أقلام ثقافية

العتعت.. ما هو؟

ليلة أمس جالست صديقا ممن يهتمون بالشعر الشعبي ودار بيننا حديث طويل وفي أثناء الحديث سألني عن سبب تسمية (الدارمي) بغزل النساء أو شعر النساء فأخبرته برأيي الشخصي وليس المتداول وقلت في الزمن الماضي كانت السطوة في الشعر الشعبي للابوذية وكان هذا النوع من الشعر مختصرا غالبا على الرجال وكان يقابله عند النساء (النعي) وهو أيضا يتألف من ثلاثة اشطر وقفل لكنه غير ملتزم تماما بجناس الابوذية ويستخدم عادة عند الفقد أو في البعد أو العتب وكان حكرا عليهن ويعاب الرجل أن نظمه أو انشده كما يعاب على الرجال البكاء في المواقف الصعبة واشتهرت ناعيات في أماكن كثيرة حتى ضرب بهن المثل وقد تكون (فدعه بنت علي الصويح) اشهرهن والنعي هو أحد روافد التعزية الحسينية لذا ابتكرت امراة هذا النوع من الشعر واطلق عليه اسم (الدارمي) وليس مهما ان يكون اسمها (مي) ونسب الى دارها او انها تميمية من دارم المهم ان الدارمي اتاح للنساء بث لوعتهن وتنهداتهن والبوح بمعاناتهن واخبار الحبيب والمقصود من خلال هذه الرسالة (الدارمي) والتي لا تتعدى البيت الواحد من الشعر ودارمي النساء يقابل شعر الرجال الابوذية.. تقول احداهن.. (هزيته واهتزيت واهتزت اعضاي شميته واشتميت بيه ريحة اهواي) أما الابوذية فهي شعر الرجال الأول يضمنونه فخرا وحماسة ونسيبا وحتى تشببا بالحبيبة وقد يستخدم كرسالة وبرع فيه الكثيرون ربما اشهرهم في الزمن الماضي (العبادي) وابنه حسين والذي كانت في زمنه الابوذية تسمى (العبوديه) نسبة له ودون هذا البيت على انه الأول في هذا النوع من الشعر.. (عيوني عمن يبن امي على الراح ابو ريج اليميزونه على الراح مثل ماثبتن الخمسه على الراح ثبت حبك بكلبي للمنيه) وعندما توفي العبادي حمل ابنه (حسين) اللواء من بعده وله بيت جميل يتداوله عشاق الابوذية وينشده المطربون.. (ادك اتيول متعهد مردهن اجلاي برمشة عيونه مردهن يوادم جان العبادي مردهن توفى وذب طلايبهن عليه) وتناقل حمل لواء الابوذية شعراء كثيرون حتى وصلت الراية في زماننا المعاصر إلى (ابو معيشي) الناظم الذي طبقت شهرته الآفاق وتغني الكثيرون بما نظم ولازالت أبياته يتداولها السمار في مجالسهم ويترنم بها العشاق ويرددها المطربون ويستشهد بها الآخرون وبين زمن العبادي وزمن ابو معيشي برز الآلاف من ناظمي الابوذية وضمنوا ابياتهم احسن الحكم وأعلى الفخر وأجمل الغزل وأدق الاغراض ولم تخفى اغراض الابوذية على اللبيب المطلع لكن ما اتعبني ليلة أمس هذا البيت الذي حفظته في الطفولة ولم اهتدي لمعناه حتى المشيب مع اني فككت أغلبه لكن شطرا واحدا بقى عصيا حتى اليوم.. يقول البيت المذكور.. (لها عين المها وركبه بهايوز صدت شافت العتعت بهايوز شفت بكشه على صدره بهايوز السفرجل والطرنج بوسط ميه) الناظم في الشطر الأول يصف تلك المرأة ويقول لها عين غزال ولها رقبة طويلة احاطتها بزوج من القلائد وفي الشطر الثالث يصف صدرها ويشبهه بصرة ملونة اعتمادا على لون ثوبها ويفقل التشبيه بوصف النهدين وتشبيههما بفاكهتي السفرجل والنارنج من حيث الرواء والحجم والتصاقهما بجذعها لكن أقف عاجزا عن فهم ماقصده في الشطر الثاني.. (صدت شافت العتعت بهايوز) واتسائل ماهو (العتعت)؟ هل هو نبات تبحث عنه؟ أو شامت أو زوج ربما؟ لأنه لمح من خلال وصف نهديها أنها ليس عذراء أو صبية وماذا تعني كلمة (بهايوز) التي جعلها جناسا لبيته؟ هل هي مكان؟ أو شيئا آخر؟ اتمنى ان اجد بين القراء من يخرج هذا المعنى من قلب الشاعر.

***

راضي المترفي

 

في المثقف اليوم