنفلوطي وديوان معروف الرصافي على ما أتذكر، وبعد مضيّ بضعة أيام وجدت أبياتي ـ رغم سذاجتها ـ تتصدر النشرة الجدارية التي يشرف على تحريرها طلاب الصف الخامس، لكن المفارقة أن هذه القصيدة تسببت في تعرضي للصفع من خالي " رسول " رحمه الله لاعتقاده أنني كتبتها تغزلا بإحدى بنات جيراننا .. كانت الأبيات ساذجة أتحدث فيها عن جمر الشوق وعن طعم القبلة الأولى وعن نهدين متوثبين مثل صقرين يكادان يمزقان القميص ليحلقا نحو شجرة يديّ .. أتذكر منها:

لا خيرَ في عيشي إذا محبوبتي

بعدتْ ولم تعطف عليّ بموعد ِ

صافحتها عند المساء فأشرقتْ

شمسٌ وجاء النجم يسكر من يدي

يا حلوتي لا ترحلي فمدينتي

لولاك ما كانت نشيدَ المنشد ِ

***

راضي المترفي

 

في المثقف اليوم